معادلات صعبة في اعتماد الدستور الأفغاني وتأجيل اجتماع الشورى حتى غد

TT

اعلن مسؤول افغاني ان اجتماع مجلس الشورى الاعلى «لويا جيرغا» المكلف بالموافقة على دستور افغاني جديد تأجل من اليوم الى غد «بسبب تأخر وصول بعض المندوبين». وقال فاروق وارداك مدير امانة لجنة الدستور ان 50 مندوبا عينهم الرئيس حامد كرزاي في لويا جيرغا لم يصلوا بعد الى كابل. وكان من المفترض اصلا ان يعقد المجلس الاعلى للقبائل المؤلف من 500 عضو يوم الاربعاء الماضي لكنه اجل للسبب نفسه الى السبت. ومن المقرر ان يوافق المجلس في اجتماعه على دستور جديد لقيادة افغانستان لاول انتخابات حرة ويريد كرزاي ان يدعم المجلس نظاما رئاسيا قويا. لكن مندوبين كثيرين ـ سواء كانوا ديمقراطيين او اسلاميين او اتحاديين او من اي جماعات عرقية - يقولون انهم يريدون اجراء تعديلات على مسودة الدستور التي اقترحها كرزاي. ومع ان هؤلاء يتفقون على ان افغانستان «تحتاج الى حكومة مركزية قوية»، فإن كثيرا منهم يخشون من ان يفتح وجود رئاسة قوية الباب امام ظهور طاغية مثل الزعيم العراقي المخلوع صدام حسين. ويسعى 500 مندوب افغاني اعضاء في مجلس لويا جيرغا الى الاتفاق حول دستور يوفق بين الاسلام والديمقراطية بينما يهدد انصار طالبان والمقاتلون المناهضون للحكومة بنسف هذا الاجتماع. وبعد مرور 18 شهرا على انعقاد اول اجتماع للمجلس الذي تمخضت عنه رسميا حكومة انتقالية اسلامية، يبدأ النواب في كابل وسط اجراءات امنية مشددة مناقشاتهم حول الدستور الجديد. وتعتبر المصادقة عليه من اكبر رهانات الرئيس كرزاي علاوة على الانتخابات الرئاسية المقررة في يونيو (حزيران) 2004 لانهاء الفترة الانتقالية. ويلتئم المجلس في ظرف يتسم بانعدام متزايد للامن في جنوب وشرق البلاد حيث كثفت طالبان هجماتها ضد القوات الحكومية ورموز الوجود الغربي في حين تبقى فصائل المجاهدين المسلحة تسيطر على اللعبة السياسية. وهددت طالبان والمقاتلون المناهضون للحكومة بعرقلة عقد هذا الاجتماع وسط اجواء مشحونة بالخوف من وقوع اعتداءات. وتعود لوزارة الداخلية وبشكل خاص للجيش الافغاني الجديد المسؤولية الكبيرة في ضمان أمن مكان الاجتماع بمساعدة القوات الدولية للمساعدة على ارساء الامن «ايساف».

وسيناقش المندوبون تحت خيمة ضخمة من البلاستيك اقيمت في مقر معهد البوليتكنيك الذي رمم لهذه المناسبة، مشروعا رسميا رفعته اللجنة الدستورية الى السلطات الافغانية في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني). وتقترح الوثيقة، التي تحتوي على 160 بندا و12 فقرة، ان تكون افغانستان «جمهورية اسلامية مستقلة موحدة وغير قابلة للتجزئة توفق بين قيم الاسلام والديمقراطية الغربية». وتحدد الوثيقة النظام الرئاسي في شخص رئيس يتمتع بأغلب الصلاحيات وبرلمان يتكون من مجلسين احدهما «مجلس الشعب» يملك صلاحيات واسعة. وسيثير كل ذلك مناقشات ساخنة حول دور الشريعة الاسلامية ونمط النظام «برلماني او رئاسي» ودرجة استقلالية الولايات والضمانات التي ستمنح للاقليات العرقية والدينية والمساواة بين الرجل والمرأة. ويتوقع ان تدوم المناقشات عشرة ايام حسب توقعات الحكومة لكن يمكن تمديدها بقرار من المجلس.

ولن يجتمع النواب في جلسة عامة الا خلال الجلسة الافتتاحية وفي نهاية المناقشات لتبني الوثيقة النهائية. وستشكل عشر لجان عمل تتكون كل واحدة من خمسين عضوا ويحدد رئيس اللويا جيرغا القوانين التي ستسير عليها المناقشات. وسيتم انتخاب الرئيس بعد ظهر غد اثر الخطاب الافتتاحي وسيكون له دور حاسم في المناقشات. وسيشارك اعضاء في حركات المجاهدين في المفاوضات من موقع قوة. وهم يعتبرون مهندسي النضال ضد الغزو السوفياتي لافغانستان من 1979 الى 1989. الا انهم ايضا المسؤولون عن الحرب الاهلية من 1992 الى 1996، وكانوا ابرز الفائزين في انتخابات المندوبين. ومن المؤكد انهم سيحاولون مع المحافظين السيطرة على المناقشات لفائدتهم على حساب الاصلاحيين ومعسكر كرزاي. وقد بدأت بالفعل مساومات مكثفة خلف الكواليس.

واكد المنظمون ـ الامم المتحدة واللجنة الدستورية ـ انهم بذلوا قصارى جهودهم للحد من التدخلات الخارجية وتجنب تكرار الاخطاء التي وقعت في يونيو 2002 وجعلت من اللويا جيرغا مجرد غرفة تسجيل لقرارات الحليف الاميركي الذي لا مناص منه.