فشل قمة بروكسل في الاتفاق على أول دستور للاتحاد الأوروبي

فرنسا تحمل بولندا مسؤولية الفشل وألمانيا ترفض حلا وسطا ولا موعد لمفاوضات جديدة

TT

اعلن مسؤول في الرئاسة الايطالية للاتحاد الأوروبي أن زعماء الاتحاد الأوروبي فشلوا أمس في التوصل الى اتفاق على اول دستور للاتحاد، وذلك بعد وصول النقاشات حول نظام التصويت في المجلس الاوروبي الى طريق مسدود بالرغم من الجهود المتواصلة التي بذلتها الرئاسة الايطالية. واضاف المسؤول ان الزعماء الاوروبيين اتفقوا على اصدار بيان يوضح الانجازات الاخرى التي تحققت خلال قمتهم التي استمرت يومين.

وذكرت مصادر من الرئاسة الايطالية ان المفاوضات بشأن الدستور التي تحطمت على صخرة خلافات، لم يتسن حسمها فيما يتعلق بنظام التصويت، ستؤجل لكن ليس هناك جدول زمني محدد لاستئنافها. واشارت المصادر الى ان رفض المانيا حلا وسطا بزيادة عدد اصواتها في مجلس اوروبا من 29 الى 33 او 34، ورفض بولندا ودول اخرى نظام تصويت مقترح يعد بديلا عن اتفاقية نيس، اضافة الى تعقد مسألة نظام التصويت اصلا ادى كل ذلك الى انهيار المحادثات.

واكد دبلوماسي سويدي رفض الكشف عن هويته ان القمة انفضت ولا أمل في استئناف أية مباحثات اخرى قبل العام المقبل.

ومن ناحيته القى دبلوماسي فرنسي باللوم على بولندا لاصرارها على رفض كل الحلول المعدلة لاتفاقية نيس. ويذكر انه لا يمكن تمرير الدستور الأوروبي من دون موافقة كل الحكومات الـ25 الاعضاء بالاتحاد. وسعيا لردم الهوة التي ظهرت بين الدول الكبيرة والصغيرة بالاتحاد اصدرت الدول الست المؤسسة للاتحاد، عام 1951، نداء مشتركا يدعو دول الاتحاد الى الوحدة.

وشددت فرنسا، بريطانيا، ايطاليا، هولندا، بلجيكا و لكسمبورغ وهي الدول التي دشنت الاتحاد الاوروبي بمعاهدة الفحم والصلب عام 1951، على اهمية تعزيز العلاقات بين الدول الاوروبية والمضي قدما رغما عن الفشل الذي منيت به القمة الحالية. وينبع الخلاف بين الدول الكبيرة والصغيرة بالاتحاد من معاهدة تم الاتفاق عليها خلال «قمة نيس» بفرنسا عام 2000، اعطت بولندا واسبانيا نفس حقوق التصويت تقريبا التي لفرنسا او لبريطانيا او لالمانيا التي يزيد عدد سكانها على مثلي عدد السكان في الدولتين مجتمعتين.

ويقضي الدستور الجديد بتغيير هذا النظام التصويتي بنظام آخر تحتاج بموجبه القرارات الى اغلبية تزيد على نصف عدد الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي التي تمثل اكثر من 60 في المائة من سكان الاتحاد. الأمر الذي يعني انه لا يمكن تمرير أية قرارات لا توافق عليها المانيا او فرنسا مثلا بسبب وزنهما السكاني. وقال دبلوماسيون إن برلسكوني وزعماء اخرين حاولوا اقناع شرودر بالابقاء على اتفاقية نيس لكن مع زيادة اصوات المانيا الى 33 أو 34 من 29 حاليا. وقالوا انه رفض هذا الاقتراح، لكنه بدا مرنا بشأن نسبة الستين في المائة في نظام الاغلبية المزدوجة.

وقال وزير خارجية بولندا فلوديمير سيموتسفيتس للصحافيين امس: «ليس من الممكن الاتفاق على تغيير نظام التصويت في يوم واحد وسوف ننتظر. يتعين علينا احترام اتفاق نيس..، اننا لا نشترك في الاجماع الذي يقول ان نيس كانت خطأ».

وكان رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني قد عرض صباح امس، مقترحات تمثل حلا وسطا على زعماء الاتحاد الاوروبي، للخروج من الطريق المسدود بشأن أول دستور للاتحاد وانقاذ القمة من الفشل، ووضع حد للخلاف بين الدول الكبرى في الاتحاد الاوروبي مثل المانيا وفرنسا والدول الاصغر مثل اسبانيا وبولندا. واكد برلوسكوني انه قدم للقمة «اربع صيغ» تسوية في محاولة لحل نقاط الخلاف حول مشروع الدستور الاوروبي، مشيرا الى ليونة في موقف اسبانيا وبولندا حول «بدائل» لنظام التصويت الوارد في اتفاقية نيس. وقال انه «عرض عددا من الحلول الممكنة التي لم تأت من الرئاسة وحدها، بل قدمتها ودعمتها عدة دول». واعترف برلسكوني ان زعماء الاتحاد الاوروبي ما زالوا منقسمين بشأن نظام التصويت.

وقال دبلوماسيون ان الرئاسة الايطالية وزعت النص الجديد ظهر امس، واعطت للدول الاعضاء ساعتين لدراسة محتوياته وبعد ذلك دعت الزعماء الى الجلوس حول مائدة المفاوضات. وأعد فريق برلسكوني مقترحاته الجديدة خلال الليل بعد ان عقد اجتماعات منفردة مع زعماء الدول المتواجهة لاستكشاف الخلافات بينهم.

واعرب مراقبون عن مخاوفهم من تأثير ذلك الفشل على الاتحاد الاوروبي، مشيرين الى ان جوهر الخلاف حول نظام التصويت هو صراع على النفوذ و القوى في الاتحاد الذي من المقرر ان يزيد عدد اعضاءه ليصل الى 25 خلال العام المقبل، الامر الذي يعني ان التوصل الى اتفاق حول الدستور الاوروبي الموحد و نظام التصويت في مؤسساته المختلفة ستصبح مسألة اكثر صعوبة. من ناحية اخرى، لزمت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) الصمت، ولم تعلق على الاتفاق الذي تم التوصل اليه اول من امس في بروكسل بشأن تشكيل قوة عسكرية اوروبية مستقلة للتخطيط العسكري والتدخل السريع.