وزير خارجية إريتريا : رفض إثيوبيا تطبيق قرار ترسيم الحدود نعتبره إعلانا لحرب جديدة

علي سيد عبد الله وصف حلف صنعاء بـ«المولود المشوه».. ولا نخشى عمليات من المعارضة في الخارج

TT

عادت اجواء الحرب من جديد بين الجارتين اللدودتين اريتريا واثيوبيا، بعد رفض الاخيرة لقرار ترسيم الحدود بينهما الصادر من مفوضية التحكيم الدولية التابعة للأمم المتحدة.

وكانت الحرب اندلعت بين الجانبين في مايو (ايار) 1998 واستمرت 3 سنوات، وخلفت اكثر من 200 الف قتيل من الجانبين، وانتهت بتوقيع اتفاق سلام في الجزائر، في ديسمبر (كانون الاول) 2000، بضمانات اميركية واوروبية بالاضافة الى الامم المتحدة ومنظمة الوحدة الافريقية (الاتحاد الافريقي حاليا) والجامعة العربية. وفي ابريل (نيسان) 2002 اصدرت محكمة لاهاي الدولية قرارا ملزما ونهائيا بترسيم الحدود الممتدة بينهما لمسافة الف كيلومتر. وبموجب اتفاقية الجزائر تم تشكيل مفوضية التحكيم الدولية، لتقوم بترسيم الحدود، لكن اعمالها تعطلت بسبب رفض اثيوبيا تسليم بعض المناطق الاستراتيجية التي منحها قرار محكمة لاهاي للجانب الاريتري ومن بينها منطقة «بادمي». وارسل رئيس وزراء اثيوبيا ملس زيناوي رسالة الى الامين العام للأمم المتحدة، في 10 سبتمبر (ايلول) يرفض فيها تسليم بادمي. وإزاء هذه التطورات الجديدة قامت اريتريا بحملة دولية لاقناع العالم بوجهة نظرها، ومنع قيام حرب جديدة. وفي لندن التقت «الشرق الأوسط» بوزير الخارجية الاريتري علي سيد عبد الله الذي اكد ان الرفض الاثيوبي هو بمثابة «اعلان حرب» جديدة، لكنه اشار الى ان قيام الحرب «مرهون بموقف المجتمع الدولي» تجاه الازمة، ومدى تأثيره وضغطه على الجانب الاثيوبي لقبول قرار التحكيم. وأكد عبد الله ايضا رفض بلاده اي حوار جديد مع اثيوبيا او تطبيع معها، مشيرا الى ان ما هو مطلوب اولا هو تطبيق قرار لاهاي. وهذا نص الحوار:

* ما هو هدف الجولات التي تقودها اريتريا حاليا في اوروبا واميركا وافريقيا والشرق الاوسط؟

ـ كما تعلم بعد رفض اثيوبيا تطبيق قرار ترسيم الحدود، من خلال الخطاب الذي ارسله رئيس وزرائها ملس زيناوي الى الامم المتحدة، واصراره على عدم الانسحاب من منطقة بادمي التي اعادتها محكمة العدل الدولية الى السيادة الاريترية، رأت اسمرة ان الموقف الاثيوبي غير سليم ويتناقض مع الشرعية الدولية، وتأتي هذه الجولات في اطار سعينا لكشف الموقف الاثيوبي وفضحه امام العالم، وقد اثبتت هذه الجولات جدواها وتأكدنا من ان المجتمع الدولي يقف معنا في هذا الجانب باعتبارنا اصحاب حق.

* لدى مقابلتكم المسؤولين البريطانيين هل طلبتم موقفا محددا منها؟

ـ بريطانيا كانت تقول انها غير ملزمة باستخدام سلاح العقوبات ضد اثيوبيا حتى لو اصرت اديس ابابا على رفض قرار الترسيم، ولكننا لمسنا تغيرا واضحا لهذا الموقف عند مقابلتنا المسؤولين البريطانيين، الذين اكدوا لنا، ان الموقف السابق تم تحريفه وأسيء فهمه، واكدوا انهم يقفون مع قرار المحكمة، باعتباره قرارا ملزما ونهائيا وعلى اثيوبيا احترامه وتطبيقه، لكنهم اشاروا ايضا الى ان الخطوات التي ستتخذها بريطانيا لن تكون احادية، بل في اطار الامم المتحدة، التي ستتبع سياسة الخطوة خطوة لتنفيذ القرار، الى مرحلة توقيع العقوبات اذا تواصل الرفض الاثيوبي. ونحن نعتبر هذا الموقف ايجابيا من حيث المبدأ (ينص اتفاق الجزائر على تطبيق الفقرة 7 من النظام العام للأمم المتحدة، وتقضي بتطبيق عقوبات على الجهة التي تنقض الاتفاق).

* هل تعتقد ان نظام العقوبات يمكن ان يعيد لكم السيادة على مناطقكم؟

ـ قد لا يجدي في مناطق اخرى، لكنه سيكون فعالا في الحالة الاثيوبية، فأنت تعلم ان اثيوبيا تعتمد كثيرا على المساعدات في مجالات الاعانة والاغاثة، وكل هذه المساعدات تأتي من الغرب واوروبا خصوصا، لذلك فان اوروبا لديها وسائل ضغط يمكن ان تكون فعالة، وقد طلبنا من الاوروبيين استخدام مثل هذه الضغوط.

* هل تتوقعون اندلاع حرب جديدة اذا اصر الجانب الاثيوبي على رفض تسليم مناطقكم؟

ـ كل التصريحات والمواقف الصادرة من الجانب الاثيوبي نحن نعتبرها بمثابة اعلان حرب. وحين يقول زيناوي ان قرار المفوضية غير ملزم وغير مسؤول، يعني ذلك بالنسبة لنا، اعلان حرب. وقال ايضا: «اننا موجودون في بادمي.. ولن نكون اول من يطلق النار». هذا تبجح، واحتقار للقانون الدولي. ولكن رغم ذلك نقول ان حصول حرب من عدمه سيتوقف على الطريقة التي سيتعامل بها المجتمع الدولي مع الازمة، ودوره في اتخاذ الاجراءات اللازمة لاجبار اثيوبيا على قبول القرار، خاصة ان المجتمع الدولي لديه صلاحيات منحها له اتفاق الجزائر. ومن هنا نناشد المجتمع الدولي التدخل بقوة قبل استفحال الامر لأن العواقب ستكون وخيمة على الجميع اذا وقعت الحرب مرة اخرى.

* هل هناك جدول زمني يلزم اثيوبيا بتلبية طلبات المجتمع الدولي.. او جدول زمني لتوقيع العقوبات من قبل الامم المتحدة؟

ـ ليس هناك جدول زمني، فالمجتمع الدولي والامم المتحدة يتخذان اسلوب الخطوة خطوة، وبدأت الخطوات أخيرا باستدعاء طرفي النزاع من قبل محكمة لاهاي بطلب من مفوضية الحدود، ولم توجه المحكمة لنا اي اسئلة او ملاحظات او استفسارات، لاننا نفذنا بالحرف كل ما طلب منا، وبعد ان استفهمت المحكمة من الجانب الاثيوبي وجهت لهم انذارا اخيرا بتلبية ما طلب منهم بواسطة مفوضية الحدود. واذا فشلت المفوضية في اجبار الاثيوبيين على تطبيق قرارها سترفع تقريرا الى الامم المتحدة، وهي خطوة أخرى، ستتبعها خطوات في مجلس الامن، الى ان تأتي مرحلة تطبيق العقوبات.

* ماذا لو قبل الاثيوبيون العقوبات وتعاملوا معها مثلما فعلت ليبيا والسودان وغيرهما من الدول، وتمسكوا بأراضيكم.. هل ستلجأون الى القوة لاعادة هذه الاراضي؟

ـ هذا سابق لاوانه، ومتروك للزمن، لكني اقول ان من واجب الحكومة اتخاذ اجراءات تضمن الحفاظ على اراضينا وسلامتها، وهذا يأتي عن طريق العمل السياسي والدبلوماسي، ودور المجتمع الدولي.

* أشير اخيرا الى وجود تحركات للقوات الاريترية باتجاه الحدود مع اثيوبيا، وفي مناطق الحظر.. ما صحة هذه الانباء؟

ـ غير صحيح، وليس هناك اي تحركات من اي نوع، ولكن الصحيح هو وجود تحركات اثيوبيا، فقد تعودنا في الفترة الاخيرة على وجود نشاطات اثيوبية في مناطق الحظر الآمنة وعلى مرأى ومسمع من قوات حفظ السلام الدولية العاملة هناك، كانت هناك تحرشات من قبل ميليشيات خاصة ومن الجيش الاثيوبي، وحدث نهب للقوافل، وهي احداث تقع منذ 6 الى 8 اشهر، وقد اعطت قوات السلام توجيهات بايقاف هذه العمليات غير القانونية في المنطقة الآمنة، وفي نفس الوقت اتخذ مجلس الامن قرارا يدعو اثيوبيا الى وقف هذه التحرشات.

* دعتكم اثيوبيا لحوار ثنائي لحل هذه القضية لماذا رفضتم؟

ـ حوار في ماذا؟ اذا كان حول قرار المحكمة، فهذا القرار غير قابل للنقاش، فهو قرار ملزم ونهائي، واذا كان حوارا حول موضوعات اخرى فنريد ان نعرف اجندته. سمعنا ان المسؤولين الاثيوبيين يريدون حوارا غير محدد المعالم معنا، هذا كلام غير مقبول جملة وتفصيلا، ومرفوض تماما. ونحن نؤكد هنا ألا حوار او تطبيعا مع اثيوبيا الا بعد ان تقوم اديس ابابا بتنفيذ قرار المحكمة والمفوضية.

* لماذا سحبتم سفيركم من الاتحاد الافريقي؟

ـ هو تعبير للاحتجاج، فالاتحاد لم يكلف نفسه باتخاذ اي موقف حول موضوع ترسيم الحدود وكأن الامر لا يعنيه، مع انه احد الضامنين لاتفاق الجزائر، وما يثير الدهشة ان كل الجهات الدولية مثل الاتحاد الاوروبي، والامم المتحدة، ومجلس الامن، طالبوا اثيوبيا بالانصياع لقرار المفوضية. لكن الاتحاد الافريقي يقف متفرجا فقط.

* كيف تقيمون الوضع الداخلي بعد الانشقاقات التي حدثت داخل صفوف حزبكم الحاكم، واعتقال كبار القياديين ممن سموا بالاصلاحيين؟

ـ الوضع الداخلي اكثر تماسكا من السابق، وما حدث من انشقاقات من قبل مجموعة معينة اطلق عليهم اسم اصلاحيين، هي ليست انشقاقات.. وهم ليسوا اصلاحيين، ولكن الواقع يقول ان هذه الفئة، قامت في وقت الحرب مع اثيوبيا بتسريب معلومات الى العدو، وخانت الوطن، وقد كانت لدينا وقتها اجندة سرية لا يعرفها احد في المجتمع الدولي، ترمي الى اعادة الهيمنة الاريترية على اراضيها في مواجهة الاعتداءات الاثيوبية، وضمن هذه الظروف قامت هذه العناصر بالاتصال بالاثيوبيين، وتسريب معلومات، وبدأت تتعامل معهم، وقد قامت الحكومة بردع هؤلاء، لأن مسألة الامن القومي هي مسألة مهمة وحساسة.

* هل سيتم تقديمهم لمحاكمات عادلة؟

ـ هذا يتوقف على الطريقة التي سيتم التعامل بها معهم، ونحن لدينا اسلوب حضاري في تعاملنا مع مثل هذه القضايا، ولدينا تجاربنا التي نسترشد بها في هذا المجال. حتى ايام ثورة التحرير كانت تواجهنا مثل هذه القضايا. في النهاية سيكون هناك قرار، وهذا متروك للزمن، ولا تنسى ان هؤلاء كانوا مناضلين معنا.

* ماذا تنتظرون اذن لاتخاذ قرار مثل هذا؟

ـ لا بد من اكتمال التحقيقات الشاملة، كما ان كثيرا من المؤسسات القانونية والسياسية لم تنجز بعد، وهي الآن في بداياتها، ونحن في طريقنا الى انجازها واكمالها. كما اننا ما زلنا موجودين في حالة اللاسلم واللاحرب، وخضنا حربا لمدة 3 سنوات، ولم تكن الامور طبيعية.

* انتم اذن ما زلتم في مرحلة ما تسمونه بالشرعية الثورية، متى تتحولون الى الشرعية الدستورية؟

ـ نحن منذ مؤتمرنا الذي عقدناه عام 1978 طرحنا موضوع الديمقراطية وحقوق الانسان والحريات، ومشاركة الجميع في الحكم، تلك كانت قناعاتنا، وبعد ولادة الدولة قبل 12 عاما، بدأنا خطوات التحول الديمقراطي، وقمنا باعداد الدستور، وكنا نستعد للدخول في المرحلة التالية، لولا قيام الحرب. ثم اننا خضنا حربا اخرى في مجال الاقتصاد، فبعد الحرب واجهتنا تحديات اقتصادية، حيث وصلت معدلات النمو الى ما دون الصفر%، بعد ان كانت قبل الحرب نحو 7.8% بشهادة البنك وصندوق النقد الدوليين، وهذا بالطبع آخر خطوات الديمقراطية.

* لماذا اوقفتم الصحف المستقلة، واعتقلتم الصحافيين؟ الا يعني ذلك تراجعا منكم؟

ـ هذا حديث شكلي، لم يكن هناك يوما صحافة بالمعنى الحقيقي، ولم يكن هناك صحافيون محترفون، وعندما اعدت الحكومة قانون الصحافة، كانت ترمي الى قيام صحف فعالة تساعد في التنمية ويكون لها دور فعال في المستقبل. ولكن قامت عناصر باستغلال الامر واستغلت القانون وبدأت تتلقى تمويلا من الخارج، كما بدأت تساهم في عملية التخريب من الداخل، ونقل معلومات للعدو من خلال هذه الصحف. وصارت هذه الصحف تناقش قضايا جوهرية تخص امن الدولة، وتركنا هذه الصحف تقول ما تريد حتى يعرف الشعب مستواها ويتخذ قرار ايقافها بنفسه، وهو ما حدث بالفعل. (يقال ان قرار ايقاف الصحف اتخذه المجلس الوطني الاريتري ـ البرلمان ـ في سبتمبر 2001، ويقال ايضا ان القرار صدر قبل ذلك).

* كيف تفسرون هروب اعداد من كبار الدبلوماسيين في وزارتكم الفترة الماضية وتقديمهم للجوء السياسي في اوروبا؟

ـ نحن لا نعتبر ان لهروب هؤلاء اي مغزى سياسي، بل هم مجموعة من ضعاف النفوس، مأجورون للنظام الاثيوبي. اما على صعيد العمل الدبلوماسي، صحيح كانت لدينا مشاكل مع بعض الدول الاوروبية، لكن الامور تسير حاليا بشكل حسن.

* بلادكم متهمة دائما بأنها دولة مشاكسة، قامت بحربين خلال فترة وجيزة، ولديكم مشاكل مع جيرانكم، الذين يتهمونكم بالتدخل في شؤونهم الخاصة، وانكم تسعون الى فوضى في المنطقة؟

ـ كأنك تتكلم بلسان مصطفى عثمان اسماعيل، (وزير الخارجية السوداني).. هذا ما يردده دائما، ويقول ايضا ان اريتريا دولة ديكتاتورية، واتهامات اخرى لم تشر اليها انت هنا.. وانا كنت دائما أنأى واترفع عن الدخول في مهاترات معه، لكني الآن ارد عليك واقول: هذه الاتهامات هي محاولات اثيوبية لاستقطاب الجهات المعارضة لاريتريا، وللأسف افلحت في جذب السودان، واليمن، كما نجحوا في تأطير هذه العلاقات في حلف اسموه، حلف صنعاء. ونحن لم نكن يوما دولة مشاكسة بل كنا ضحايا لمؤمرات تحاك ضدنا بعد ميلاد دولتنا، فهذا يريد ان يستقطع جزءا وذاك يريد جزيرة، ولو وقفنا مكتوفي الايدي لتمزقت بلادنا اربا اربا، فكان لا بد من الدفاع بقوة عن حقوقنا. ونحن نقول هنا ان السودانيين لم يشاركوا في محاولات الاستيلاء على اراض ولكنهم ساندوا الاثيوبيين في الحرب وفتحوا اراضيهم للجيش الاثيوبي، كما قاموا قبل ذلك بتدريب معارضين اريتريين في معسكرات يملكها بن لادن داخل السودان، ولدينا وثائق بذلك.

* هل لديكم اي مخاوف من حلف صنعاء؟

ـ هذا مولود مشوه وكسيح ولا خوف منه بتاتا، وهو في المقام الاول لا يقوى على فعل شيء.

* كنتم تقولون ان الترابي وراء مشاكل اريتريا مع السودان، ولكن طيلة فترة اعتقاله (عامان) لم تتحسن العلاقات؟

ـ بالفعل لم يتغير شيء، بل على العكس كان الترابي ارحم واعقل فهو رجل فكر، ولديه فلسفة واضحة، ويؤمن بالحوار، بعكس الآخرين الذين يؤمنون بمنطق القوة فقط. عموما لم يكن هناك فرق كبير، ونحن قطعنا علاقتنا مع هذا النظام (1994) بعد ان عجزنا من ملاحقة نشاطات اعضاء سفارتهم ورجال الامن فيها وهم بالعشرات، داخل البلاد، وليس لدينا امكانيات لمطاردتهم، فقلنا لهم اغلقوا هذه السفارة واريحونا. وبعدها عادت العلاقات بمجهودات القذافي وامير قطر.

* هل ما زلتم تواجهون تهديدات سودانية؟

ـ لو استمعت اخيرا الى تصريحات مصطفى اسماعيل التي يقول فيها انهم يعملون في اطار الحلف الثلاثي على اسقاط النظام الاريتري وقيام نظام ديمقراطي بديل في اسمرة، وانقاذ الشعب الاريتري.. لتأكد لديك انهم لا يزالون يستهدفوننا، فالحكومة وبتأكيد من وزير خارجيتها متورطة في عمل تآمري ضدنا.

* هل هناك مخاوف من قيام المعارضة الاريترية في السودان واريتريا من شن عمليات ضدكم؟

ـ ليس لدينا اي خوف من هذه الناحية، فالعناصر التي توجد في السودان واثيوبيا نعرفها فردا فردا وهي ضعيفة ولا تقوى على فعل شيء وليست معارضة حقيقية، بل هم مأجورون وباعوا انفسهم لانظمة معادية لبلادهم.

* انتم احد اعضاء ايقاد الراعية للسلام في السودان.. ما هي مساهماتكم في هذا المجال؟

ـ اسهاماتنا كثيرة، ونحن اول من اقترح قيام المفاوضات الحالية، في كينيا، وقمنا في السابق بمبادرات وجمعنا البشير والميرغني، وكنا نود استثمار علاقاتنا بالطرفين لجمع قرنق والبشير او علي عثمان طه كما يحدث الآن في كينيا ولكننا دولة صغيرة، ولا تملك وسائل ضغط مثلما تملك الولايات المتحدة حاليا في نيفاشا، ورغم كل ما نقوم به يتهمنا مصطفى عثمان اسماعيل بأننا نخرب المفاوضات وطالب بابعادنا عنها.

* تحدثت كثيرا عن مصطفى اسماعيل هل تعتبر انتقاداته، شخصية ام هي توجهات الدولة؟

ـ هو كمسؤول حكومي كبير لا يمكن ان يتخذ اي قرار بصفته الشخصية، ولا يمكن ان يكون ما يقوله هو رأيه الشخصي، ولكنه رأي الحكومة وتوجه النظام، لكن يمكن القول انه يمكن ان يهول الامور «كحقد شخصي».

* ما هو موقفكم من الفصائل السودانية المسلحة على اراضيكم اذا رفضت السلام بين الحكومة وقرنق واصرت على مواصلة الكفاح المسلح؟

ـ نحن نعمل مع ايجاد سلام عادل وشامل يرضي الجميع، وهناك مؤشرات حالية في هذا الاتجاه، اما اذا اصر فصيل او جماعة على مواصلة الكفاح المسلح ورفض السلام سيكون ساعتها لكل حادث حديث. لكن ما اراه الآن وبعد التطورات الجديدة فانه يمكن تحقيق سلام مرض للجميع.

* يقال انكم تلجأون الى الجامعة العربية وقت الشدة.. ورغم ذلك ترفضون عضويتها وتقبلون بصفة مراقب؟

ـ بالعكس وقت الشدة طلب منا الانضمام ورفضنا، ووقت الاستقرار طلبنا نحن صفة مراقب، خاصة بعد مجيء عمرو موسى، وبروز طموحاته في تطوير الجامعة واخراجها من حالة الركود والخمول. ودعني اقول لك شيئا، اننا لم نلجأ اليها في وقت الشدة لسبب بسيط، وهو ما يقال في مثل هذه الاحوال ان «فاقد الشيء لا يعطيه»، فالجامعة العربية تحتاج لمن يعينها، فهي ضعيفة وغير قادرة على اتخاذ قرار او موقف تجاه اهم قضايا مصيرية تواجه العراق وفلسطين، وتقف متفرجة، للأسف الشديد، لذلك طلبنا صفة مراقب، حتى نشهد عن قرب اي تطورات جديدة، ومتى ما شهدنا تطورا جديا سنكون اول الساعين للانضمام، فنحن اقرب الاقرباء الى المنطقة جغرافيا وحضاريا وثقافيا.

* كيف هي علاقتكم مع الاميركيين، خاصة بعد اخراجكم من التحالف ضد الارهاب واختيار اثيوبيا بدلا عنكم؟

ـ الاميركيون قالوا لنا في البداية اننا ضمن التحالف، لكنهم عادوا وقالوا لنا انهم اختاروا اثيوبيا واخرجونا من هذا التحالف، والسؤال هو لماذا ادخلونا في البداية ولماذا اخرجونا منها في الاخير، فنحن لم نطلب الانضمام لهذا الحلف ولم نسع اليه، ولا يهمنا اذا كنا بداخله او خارجه، وما نعرفه اننا حاربنا الارهاب منذ 1992 ونبهنا لمخاطره منذ وجود بن لادن في السودان ولم يسمعنا احد. وعلاقتنا الآن مع اميركا جيدة وقد سألناهم عن موضوع التحالف هذا في اللقاءات المباشرة، لكنهم انكروا ما قالوه بواسطة ممثليهم في المنطقة، فهم في اللقاءات المباشرة يقولون لنا انتم حلفاؤنا مع الاثيوبيين ولكن آخرين منهم في اجهزة اخرى يرددون غير ذلك.