وفاة علييف تترك نجله يقود اذربيجان بخبرة محدودة

TT

بوفاة الرئيس الاذربيجاني السابق حيدر علييف الذي تولى قيادة بلاده على مدى ثلاثة عقود، يشكك بعض المحللين في قدرة نجله الهام الذي خلفه على البقاء في السلطة بدون حماية والده.

فالهام علييف، 41 سنة، الذي انتخب في 15 اكتوبر (تشرين الاول) الماضي رئيسا لهذه الجمهورية السوفياتية السابقة الغنية بالنفط، كان يستمد قسما كبيرا من شرعيته من والده الذي توفي اول من امس عن عمر يناهز الثمانين في عيادة خاصة في كليفلاند بالولايات المتحدة. وقال مسؤولون في العيادة الخاصة ان علييف المصاب بالمرض منذ اشهر توفي بسبب اعتلالات في القلب والكليتين. ويرى مراقبون ان الهام علييف كان يعتمد الى حد بعيد على الاحترام الذي يحظى به والده، من اجل التغلب على منافسيه وخصومه في الاوساط القيادية الاذربيجانية.

وقال رشاد رزقلييف المحلل السياسي في العاصمة باكو: «نأمل الا يكون لوفاة هذه الشخصية السياسية الكبرى تأثير سلبي على الحياة السياسية في اذربيجان، لكن لا شك ان هذا الخطر موجود. مع وفاة حيدر علييف، فان الرئيس الحالي لم يفقد مستشارا سياسيا يتمتع بنفوذ كبير فحسب، بل كذلك فقد والدا، وهو امر تصعب مواجهته. لقد بات الهام يواجه وحده تحديات التاريخ».

وان كان عدد السكان ضئيلا في اذربيجان (8 ملايين نسمة)، فان هذه الجمهورية تعتبر ذات اهمية استراتيجية كبيرة لا سيما بالنسبة للغرب. فهي تملك احتياطياً نفطياً كبيراً في بحر قزوين تستغله شركات غربية، كما تعتبرها واشنطن منطقة فاصلة ودية بين روسيا شمالا وايران جنوبا.

وقد ابلغ الهام علييه بوفاة والده عند عودته الى باكو من جنيف حيث شارك في قمة مجتمع المعلومات. ومن نقاط ضعف الهام علييف انه مبتدئ في السياسة ولا يملك هيبة والده ونفوذه. واقتصرت مهامه الرسمية قبل انتخابه على تولي نيابة رئاسة شركة النفط الوطنية ورئاسة اللجنة الاولمبية الاذربيجانية والمنصب الثاني في الحزب الحاكم.

وقلما ابدى الهام علييف في الماضي اهتماما بشؤون الدولة، ويذكر منتقدوه بانتظام بانه كان في شبابه يهوى النساء ويرتاد الكازينوهات والحانات الليلية. وتعهد الهام علييف خلال حملته الانتخابية مواصلة مسار والده.

ويقول منتقدوه انه لم يقم منذ توليه السلطة بمجهود كبير من اجل ارساء سلطته. واحتفظ الرئيس الجديد بوزراء والده ومستشاريه، غير انه محاط بمجموعات تحظى بسلطة سياسية ومالية كبيرة. واذا كان حيدر علييف استخدم قدرته على المناورة وسلطته لارغام هذه المجموعات على الولاء له، فان طموحاتها قد تتغلب على ولائها لالهام.

وتوقع الخبير رزقلييف ان يقوم صراع بعد وفاة حيدر علييف بين المجموعات السياسية والمالية من اجل السيطرة على السلطة، و«هذا يعني اعادة ترتيب البنية السياسية في البلاد بمجملها وبروز تيارات جديدة واجراءات سياسية جديدة».

غير ان معلقا سياسيا آخر هو المار حسينوف اعتبر ان سلطة الهام علييف لن تكون مهددة الا في حال اراد اصلاح النظام الذي ورثه عن والده واقصاء بعض الاوفياء له. وقال حسينوف «ان المواجهة ستبدأ ان حاول الهام تغيير حكومة حيدر علييف» و«واذا لم يقم بمثل هذه المحاولة خلال السنوات الخمس المقبلة، فلن تقوم مواجهة. لكن اذا اطلق اصلاحات، فسيخسر كل شيء».

وسببت وفاة الرئيس الاذربيجاني السابق صدمة لشعب الاذربيجاني. ولم يكن علييف محبوبا من قبل الجميع لكنه كان لمعظم السكان القائد الوحيد الذي عرفوه والكثير منهم يكنون له الاعجاب والاحترام ويطلقون عليه بود اسم «الجد» (بابا).

ومن موسكو، اجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين امس اتصالاً هاتفياً بالهام علييف وابلغه تعازيه في وفاة وادله. وافادت مصادر رسمية روسية ان موسكو ستواصل اهتمامها باذربيجان باعتبارها احد اهم محاور سياساتها في المنطقة، لا سيما بعد اطاحة الرئيس الجورجي ادوارد شيفارنادزه واستمرار التوتر في الشيشان المجاورة.

يذكر ان علييف وصل الى السلطة عام 1969 بتوليه منصب السكرتير الاول للحزب الشيوعي الاذربيجاني في البلد الذي كان جمهورية سوفياتية حينذاك. وقد طرد من السلطة في 1986 مع سياسة الانفتاح التي اتبعها الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشيوف، قبل ان يعود في 1993 .

ولم تكن وفاته مفاجئة لكثيرين. فهو لم يظهر علنا منذ اشهر بعد ادخاله المستشفى لمشاكل في القلب. وقد تحدثت شائعات الصيف الماضي عن وفاته.

وكانت رايا وهي جدة ترجح هذه الفرضية. وقالت: «اليوم اعلنوا النبأ فقط ومسألة معرفة ما اذا كانت البلاد ستسير بشكل افضل مرتبطة بطريقة نجله في القيادة». ومثل كثيرين من الاذربيجانيين، لن تلتزم رأيا بالحداد على حيدر الذي يتهم في معظم الاحيان بأنه مسؤول عن الفساد الذي ادى الى اثراء حلفائه من عائدات النفط بينما يعيش نصف السكان تحت عتبة الفقر.

لكن لا احد ينكر ان حيدر علييف ترك بصماته على اذربيجان. وقال النائب المستقل في البرلمان انار محمدخانوف ان «موته يأتي وكأن جزءا من اذربيجان اقتطع. انه اذربيجاني عظيم في القرن العشرين كبر في عهده جيل او اكثر من الاذربيجانيين. انها خسارة لا تعوض للبلاد سواء كنا نحبه او لا نحبه».