نجاحات إدارة بوش في مكافحة الإرهاب «تتعثر» وسط اتهامات لها بالمبالغة

دراسة تحذر من عدم استعداد الولايات الأميركية لمواجهة هجمات بيولوجية

TT

واشنطن ـ رويترز: بعض القضايا التي حظيت بتغطية اعلامية واسعة ووصفت ذات يوم بأنها نجاحات كبيرة في حرب الولايات المتحدة ضد الارهاب الدولي، تعثرت في وقت لاحق مما دفع بعض النقاد الى التساؤل اذا كان المسؤولون قد بالغوا في نجاحها في المقام الاول. فقبل اشهر تم تسليط الضوء على قضايا مثل قضية اعتقال خوسيه باديلا المشتبه في محاولته تفجير قنبلة قذرة في الولايات المتحدة واعتقال الواعظ الاسلامي جيمس يي في قاعدة غوانتانامو بتهمة التجسس وتطوير نظام الانذار من الارهاب باستخدام الوان شفرية يشير كل منها الى مستوى انذار معين ونظام تسجيل الاجانب، غير ان جميع هذه القضايا تعثرت على نحو ما منذ الاعلان عنها وسط احتفالات صاخبة في حينها. كما يشير المنتقدون الى التحقيقات الواسعة والعدد الكبير من الاعتقالات بعد هجمات 11 سبتمبر (ايلول) عام 2001 التي ادت الى ادانة عدد صغير جدا فيما يتعلق بالارهاب. وقالت لوريتا سانشيز العضو الديمقراطي في مجلس النواب عن ولاية كاليفورنيا وعضو اللجنة الخاصة للامن الداخلي بالمجلس لرويترز «بالتأكيد اعتقد ان هذه الادارة جيدة جدا في المؤتمرات الصحافية فيما يتعلق بالامن الداخلي». واضافت «معظم هذه القضايا في رأيي كانت محاولات مفضوحة لاظهار النجاح». وتقييم مدى النجاح صعب في الحرب ضد الارهاب، ويؤكد محللون انه يمكن كبحه فقط وليس هزيمته. ويقول مسؤولون ان عدم وقوع هجمات على الاراضي الاميركية منذ 11 سبتمبر (2001) يبين ان استراتيجيات مكافحة الارهاب تحقق نجاحا حتى اذا كانت بعض الجهود لم تؤتي الثمار المرجوة منها. وقال مارك كوراللو المتحدث باسم وزارة العدل في بيان ان «استراتيجية هذه الادارة بمنع الارهاب ساعدت في حماية الاميركيين على مدى عامين، والتزامنا بمنع وقوع هجمات اخرى على الاراضي الاميركية لم ولن يتراجع».

لكن المنتقدين وكثيرا منهم وليس جميعهم ديمقراطيون تنتابهم الشكوك في صحة الصورة المميزة التي تقدمها ادارة الرئيس جوج بوش في مجال مكافحة الارهاب. وقال تشارلز بينا المحلل بمعهد ليبيرتاريان كاتو ان «الادارة تعمل وفقا لشعار شركة «نايك» للادوات والملابس الرياضية وهو افعل شيئا فحسب»، مشيرا الى ان الادارة تفعل اي شيء يمكن ان يفهم على انه حرب ضد الارهاب. وأعلن جون اشكروفت وزير العدل الاميركي بنفسه في يونيو (حزيران) عام 2002 ان باديلا اعتقل للتخطيط لاستخدام قنبلة قذرة وبعد 18 شهرا مازال محتجزا باعتباره «مقاتلا من الاعداء» لكن لم يوجه اليه اتهام، واثار القضاه تساؤلات بشأن قضيته التي ينظر اليها الان باعتبارها انتهاكا لمبادئ الدستور الاميركي. اما يي فقد تم اعتقاله في سبتمبر في اطار اتهامات تجسس. ووجه اليه الاتهام في نهاية الامر في عدد من الجرائم الاقل خطورة ولا يتعلق أي منها بالتجسس. وبالمثل، طرحت الحكومة نظام الانذار بالوان شفرية في عام 2002 لمساعدة الاميركيين على الاستعداد بطريقة أفضل لأي هجمات في المستقبل. لكن وزير الامن الداخلي توم ريدج اعترف بقلقه بشأن مصداقية هذا النظام واكد مؤخرا انه يجب تعديله.

وفي اوائل هذا الشهر قالت الحكومة ايضا انها ستلغي جزئيا القيود المثيرة للجدل التي فرضت على الزوار الاجانب قائلة انه يمكن استخدام موارد مكافحة الارهاب في مجالات اخرى افضل.

ويقول المنتقدون ان هذه النماذج يمكن تطبيقها ايضا في مجالات اخرى مثل الامن البحري وبرامج المخابرات التي قدمت وسط دعاية ضخمة لكنها لم تحقق نجاحا حقيقيا لتعزيز أمن الولايات المتحدة. وقالت النائبة كارولين ماهوني من نيويورك التي ترأس لجنة مهام الامن الداخلي للحزب الديمقراطي بمجلس النواب اننا «نحتاج الى ما هو اكثر من الشكليات».

ويقول مسؤولون اميركيون ان المنتقدين يقولون جانبا فقط من الرواية بالتركيز على بضعة امثلة للمصاعب ويتجاهلون التقدم في مجالات اخرى أو التطوير الذي يتحقق من وراء الكواليس. وقالت متحدثة باسم اللجنة الخاصة للامن الداخلي بمجلس النواب التي يرأسها كريستوفر كوكس ان الانتقاد له اثار عكسية. وقالت «في الامور التي على هذا القدر من الاهمية لسلامة الاميركيين النوع الوحيد من الانتقاد المفيد هو النقد البناء». وقال دبلوماسي اوروبي في واشنطن ان المبالغة في الانجازات واضحة لكنه ليس جهدا متعمدا لتضليل الشعب. وقال «ان الحكومة الاميركية تتعرض لضغوط كبيرة لاعطاء نتائج ناجحة».

وتأتي تلك الانتقادات في الوقت الذي حذرت فيه دراسة جديدة من ان معظم الولايات الاميركية غير مستعدة لاي هجوم ارهابي بالمواد الكيماوية او اي حالات طوارئ صحية عامة رغم زيادة المخاوف من مثل هذه التهديدات. وقال شيلي هيرني المدير التنفيذي لجماعة «ترست فور اميركا هيلث» التي اجرت هذا الاستطلاع «هل نحن مستعدون ام لا.. الاجابة لا.. حان الوقت لان نصبح جادين بشأن تطوير اسلوب لمواجهة كل الاخطار على الصحة العامة لضمان استعدادنا لسلسلة من التهديدات المحتملة التي نواجهها». وبعد اكثر من عامين من سبتمبر في الولايات المتحدة وارسال خطابات تحمل بكتيريا الجمرة الخبيثة القاتلة لم تنفذ سوى تسع ولايات فقط من بين الولايات الخمسين اكثر من ستة من بين عشرة اهداف للتأهب وضعتها لجنة استشارية للمسؤولين السابقين والحاليين عن الصحة العامة. ولم تنفذ واشنطن العاصمة والتي يعتقد انها احد الاهداف الرئيسية لهجمات محتملة سوى ثلاثة من الاهداف العشرة للاستعداد للهجمات.

ومن بين الاهداف التي يتم تقييم الولايات على اساسها انفاق 90 في المائة من الاموال المخصصة في الميزانية الاتحادية لعام 2002 للاستعداد لمواجهة الهجمات البيولوجية وما اذا كانت الولايات تملك مختبرا واحدا على الاقل مجهزا لمواجهة العناصر البيولوجية الخطيرة.

وقال هيرني ان ثلثي الولايات خفضت الانفاق على الصحة العامة وسط مشكلات خطيرة في الميزانية. وعلاوة على ذلك فان ولايتي فلوريدا والينوي فقط هما اللتان يوجد بهما عدد من الممرضين والاطباء والصيادلة الذين يعملون بالسلطات الفيدرالية والذين يعتبرون ضرورين لاستقبال وتوزيع المضادات والامدادات الطبية في كل انحاء الولاية في اي حالة طوارئ.