الشتاء يلوّن ملابس السعوديين

ثقافة الوجبات السريعة تنتقل إلى مستهلكي الثوب الشتوي

TT

مع قدوم الشتاء تتغير الكثير من الملامح ليس فقط في مناخ السعودية الذي تختلف درجة برودته وكثافة امطاره بين مناطقها المختلفة، حيث تطال التغيرات قاطن السعودية من حيث ملبسه الذي يختلف عن الملبس المعتاد لفصل الصيف والذي يسوده اللون الابيض في توحد يخفي مزاج وشخصية مرتديه. اما الشتاء فهو في عرف الكثيرين خروج عن المألوف، ليس في التحول فقط من الوجبات المنزلية الى السريعة الخفيفة، لكن حتى في الملبس وفي لون الثياب، في احتفالية لا تعبر فقط عن امزجة وميول المرتدين، ولكنها تعبر كذلك عن «موضة» الزي الوطني السعودي لهذا العام.

ويشير وليد علي اكرم نائب المدير العام لاحدى المؤسسات المنتجة للثياب الجاهزة الى تنامي الحجم الاجمالي لسوق الثوب السعودي، حيث يصل الى اكثر من 1.5 مليون درزن، شاملا كل انواع الثياب من التفصيل المحلي والثوب الراقي الى المستورد الرخيص، بقيمة اجمالية تصل الى مليار ريال (266.7 مليون دولار)، يصل حجم سوق الثوب الشتوي منها حوالي الى 200 ألف درزن، نظرا لقصر فترة البرد في السعودية. وتختلف المناطق السعودية من حيث استهلاك الثوب الشتوي من منطقة لاخرى، نظرا للتباين الواضح في مناخ ودرجة حرارة المناطق، فاكثر المناطق استهلاكا للثوب الشتوي هي المناطق الباردة في المنطقة الشمالية والوسطى والشرقية، بالاضافة الى الجنوبية. كما تختلف المناطق السعودية من حيث تفضيل الالوان الشتوية، حيث تفضل المناطق الشمالية والشرقية الألوان الغامقة لشدة البرد، وبقية المناطق تميل الى الألوان الفاتحة، والسر في هذا التفضيل يرجع الى اختلاف الأجواء ودرجات الحرارة.

وعلى المستوى العام تعد اليابان وكوريا أكبر مناطق انتاج القماش الشتوي، اما الأقمشة الشعبية التي تستخدم في الثياب الرخيصة فانها تستورد في الغالب من تايلندا، تايوان، اندونيسيا، والصين.

ويتميز الثوب الشتوي بتنوع الأقمشة وسماكتها، نسبة لاختلاف تركيبة القماش من الفزكوز والصوف الى البوليستر، وتشكيلاتها وألوانها. وعادة يبدأ استيراد وشحن الثوب الشتوي الى السعودية في سبتمبر (ايلول) وأكتوبر (تشرين الاول) من كل عام، اذ ان شهر نوفمبر (تشرين الثاني) هو بداية البرد في عديد من المناطق السعودية.

وتمثل المشالح السعودية عنصرا مهما لا بد من التطرق اليها عند الحديث عن الثوب السعودي، حيث يرى زياد عبد الرحمن الحلاق مسؤول احد معارض المشالح الملكية، ان المشلح قطعة قد يصعب الاستغناء عنها بالنسبة لطائفة كبيرة من السعوديين، وانه في الشتاء يساعد على التدفئة، ولذا فان المشالح الشتوية تختلف عن الانواع الصيفية، حيث يستخدم في المشالح الشتوية «وبر جبر» حيوان «اللاما» الذي يعيش في اميركا اللاتينية، ويتم استيراد خيوطه من بريطانيا لتصنع في السعودية، وتصبح قماش وبر لوكس خفيف أو وبر جبر متين، ويباع بالقطعة التي يصل سعرها الى 800 ريال (213 دولارا). ويختلف مشلح الشتاء في انه من طبقتين ليكون ثقيلا وقد يختار العميل طبقة واحدة اذا كان اخف، لان كل منهما له استخدامه حيث يستخدم النوع الخفيف في المناسبات الرسمية، اما الثقيل فانه يستخدم في الجلسات العائلية والخروج عند الصباح الباكر أو مساء او عند التنزه في اجواء الصحراء أو ما يطلق عليه «البر» التي يعشق السعوديون الخروج اليها مع هطول الامطار للاستمتاع بها. وبالنسبة للالوان فان المشالح الشتوية تتميز بثمانية ألوان، في حين ان الخفيف منها 20 لونا، اما الصيفي فان النوع المصنع من القماش الياباني يصل الى 65 لونا، والانجليزي 20 لونا.

ويفضل العملاء وفقا للحلاق الالوان الفاتحة، حيث تستعمل الاثواب الغامقة مثل الاسود أو البني، ولذا فمن الافضل ان يستخدم المشلح الفاتح اللون. ويشذ عن هذه القاعدة اللون الاسود الذي يستخدم في الصيف والشتاء على السواء. من جهة اخرى، يؤكد احمد الحداد مسؤول معرض لبيع الاقمشة ان الموضة حاليا في الرياض هي الثوب الشتوي ذو اللون «العسلي» أو البحري «الازرق السماوي» بقماش كروهات صغيرة. ويرجع اختلاف الالوان من منطقة لاخرى الى اختلاف الامزجة والمناطق حيث يختلف مزاج اهل الساحل مثلا عن اهل البر. وفيما يتعلق بتفضيل الالوان في موسم الشتاء وعدم استخدام اللون الابيض، فانه بحكم خبرته الطويلة في بيع القماش الشتوي، يؤكد انه مجرد هروب من تكرار اللون الابيض وحب في التغيير والخروج عن المألوف، وليس لمجرد التدفئة لان الغالبية حاليا يشترون اقمشة في نفس سماكة وخفة القماش الابيض، معتمدين في ذلك على استخدام الملابس الداخلية الاكثر سمكا والتي تعطي التدفئة المطلوبة.

ويشير الحداد الى ان الثوب الشتوي الجاهز اثر على مبيعات الاقمشة الشتوية، فثوب الصوف الذي يتم حياكته يكلف من 300 ريال الى اكثر من 1000 ريال على حسب الخامة، اما الثوب الشتوي الجاهز فانه يكلف في المتوسط 100 ريال. وتربعت الاقمشة الصينية في موسم الشتاء الحالي متفوقة عن التايلندي الذي كان مكتسحا السوق في العام الماضي، فالصيني هو الاول برخص سعره، حيث يصل السعر الى 25 ريالا والتايلندي 35 والانجليزي يبدأ من 100 ريال ويصل الى اكثر من 1500 ريال، وهناك قطع متميزة يصل طولها الى 3 أمتار.

ويشير الحداد الى مؤشر هام يعكس اختلافا كبيار في ثقافة المستهلك السعودي حيث اصبح البحث عن الرخيص والسريع هو السائد حتى لو تعارض مع الجودة، فالنظرة السائدة حاليا هي ثوب «Take-away» وذلك دليل على تغلغل هذه الثقافة التي انتشرت في المجتمع من خلال الاطعمة السريعة، فالزبون اصبح يرى ان الثوب لعام واحد فقط ولا يفكر في بقائه للعام القادم، فلكل عام الموضة التي تخصه، والمؤكد ان موضة العام القادم مختلفة عن العام الحالي وعن العام السابق والتي كانت الثوب «العنابي».