ردود فعل الشارع في العواصم العربية تباينت بين دهشة.. وفرح.. وذهول.. ورثاء

موسى: اعتقاله حدث مهم ونهاية كاملة للنظام السابق * الأردن: نأمل أن تكون صفحة طويت * رنا ورغد ترفضان التعليق

TT

عمان: نبيل غيشان ـ وفارس الشرعان وسامي محاسنة ـ دمشق: رزوق الغاوي: تباينت مشاعر الأوساط السياسية والشعبية العربية ما بين الدهشة والذهول والرضا والرثاء تجاه عملية القبض على الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين على يد القوات الاميركية في مسقط رأسه بتكريت. وفي اول تعليق له على الموقف قال الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى امس: «النظام السابق سقط، وكانت مسألة القبض على الرئيس السابق مسألة وقت». واضاف انهم «أي الاميركيين» يعتقلون كل المسؤولين في النظام السابق».

وقال: «بالطبع فاعتقال صدام حدث مهم في التطورات الجارية والموقف الجاري في العراق، وبالطبع فإن الشعب العراقي سيكون له موقفه، خاصة في ضوء ما ظهر بعد سقوط النظام السابق من اعمال غير مقبولة وتصرفات خطيرة، وآن للشعب العراقي ان يقول كلمته في ضوء هذا الحدث، وان هذا يعتبر نهاية كاملة للنظام السابق». واوضح انه سوف ينتظر ليرى ما سيطالب به الشعب العراقي فيما يخص مسألة محاكمة صدام حسين.

* الأردن

* وفي عمان اعربت الحكومة الاردنية امس عن املها في ان تكون «صفحة طويت» مع اعتقال صدام، داعية الى بناء مؤسسات الدولة سريعا في العراق. وقالت الناطقة باسم الحكومة الاردنية اسمى خضر: «نأمل ان تكون صفحة قد طويت وان يتمكن الشعب العراقي من الاضطلاع بسلطاته في اسرع وقت وبناء مستقبله وفقا لارادة ابنائه بمختلف اطيافهم».

واضافت: «الكلمة الاولى والأخيرة بشأن اعتقال صدام حسين او مصيره يجب ان تكون للشعب العراقي، وما يهم الحكومة الاردنية هو أمن وسلامة الشعب العراقي واستقرار الاوضاع السياسية في هذا البلد العربي، وسرعة بناء مؤسسات الدولة العراقية وتسلمها مقاليد الامور».

لكن عزام هنيدي، وهو نائب اسلامي في البرلمان الاردني، وصف اعتقال صدام بأنه «نبأ سيئ» مضيفا ان صدام كان رمزا لتحدي الخطط الاميركية في المنطقة. وقال انه يؤيد اي شخص يتصدى للهيمنة الاميركية.

ورفض الامين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي المقرب من النظام العراقي السابق تيسير الحمصي الادلاء بأي تصريح لان ظروفه النفسية حالت دون تعليقه على هذا الحادث.

ونزل نبأ اعتقال صدام على بعض المواطنين الاردنيين وقع الصاعقة حيث أعرب الكثير منهم عن استهجانهم لإلقاء القبض عليه بهذه البساطة، ودون مقاومة فيما كان يعتقد البعض انه يحتفظ برصاصة سيطلقها على رأسه قبل ان تتمكن القوات الاميركية من إلقاء القبض عليه، في الوقت الذي اعتبر فيه البعض ان إلقاء القبض عليه «دليل على جبنه وخوفه على حياته الشخصية».

ولم يخفِ أردنيون التقتهم «الشرق الأوسط» فرحتهم لإلقاء القبض عليه «لمحاسبته على جرائمه بحق الشعب العراقي». إلا ان الاجماع الشعبي الاردني كان يتمنى ان يتم إلقاء القبض عليه ومحاكمته من الشعب العراقي وقبل ان تحتل القوات الاميركية ارض العراق.

الاردنيون المؤيدون لصدام والمتعاطفون معه من مختلف ألوان الطيف السياسي بما في ذلك قادة المعارضة الاردنية لم يخفوا غضبهم وحزنهم لهذه النهاية السريعة او التي اسموها بالمأساة، إلا أنهم وجدوا عزاءهم باستمرار المقاومة العراقية للاحتلال الاميركي، وتصعيدها. وتمنى المؤيدون «لو انه انتحر قبل ان تتمكن القوات الاميركية بالتعاون مع الاكراد من إلقاء القبض عليه»، كما تمنوا لو انه قتل في مواجهةٍ مثل ابنيه عدي وقصي وحفيده مصطفى قبل ان يقع في قبضة القوات الاميركية.

في غضون ذلك حاولت «الشرق الأوسط» عبر وسطاء الالتقاء مع ابنتي صدام حسين «رنا ورغد» اللتين تقيمان في عمان للتعليق على نبأ إلقاء القبض على والدهما، لكنهما رفضتا رفضاً قاطعاً التعليق على الحادث.

ولم تندلع اي مسيرات او مظاهرات مؤيدة او مناهضة لإلقاء القبض على صدام في الاردن، واتخذت السلطات الاردنية اجراءات امنية احترازية تحسباً لاندلاع مسيرات، كما عززت الحراسات على السفارتين الاميركية والبريطانية في عمان في إطار الاجراءات الاحترازية.

وقال مصدر امني لـ«الشرق الأوسط» ان الاجراءات الامنية عادية والوضع هادئ وان الاجهزة المختصة لن تسمح بخروج أي مسيرة غير مرخصة رسمياً.

* سورية

* وتراوحت ردود الفعل لدى الشارع السوري ولدى أوساط سورية إعلامية وثقافية واجتماعية مختلفة حول نبأ اعتقال حسين بين مصدق للنبأ ومكذب له وبين سعيد للنبأ وحزين، بيد أن ثمة إجماعاً أكده مواطنون سوريون التقت بهم «الشرق الأوسط» امس، على رفض قيام قوات الاحتلال الأميركي باعتقال صدام «لأن هذه المسألة يفترض أن تكون من شأن الشعب العراقي وليس من شأن قوات الاحتلال».

ففي حين أعرب البعض عن اعتقاده بأن اعتقال صدام «حرق للورقة الأخيرة للقوات الأميركية، مما يستدعي من الإدارة الأميركية حسب مبرراتها السابقة أن تبدأ العد التنازلي والسريع للخروج من العراق». رأى آخرون أن القبض على صدام «بمثابة نهاية طبيعية لكل طاغية، وسواء اعتقل صدام أو لم يعتقل فإن ذلك لن يكون ذا أهمية في مجمل المسألة العراقية، بل إن من شأنه أن يزيد الوضع في العراق تعقيداً». بينما قال آخرون ان هذا «يعني أن مهمة الأميركيين انتهت في العراق وعليهم الانسحاب منه في أقرب وقت ممكن». وقال مواطن سوري رفض ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط»: «كنت أنتظر مثل هذا الخبر منذ وقت طويل لأن صدام الذي طغى وتجبر يستحق مثل هذه النهاية، إلا أنني كنت أود لو أن الشعب العراقي هو الذي أطاح به واعتقله وحاكمه في عراق مستقل يملك سيادته، وليس محتلا».

* مصر

* ورحب مواطنون عرب باعتقال دكتاتور، لكنهم أبدوا في الوقت نفسه اسفهم.

واعرب البعض عن خشيتهم من ان يعزز اعتقال صدام مركز الرئيس الاميركي جورج بوش الذي يعتقد انه يقوم بحملة عليهم وعلى غيرهم من المسلمين بعد الهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحدة في 11 سبتمبر (ايلول) عام 2001 .

وقال حسين جعفر وهو بائع في البحرين بعدما ذاعت أنباء اعتقال صدام: «انها انباء سعيدة لكننا كنا نتمنى لو ان الشعب العراقي هو الذي اعتقله وليس القوات الاميركية، لان هذا سيعطي دفعة لبوش في الانتخابات الرئاسية المقبلة».

وقال رئيس الحزب الناصري المصري المعارض ضياء الدين داود: «عملية القبض على صدام حسين قد تؤثر معنويا على المقاومة العراقية، ولكن المؤكد انها لن توقفها لان المقاومة ليست صدامية ولكنها عراقية شعبية.

وقال المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين مأمون الهضيبي: «ينتقم الله من ظالم بظالم، ثم ينتقم من كليهما».

وكانت أنباء القبض على الرئيس العراقي السابق قد أثرت على فعاليات مؤتمر القاهرة الثاني لدعم المقاومة العربية الذي بدأ أعماله أمس الأول، وتباينت ردود فعل المشاركين ما بين مصدق ومكذب للنبأ، خاصة ان من بين المشاركين في المؤتمر عدد من كبار ساسة العالم السابقين، وعلى رأسهم السياسي البريطاني المخضرم توني بن، حيث أعرب عن اعتقاده ان اعتقال صدام «لن يكون له أي تأثير على المقاومة العراقية، لأنها تقاوم احتلالاً ولا تتبع صدام». أما جورج جالوي عضو البرلمان البريطاني فقال انه تأكد من صحة الخبر بعد اتصال هاتفي مع وزير خارجية بلاده. وأضاف: «اعتقد انه سيكون يوماً سعيداً لكل من رئيس الوزراء البريطاني توني بلير والرئيس الاميركي جورج بوش وقوات التحالف في العراق». وأشار الى «ان المقاومة لن تنتهي بالقبض على صدام، وسوف تنهال القنابل على رأس بول بريمر وقوات التحالف أكثر من السابق». أما دنيس هاليداي مسؤول برنامج النفط مقابل الغذاء السابق بالعراق والذي قدم استقالته احتجاجاً على التصرفات الاميركية والفساد والسرقة للبرنامج فبدت عليه علامات التأثر الشديد والأسى والحزن وقال: «هل هذه الانباء صحيحة؟ إنني لا أعتقد ان صدام هو الشخص الذي يسمح لأحد بالقبض عليه.. على أية حال فإن القانون الدولي يمنع قوات التحالف من التعرض له بأي سوء، فقد كان رئيساً لدولة عربية عضو بالأمم المتحدة، ومعترف بها من جميع دول العالم واتفاقيات حقوق الانسان التي وافقت عليها كل من بريطانيا واميركا تضمن له المحاكمة العادلة فقد كان رئيساً لدولة وينبغي معاملته بطريقة محترمة».

وتباينت ردود فعل رجل الشارع المصري من الشعور بالفرح الى عدم التصديق. اذ قال سامح وهو بائع صحف في القاهرة: «أنا مبسوط جدا لان صدام سبب هذه البلايا، لو كان تنازل عن الحكم ما كان سيحدث شيء.. لن يكون هناك استقرار في العراق فوجود صدام كعدمه، والمقاومة ستستمر فهي تدافع عن الارض وليس عن صدام».

* المغرب

* وخلت شوارع العاصمة المغربية الرباط من المارة صباح أمس مما يفسر انشداد المغاربة إلى ما كانت تبثه القنوات الفضائية من أخبار عن ظروف اعتقال صدام حسين. وبينما استمرت القناتان التلفزيونيتان الرسميتان في بث مباشرة لنقل مباريات كرة القدم وجائزة الحسن الثاني للغولف، اكتفت وكالة الأنباء الرسمية المغربية ببث قصاصات نقلا عن وكالات الأنباء الأجنبية حول تصريحات بول بريمر الحاكم المدني الأميركي في العراق. وفيما اعتذر العديد من المسؤولين الحزبيين الذين اتصلت بهم «الشرق الأوسط» عن التعليق على الحادث، أغلق آخرون هواتفهم النقالة تفاديا لاتصالات الصحافيين. لكن أحمد المديني رئيس رابطة أدباء المغرب، وصف يوم اعتقال الرئيس العراقي السابق صدام حسين بأنه «يوم أسود وحزين في تاريخ الأمة العربية والإسلامية».

وقال المديني إن اعتقال صدام هو جزء من الجرائم الأميركية ومن مخططاتها إلى اعتقال الجماهير والفكر واعتقال حرية أن تقرر الشعوب مصيرها بنفسها في تزكية أو محاكمة قادتها، وأضاف المديني أن الذين عبروا عن ابتهاجهم أو سيبتهجون لاعتقال صدام يجب أن يعرفوا أن الدور آت عليهم لا محالة، «فالمخطط الأميركي هو مخطط تدريجي».

من جهته، قال عبد القادر الشاوي مدير نشر أسبوعية «الأخبار» المغربية إن اعتقال صدام كان تحصيل حاصل، وأن المشكل الجوهري هو مستقبل العراق كبلد يجب أن يستعيد حريته ويبني استقلاله الوطني ويوفر لشعبه سبل تنمية حقيقية وعادلة يستفيد منها كافة أفراد الشعب العراقي. من جانبه، وصف عبد الحميد أمين رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان اعتقال صدام بأنه «غير مشروع» في الوقت الذي أشار إلى أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان كانت دائما تعتبر صدام حسين ديكتاتوريا ومعاديا لحقوق الإنسان، «لكن الأحق بمحاكمته هو الشعب العراقي، ولا يحق لأي كان أن يمارس على هذا الشعب الوصاية» وفق ما جاء في قول أمين.