موسى: لا نستطيع الحديث عن الديمقراطية ونتجاهل سياسة أميركا المنحازة لإسرائيل

أمين عام الجامعة العربية: اتفاق جنيف خطوة لا بأس بها والمصلحة العربية تقتضي ألا ننعزل عن العراق

TT

حذر الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى من خطورة التهديدات الاسرائيلية لسورية وقال ان منطقة الشرق الأوسط هي الآن على وشك الانفجار وان الاعتداء على دولة عربية سيكون هو الشرارة التي قد تؤدي الى اندلاع النار في كل مكان. واعتبر موسى في حديث لـ«الشرق الأوسط» ان تبني مجلس الامن للمشروع الروسي لدعم خطة «خريطة الطريق» هو قرار مهم، واعتبر اتفاق جنيف الفلسطيني ـ الاسرائيلي امرا لا بأس به.

* ما يجري في العراق حاليا يشغل الرأي العام والدول العربية فما هو موقف الجامعة العربية مما طرح اخيرا حول انتهاء الاحتلال الاميركي في يونيو (حزيران) مع الابقاء على قوات الاحتلال؟

ـ هذا الوضع يجب ان تتخذ فيه كافة الدول العربية قرارا وهذه القضية الآن هي محل مشاورات ونقاش لتحديد الموقف الذي يمكن ان تجتمع عليه الدول والسياسات العربية ازاء الطرح الجديد الموجود في العراق وكذلك ازاء الموقف المستقبلي هناك. ونحن نرى ان كل احالة للسلطة للعراقيين هي عمل ايجابي ويجب ان يكون الامر واضحا بالنسبة لنا، فنحن نتحدث عن استعادة السيادة وانهاء الاحتلال وانسحاب قوات التحالف واعادة الاعمار، ودور الامم المتحدة في كل ذلك.

* الولايات المتحدة غير راضية عن الموقف العربي في العراق، وكانت تود ان يكون هناك تعاون عربي معها.

ـ أي تعاون تقصد.. ان نرسل قوات احتلال نحن ايضا؟ هل هذا معقول؟ انما ان نتعاون في اعادة السيادة وانهاء الاحتلال فهذا معقول ومقبول، والامر يتوقف على ما يطلبه العراقيون وتباركه الادارة الاميركية.

على حد علمي لا يوجد مثل هذا الطلب، والدول العربية التي قد يطلب منها ارسال قوات الى العراق ملتزمة بالقرار العربي الرافض لارسال قوات عربية الى العراق، بالاضافة الى ان هناك قرارا عراقيا واضحا بأنهم لا يريدون قوات من دول الجوار، وعلى كل فالموضوع غير مطروح بهذا الشكل.

* هل قبول الجامعة العربية التعامل مع مجلس الحكم الانتقالي في العراق ينسجم مع ميثاق الجامعة العربية بخصوص وجود قوات اجنبية على اراضيه؟

ـ نعم العراق دولة تحت الاحتلال ولكنها دولة عربية وعضو في الجامعة العربية، كما ان هناك اموراً سياسية مطلوبة خاصة ان المصلحة العربية تقتضي الا ينعزل العرب عن العراق والا انعزل العراق عن الجامعة العربية، وعن مجموع العالم العربي، وكان واضحا ان هناك مساعي كثيرة لابعاد العراق عن محيطه العربي، ومشاركته في سياسة المنطقة ومشاكلها، ومن هنا فان القرار الذي اتخذه مجلس الجامعة العربية بالتعامل مع مجلس الحكم الانتقالي في العراق هو قرار سليم تماما ولصالح المصلحة العربية وليس لصالح احد اخر.

* كثرت في الايام الاخيرة التهديدات الاسرائيلية ضد سورية فهل تنظر الجامعة العربية الى هذه التهديدات بجدية؟

ـ لا يصح ان نأخذ الامور بخفة لأي من عناصر النزاع العربي ـ الاسرائيلي، ولذلك فقد كانت هناك اتصالات وتنسيق عربي ولا تزال هذه الاتصالات والتنسيق مستمرة، وانا اعتقد ان العالم العربي وبالتحديد منطقة الشرق الأوسط لا تتحمل اكثر مما هو حاصل لانها على وشك الانفجار نتيجة للغضب والاحباط الموجودين في المنطقة، واي شيء من هذا القبيل، اي الاعتداء على دولة عربية، سيكون هو الشرارة التي قد تؤدي الى اندلاع النار في كل مكان.

* هناك شبه اجماع لدى الرأي العام العربي ان الظروف الحالية هي اسوأ ظروف تمر بها الامة العربية فكيف الخروج من هذه الحالة؟

ـ الخروج يتم بأخذ موقف متضامن حقيقي من الدول العربية، اي بمعنى اذا تضامنت الدول العربية تضامنا حقيقيا فثق انه سيكون للمواقف والمطالب العربية ثمن، هذا هو الشرط الاساسي وغير ذلك لا يوجد حل آخر.

* ادخل رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون «خريطة الطريق» في نفق مظلم، فما هي الحلول المطروحة الآن وخاصة بعد وثيقة جنيف؟

ـ فيما يتعلق باتفاق جنيف والتقاء القوى السياسية التي تدعو الى السلام والى حل المشكلة سواء اسرائيلية او فلسطينية فهذا امر لا بأس به.

* حتى ولو كان يهمل حق اللاجئين في العودة؟

ـ انا اتحدث عن اللقاء وليس عن التفاصيل بالرغم من اهميتها، فاللقاء ممكن ان ينتج بالتدريج تفهما للمطالب العربية، اما فيما يتعلق بالاجزاء الاخرى من النزاع فقد وصلت الى طريق مسدود وخاصة عندما تتحدث «خريطة الطريق» فقط عن التزامات على العرب وليس عن التزامات على اسرائيل، تصبح غير ذات جدوى، و«خريطة الطريق» تدعو الى وقف الاستيطان ولا تسمح ببناء الجدار، وعندما يتوقف الاستيطان وبناء الجدار يصبح من الممكن الحديث عن احياء «خريطة الطريق»، اما اذا تم الاستمرار في ذلك فان هذه الخريطة تصير مشلولة.

* ما هو تعليقكم على تبني مجلس الامن للمشروع الروسي بدعم خطة «خريطة الطريق»؟

ـ هذا قرار مهم وتذكر ان رئيس الوزراء الاسرائيلي سافر الى موسكو منذ اسبوعين وأحد اهدافه اقناع روسيا بعدم المضي قدما في طرح المشروع على مجلس الامن وقد رفضت روسيا ذلك وأُبلغت في حينه بالموقف الروسي الذي ابلغته بدوري الى كافة الدول العربية.

وهناك ناحية ايجابية هي غياب الفيتو الاميركي هذه المرة، وهناك ناحية ايجابية اخرى تتعلق بالاجماع في مجلس الامن وما يعنيه ذلك.

ولكن هناك نواحي سلبية اهمها رفض اسرائيل لهذا القرار وهو ما صرح به ايهود اولمرت الوزير الاسرائيلي المتطرف والذي عبر فيما ارى عن رأي رئيس الوزراء شارون، فكيف سيكون موقف مجلس الامن من عدم الانصياع الى قرار المجلس؟ وكيف سيكون موقف الولايات المتحدة؟ أي ان المسألة يجب ان لا تتوقف عند ارتياحنا لعدم استخدام الفيتو، وانما يجب ان نكون اذكى من ذلك، فالأمر يتعلق بالموقف من الجدار والمستوطنات. وان لم يكن الموقف الاميركي حازما فلن يتوقف الاسرائيليون عن ارتكاب هذه المخالفات القاتلة لخريطة الطريق، ويصبح بالتالي قرار مجلس الامن ورقة اخرى تضاف الى سابقاتها غير الفعالة، ويصبح الاجماع بلا قيمة، وغياب الفيتو بلا رسالة ولا مضمون حقيقي.

* فتح خطاب الرئيس جورج بوش الاخير حول الديمقراطية في الشرق الأوسط الباب واسعا امام التساؤلات والحيرة حول حقيقة نيات الادارة الاميركية في فرض سيطرتها على العالم العربي، كيف تنظرون الى هذا الامر؟

ـ اذا كانت الولايات المتحدة ترى من وجهة نظرها ان منطقة ما في العالم تحتاج الى علاج او الى اجراءات ما، او الى سياسات جديدة فهي حرة في ذلك، كما انه من حقنا نحن ان نعلق على المشاكل الموجودة في العالم ونرى الامور حسب رؤيتنا، ونحن لا نستطيع ان نمنع رئيس الولايات المتحدة من الحديث عن توقعات او سياسات معينة خاصة في ظل الظروف الحالية. اما من ناحيتنا نحن فلا استطيع القول ان العالم العربي هو في احسن احواله، والحديث عن الديمقراطية لا يعتبر في حد ذاته تهديدا للدول العربية، وانما التهديد يأتي نتيجة ما يحدث من اختلاط كبير جدا للامور، ديمقراطية من ناحية واحتلال من جانب آخر وازدواج للمعايير من جانب ثالث، ومن ثم لا نستطيع ان نميز بين الغث والسمين. ومن هنا فلا نستطيع ان نقبل بالسياسة المنحازة لاسرائيل بهذا الشكل غير المسبوق، كما اننا لا نستطيع ايضا ان نرى العراق معتلا على هذه الصورة ثم نتفادى او نتجاهل الحديث عن هذين الامرين الخطيرين ونتحدث فقط عن الديمقراطية. لقد اصبح هناك انفصام فالرئيس الاميركي يتكلم في اتجاه ونحن نتكلم في اتجاه آخر. وانني اود ان اؤكد اننا كمواطنين في العالم العربي مقتنعون جميعا بضرورة تطوير العالم العربي وبسرعة وفي اتجاه الديمقراطية التي هي في صالح مجتمعاتنا ونمائها واستقرارها بالمعنى الحقيقي للكلمة.

* هل نعتبر ان هناك ترحيبا بالديمقراطية على الطريقة الاميركية من قبل الجامعة العربية؟

ـ انا لا اتكلم باسم الدول العربية كلها، وانما بصفتي عمرو موسى المواطن العربي، وانا لا استطيع ان افرض على احد الكلام الذي اقوله. لكنني اعتقد ان الدعوة الاميركية الى الديمقراطية في الشرق الأوسط لا يجب ان تكون في اطار التكتيك وهناك تساؤلات عديدة تفتح الباب بعد خطاب الرئيس بوش... فما هي هذه الديمقراطية في وقت تقوم فيه اسرائيل ببناء الجدار الفاصل ولا يوقفها احد، بالاضافة الى ان توقيت طرح هذه الدعوة في الخطاب دون حركة حقيقية نحو ردع المخالفات الاسرائيلية الخطيرة يؤثر فيها سلبا.

* ما هي ابرز الملفات التي سيتم بحثها في القمة العربية القادمة بتونس في شهر مارس (اذار) 2004؟

ـ الملفات العربية والقضايا التي ستطرح في القمة القادمة سيكون على رأسها ملف القضية الفلسطينية والمسألة العراقية بالاضافة الى العمل العربي المشترك، واعادة هيكلته بما في ذلك الاصلاحات المقترحة لمنظومة العمل العربي المشترك، والجامعة العربية، الى جانب الاهتمام بالواقع العربي الحالي من مختلف جوانبه.