قمة المعلومات: طموحات كبرى تسفر عن إعلان مبادئ هزيل وغامض

TT

جنيف ـ أ.ف.ب: بين الخطابات الرتيبة والحضور الضئيل والتصريحات الفارغة والغاء عدد كبير من رؤساء الدول الغربية حضورهم، فان القمة العالمية لمجتمع المعلومات والتي كلفت دافعي الضرائب السويسريين عشرة ملايين يورو، اثارت الكثير من الضجة بينما جاءت النتائج هزيلة. اذ انكب حوالي 11 الف مندوب من 175 دولة و663 منظمة غير حكومية و111 شركة خاصة و72 منظمة دولية على مدى ثلاثة ايام على دراسة سبل تضييق «الهوة الرقمية» التي تفصل بين الشمال والجنوب، غير ان القرارات كانت اتخذت مسبقا خلال اجتماعات تمهيدية ادت الى تمرير اعلان مبادئ وخطة عمل من اجل تنمية تقنية المعلومات والاتصال في الدول الفقيرة من دون ان توافق الدول الغربية على وضع آلية تنفيذية لتمويل ودعم مشروعات الاتصال في الدول الاكثر فقرا في العالم.

وتتضمن نصوص الاعلان الختامي كمية من الصيغ الغامضة او الملتبسة، كما انها تؤجل مسألة التمويل الجوهرية. ولم يبق للخطباء الذين تعاقبوا على المنبر الرسمي، من مندوب الفاتيكان الى المندوب الصيني، سوى ان يرصفوا العبارات الفارغة حول الثورة التي احدثتها شبكة الانترنت لملء الدقائق الخمس المخصصة لكل منهم، مما اسفر عن 27 ساعة كاملة من الخطابات في جلسات عامة حضرها الف صحافي. وذكر المندوب الكوبي ريكاردو الكارون بان «الانسان حقق مكاسب بالغة الاهمية على صعيد العلوم والتكنولوجيا منذ بدء التاريخ»، فيما اكد المندوب الاميركي جون نغروبونتي بثقة ان «تقنية الاعلام والاتصال هي مفتاح مستقبل مزدهر لجميع الامم». وقال رئيس الوزراء جان بيار رافاران «لم يعد المطلوب ان نحلم بل ان نبني». وخرج مندوب اسباني مرهقا من قاعة المحاضرات بعد جلسة خطابات وقال «انه امر شاق. مجرد كلام فارغ يتكرر». واضاف «ارجو ان توضع خطابات هذه القمة موضع التنفيذ». وقال فرانك مورغان رئيس الجمعية الدولية للبحث في الاعلام والاتصال وهي منظمة غير حكومية ساخرا «يخيل للواحد انه الخطاب نفسه يتلوه جميع رؤساء الدول». واضاف «ما يقولونه صحيح، لكنني لا ادري ان كانوا يفهمونه». لكنه اعتبر رغم ذلك ان الارادة السياسية المعلنة خلال القمة «تبقى افضل من لا شيء».

ونشرت مجموعة من المنظمات غير الحكومية اعلانا ختاميا بديلا نددت فيه بـ«تحويل الاعلام والمعلومات الى سلع خاصة يمكن السيطرة عليها وبيعها وشراؤها مثل مواد اولية». اما الدول النامية التي كانت تنتظر من الشمال التزامات مالية، فخابت آمالها اذ ارجئت القرارات الملموسة الى المرحلة الثانية من القمة المقرر عقدها في تونس عام 2005. وقال وزير الاعلام الهندي ارون شوري «ارجو حين يجتمع هذا المؤتمر مجددا في تونس الا نهدر الوقت في وضع الاعلان الجديد بل ان ننظم انفسنا منذ الآن حتى نتمكن من الاحتفال بانجازات حقيقية». واعتذر قادة دول الشمال الكبرى الواحد تلو الآخر عن الحضور بعد ان اشارت التوقعات الى عدم تحقيق نتائج ملموسة. ومن اصل سبعين رئيس دولة وحكومة اعلنوا مشاركتهم اساسا، وحدهم 40 رئيسا حضروا الى جنيف.

ورأت العديد من المنظمات غير الحكومية مثل مراسلون بلا حدود ان القمة شكلت منبرا لانظمة متسلطة مثل الصين وكوبا وتونس، تقمع على ارضها حرية التعبير ولا سيما على الانترنت.

وقال امين عام مراسلون بلا حدود روبير مينار ان «هذه المهزلة لن تحسن اطلاقا مصير الاشخاص الذين يكافحون من اجل ان يتمكنوا من استخدام الانترنت لما هو في مصلحة الديمقراطية».