كيف يفهم الشباب السعودي الإصلاح؟

شبان وفتيات: نريد صحفاً جامعية * الفتيات: لسنا سيئات.. فقط قليلات تجربة

TT

حديث الإصلاح في السعودية أطرافه مسؤولون ومثقفون وكتاب وتيارات فكرية مختلفة، ومادته مؤسسة الحوار الوطني والإرهاب، والرؤية السياسية والاقتصادية لمستقبل البلاد وغيرها من الملفات الضخمة.

ولكن ماذا عن الإصلاح في أعين الفتيات والشبان السعوديين والذين يشكلون غالبية السكان؟ القضايا والأولويات تبدو مختلفة بعض الشيء، على الأقل السياسة ليست ضمنها. الشبان يريدون تفعيل دور الصحف الجامعية، وإيجاد جمعيات طلابية داخل الكليات على غرار مجالس الشورى المدرسية التي أقرتها إدارة التربية والتعليم في الرياض أخيراً، وتخفيف هجوم الصحف على قصات شعرهم. والفتيات يأملن في منحهن ثقة أكبر، والالتفات إلى تطوير نشاطاتهن داخل الجامعات والمدارس، وتخصيص قنوات تعبير تسهل لهن تقديم صورة عن أنفسهن. يقول سامي رباح لـ«الشرق الأوسط» بعدما تردد كثيراً في التصريح عن اسمه «اعتقد أن أول إصلاح لا بد أن يتم هو في نظرة المجتمع تجاهنا. كفاهم لوماً لنا على قصات شعرنا ولبسنا بنطلونات الجينز المزركشة، كتاب المقالات في الصحف المحلية لا يجدون متعة أكثر من نقد تصرفاتنا، وتأليب المجتمع علينا.

ويضيف سامي وهو طالب كلية الآداب في جامعة الملك عبد العزيز «كان من الممكن أن نكون كشبان أقل تشنجاً تجاه النقد، ولكن عندما تُوجد لنا قنوات نعبر فيها عن أنفسنا، أين دور الصحيفة الجامعية مثلاً. فهي لا تقوم بأي دور يذكر، ولا تتزين إلا بمقالات الدكاترة الموجهة إلى دكاترة آخرين، ورئيس تحريرها دكتور والمشرف عليها دكتور والمصحح اللغوي فيها دكتور، أين دور الطلاب؟».

والحال أن الصحيفة الجامعية داخل كليات الطلاب. ويغيب عنها أي نوع من الشكوى أو النقد لأي من أجهزة الجامعة على رغم تذمر الكثير من الطلبة من بعضها، حتى أن القرارات التي تستحدث لا يستطيع الطالب بتها أو مناقشتها بأي شكل من الأشكال. فضلاً عن أن التعريف بالنشاطات الجامعية متواضع إلا إذا كانت برعاية كبار المسؤولين في الجامعة، بينما أداء طلبة لمسرحية جديدة ليس ذا أهمية كبرى، والتنويه بنشاطات الأندية الطلابية متفاوت وغير جاد، على حد قول بعض الطلاب. ويقول أستاذ الإعلام في جامعة الملك عبد العزيز د. أنمار مطاوع «رغم أن التصريح الذي تملكه الجامعة من وزارة الإعلام ينص على أنها صحيفة طلابية، بمعنى أنها تناقش أمور الطلاب ويشرفون عليها بأنفسهم. إلا أن ادارات مرت على الجامعة ضغطت لتحويلها إلى نشرة علاقات عامة خاصة بالجامعة ليست على علاقة بالطلاب».

ويضيف د. مطاوع »الصحيفة الموجودة أقرب للقيام بالدور الدعائي، وهويتها غائبة. أضف عن ذلك غياب مقالات الطلاب، وتجاهل دور الفتيات في الإصدار بالكامل رغم أنهن يملكن القدرات والنشاطات المميزة التي تستحق الإشارة». وحتى مع هذا الوضع الصوري لهذه الصحف يبدو وضع الشبان أفضل من الفتيات، كونه يغيب عنهم هذا النشاط تماماً. تقول الطالبة الجامعية بتول. ب لـ«الشرق الأوسط»: «للأسف لا يوجد هذا النوع من النشاط لدينا في كليات البنات. رغم أننا نحتاج صوتا يعبر عن مشكلاتنا وطلباتنا تصل إلى المسؤولات. نحن حتى لا نملك قسم إعلام خاصاً بالفتيات في جامعاتنا».

وتضيف بتول «نحن بحاجة إلى تطوير آليات النشاط الجامعي لملء أوقات فراغنا بشكل أكثر تطوراً وبعداً عن الروتينية. والنشاطات عادة ما تقتصر على مناسبات مثل أسبوع الشجرة والنظافة وغيرها، وحتى هذه النشاطات لا نستطيع الإسهام فيها بشكل كامل. فمثلاً ما الذي يجعلهم يمنعوننا كفتيات من النزول إلى الشارع لتنظيفه بشكل جماعي طالما أننا ملتزمات بزينا المحتشم؟». وتتحدث بتول عن تجربة شخصية لها مع طالبات كويتيات، قائلة «كنت مندهشة وسعيدة بلقائي ببعض الطالبات الكويتيات وتجربتهن في اتحاد الطلبة والانتخابات الخاصة بهم، وكم كنت حزينة أننا غير قادرات على ممارسة نفس الدور داخل أوساطنا الجامعية».

وعلى نفس النسق، تقول أستاذة علم الاجتماع في جامعة الملك عبدالعزيز آمال فلمبان لـ«الشرق الأوسط»: «تفتقد كليات الفتيات إلى هذه النوع من الأنشطة المتطورة، كوجود صحيفة خاصة بهن. ولو وجدت سيكون أثرها ايجابي على شخصياتهن، حيث ستتاح لهن فرصة إبداء الرأي والتعبير عن احتياجاتهن، ومن ثم إيصال أصواتهن للمسؤولات، من غير إغفال أهمية وجود ضوابط ترعى المسألة، إضافة إلى أنها ستكون محور التقاء بين الطالبات والأستاذات». وبالعودة للشبان، بدا لافتاً ترددهم في استخدام ألفاظ أو مسميات مألوفة لأنشطة جامعية خارج البلاد. يقول باسم صالح «إذا كانت مسميات كاتحاد طلبة غير مرغوب فيها كونها سيئة السمعة على المستوى المحلي، فتغيير اسمها غير مهم. على الأقل لماذا لا يتم تجربة مجالس للشورى في الجامعات. فهذه التجربة أقرتها وزارة التربية والتعليم في 70 من مدارس الرياض».

وعلى نفس السياق تقول الطالبة الجامعية روناء مليباري «نحن بحاجة إلى شيء من ثقة التربويين. نحن لسنا سيئات، نحن فقط قليلات تجربة». وتضيف مليباري «ما يعنيني في الإصلاح كفتاة دوري في المستقبل. أتمنى أن أجد بيئة ملائمة وأكثر تسامحاً مع طموحاتي. أريد من المجتمع أن يكف عن ترديد أمثاله الشعبية مثل الرجل لا يعيبه شيء والمرأة يعيبها ألف شيء. لا أريد المجتمع أن يلاحقني لأني ارتديت عباءة ملونة، وأن تعقد الجامعة محاضرة توضح كراهتها وحرمتها..الخ، بدلاً من إلقاء محاضرة عن آخر تطورات التكنولوجيا والكومبيوتر».

اشكالية المحاضرات الثقافية ودورها لا تبدو مقصورة على الفتيات، ولكنها تمتد إلى أقسام الشبان أيضاً. يقول سعد الحربي «للأسف أدوارنا مغيبة تماماً، ودورنا يبدأ وينتهي كمتلقين وليس كمشاركين. فالخدمة هنا تسير في اتجاه واحد.. نحن كشباب مسيرين غير مخيرين. فحتى المحاضرات التي تلقى علينا في النشاطات اللاصفية جاءت لتهاجمنا، وتعظنا وتفرض علينا الوصاية. الجميع هنا يقول لنا نحن على خطأ. لا احد يسألنا ما إذا كنا نعتقد أننا على خطأ. نريد الحوار، وأن نكون طرفاً فاعلاً في المشهد لا مكملاً له».