بوش: صدام سيواجه العدالة التي حرم منها الملايين

جوزيف ليبرمان المرشح الديمقراطي للرئاسة: صدام يجب ألا يحاكم في لاهاي لأنها لا تحكم بالإعدام

TT

دعا الرئيس الاميركي جورج بوش امس العراقيين الى «رص صفوفهم ونبذ العنف» اثر اعتقال الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين مساء اول من امس في تكريت.

ووعد بوش بان صدام حسين «سيواجه العدالة التي حرم الملايين منها». وقال في كلمة قصيرة اذاعها التلفزيون ان لديه رسالة قصيرة الى الشعب العراقي «لن يكون عليكم ان تخشوا حكم صدام حسين ابدا بعد اليوم». ودعا العراقيين ايضا الى وقف الهجمات على قوات التحالف بعد اعتقال صدام حسين. وقال سكوت ماكليلان المتحدث باسم الرئيس الاميركي ان بوش اجرى اتصالات هاتفية امس مع عدد من قادة العالم لابلاغهم بتوقيف صدام حسين، ومن بينهم رئيسا الوزراء البريطاني توني بلير والاسباني خوسيه ماريا اثنار، حليفاه الرئيسيان في الحرب على العراق. كذلك اتصل بوش بعدنان الباجه جي عضو مجلس الحكم الانتقالي العراقي، كما سيجري اتصالات هاتفية مع مسؤولين آخرين.

وتلقى الرئيس بوش اتصالات من عدد من زعماء العالم من بينهم أولئك الذين عارضوا قراره بالحرب على العراق، عبروا فيها عن تهانيهم بهذا النصر الذي حققته قوات التحالف. وأعربوا عن أملهم في أن يؤدي اعتقاله إلى تحرك العراق قدما نحو الاستقرار والحرية والديمقراطية. ومن بين الزعماء الذين اتصلوا بالرئيس الأميركي المستشار الماني غيرهارد شرودر، وكذلك رئيس الوزراء الياباني، ورئيس الوزراء الأسترالي وكل من رئيس الوزراء الإيطالي والإسباني، بينما قال الرئيس الفرنسي في بيان له ان اعتقال صدام يجب أن يساهم في استقرار العراق ويسمح للعراقيين بسيادة أنفسهم وتسريع نقل السلطة إليهم.

وقال سكوت ماكليلان إن الرئيس بوش يرى اعتقال صدام بأنه مهم جدا «وخبر سار جدا للشعب العراقي وانه (الرئيس) سعيد جدا للشعب العراقي».

وأضاف ماكليلان: لقد كان صدام ديكتاتورا، ومسؤولا لعدة عقود عن الكثير من الأعمال الوحشية، ويستطيع الشعب العراقي أن يتأكد بشكل قاطع أن صدام حسين لن يعود.

وعلى صعيد نتائج اعتقال صدام على أكثر من جهة، أكد مسؤولون ومراقبون أن اعتقال صدام ليس فقط نصرا عسكريا وإنما يوفر للرئيس بوش مكسبا في المعركة الانتخابية التي سيخوضها ضد منافسه الديمقراطي للفوز بالرئاسة.

وعلى هذا الصعيد، فقد الديمقراطيون ثغرة من سلسلة ثغرات يستغلونها لانتقاد الرئيس وسياسته والحرب على العراق.

وقال أبرز زعماء الكونغرس الديمقراطيين السناتور جوزيف بايرن في أول تعليق على اعتقال صدام «إن ذلك يعد مكسبا لمصلحة الولايات المتحدة والعالم والشعب العراقي».

وأعرب عدد من المسؤولين عن اعتقادهم بأن اعتقال صدام يشكل ضربة للمقاومة العراقية، ولكنهم أكدوا أن المقاومة ستستمر على المدى القصير. وأشاروا إلى أن المعلومات التي تقول إن عزة الدوري (نائب صدام) الذي لا يزال طليقا، هو الذي يدير المقاومة ويوجهها.

وطالب المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الاميركية جوزيف ليبرمان باحالة صدام حسين الى محكمة مخولة اصدار حكم بالاعدام في حقه. وقال السيناتور عن كنكتيكت (شمال شرق) متحدثا الى شبكة ان بي سي التلفزيونية «ان هذا الرجل، صدام حسين، هذا الشيطان، يجب ان يحكم عليه بالاعدام». وتابع «ان المحكمة الدولية في لاهاي لا يمكنها اصدار حكم بالاعدام. وسؤالي الاول بالتالي هو هل ان المحكمة (التي ستحاكمه) ستتمكن من اعدامه، وهو ما يستحقه بالتأكيد. والا، فمن الواجب احالته الى محكمة عسكرية اميركية ليواجه عقوبة الاعدام التي انزلها بمئات الاف الاشخاص من شعبه وباكثر من 460 اميركيا». واوضح ان «الحرب ضد الارهاب ستستمر بالطبع.. اننا في حرب مع اناس يكرهوننا اكثر مما يحبون الحياة.. القبض على صدام لا يعني التوقف عن ذلك تحت اي تصور».

وصرح ساندي بيرغر مستشار الامن القومي للرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون بأن القبض على صدام خطوة كبيرة للامام، لكنه قال ان العراق يواجه مشاكل اكبر بكثير من مجرد شخص صدام حسين. وقال في حوار مع محطة «ام إس إن بي سي»: «هذا (الاعتقال) سوف يحبط معنويات بقايا ذلك النظام بلا شك.. ولكني لا اظن ان ذلك سوف يحل مشاكل العراق.. فالعراق ما زال امامه مشكلة امنية، امامنا مشكلة تدمير المنشآت، وامامنا تقديم الخدمات للشعب العراقي.. انه ما زال طريقا مظلما.. ولكني اقول ان ذلك دفعة معنوية لنا ولرفاقنا ومحبطة لاولئك الذين يحاولون اعطاب تنمية العراق».

وقال بيل فرست زعيم الاغلبية الجمهورية في الكونغرس لمحطة «فوكس» عاكسا وجهة النظر تلك: «لا يزال امامنا اعادة البناء وما زالت امامنا المقاومة. لذلك يجب ان اكون حريصا في توقعاتي». غير انه قال انه سعيد بالقبض على صدام حسين حيا. وقال: «يجب عليه ان يقف امام شعوب العالم وامام 300 قبر جماعي تم اكتشافها في العراق وان يكون مسئولا عن موت 60 الفا من الاكراد تم استخدام المواد الكيماوية ضدهم». وقال فرست: «مشاهد صدام تبعث برسالة قوية لاي شخصية يحلم بالمشاركة في الارهاب». وقال جون كيري احد المرشحين الديمقراطيين المعارضين للرئاسة الاميركية: «هذه فرصة لتدويل مجهودنا في العراق. انها لحظة قوية يجب ان تقول فيها اميركا للعالم ان صدام وولديه قد ذهبوا بلا رجعة. وبالتالي انه وقت مناسب للعالم ان يتدخل في العراق». وقال ديك لوغار الجمهوري البارز في الكونغرس والحليف المقرب من الرئيس بوش ان «اعتقال صدام يثبت ثقتنا في جورج بوش.. ويعطينا قوة لعملية تخفيض ديون العراق». وقال: «محاكمة صدام يحب ان تكون من العراقيين». وقال جو بايدن زعيم الاقلية الديمقراطية في لجنة العلاقات الخارجية بالكونغرس: «لن يكون للارهابين بحيرة الاموال ليسبحوا فيها الان، انني ما زلت اطالب بقوات اكبر في العراق، وان تتم محاكمة تشير للعالم العربي والعالم المسلم اننا وضعنا الدليل الدقيق على ارتكابه لفظائع ضد المسلمين وقتله الالاف منهم».

وبدت الشوارع في العاصمة الاميركية واشنطن هادئة بشكل اكثر من المعتاد، حيث بقي الكثير من الاميركيين في منازلهم في صباح سقطت فيه الثلوج. وقالت تينون لي وهي طالبة اميركية تدرس القانون: «يبدو ان العراقيين سعداء للقبض على صدام. وهذا هو الاهم. اتمنى فقط ان يعني ذلك توقف الدماء في الشرق الاوسط وبين صفوف قواتنا». وقال الكسندر نايت وهو موظف في احدى المحاكم في واشنطن: «دهشت لرؤية صدام بهذا الشكل. بدا أليفا جدا انه حتى لم يقاوم وفق ما سمعت.. انا سعيد انه سيبدأ في دفع بعض ديونه لشعبه وللعالم.. نحن بالتأكيد اكثر امنا هنا».

واستمرت المحطات الاميركية في اجواء تذكر باجواء احداث 11 سبتمبر (ايلول) في اعادة صور صدام حسين وهو يخضع للكشف الطبي وتم استدعاء كبار المذيعين مثل توم براكو وتيم راسيت في «إن بي سي» ودان راذر في «سي بي اس» وولف بليتزر من «سي ان ان» الى المحطات على الرغم من ان اليوم كان عطلة، لتقديم برامج حول القبض على صدام. وقارنت المحطات في صور مستمرة بلا انقطاع بين هيئة صدام قبل القبض اثناء وجوده في الحكم وقد احاط به حراسه وارتدى ملابس انيقة وهيئته الآن وقد بدا اشعث اغبر متعبا تماما. وقالت محطة «إن بي سي»: «الرئيس بوش يعطينا افضل هدية في اجازات الكريسماس». وبثت المحطات صورا من بغداد لمواطنين عراقيين يحتفلون ويوزعون الحلوى ويطلقون الاعيرة النارية ابتهاجا بالقبض على صدام وصور لاطفال عراقيين وهم يرقصون ويصفقون فرحا.

واشاد الرئيس بوش بدور الاستخبارات في القبض على صدام، مشيراً الى ان «نجاح عملية القبض عليه قامت على اساس معلومات استخبارية ادت الى اعتقاله». وفي هذا مديح لـ«سي. آي. ايه» التي تتعرض للنقد منذ فترة طويلة، خصوصا فيما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل العراقية.

ورغم وصف الرئيس يوم اعتقال صدام بأنه «عظيم» وان اعتقاله «نصر كبير» حذر قائلاً: ان اعتقال صدام لا يعني ان العنف سيتوقف في العراق، ولا يعني اعتقاله ايضا انتهاء الارهاب. وأكد «اننا لا نزال نواجه الارهابيين، وان الحرب على الارهابيين لا تزال مستمرة، وسننتصر عليهم».

وأكد ان الحرب على الارهاب هي حرب من نوع مختلف، وقال انه بالقبض على صدام تم تحقيق هدف كبير في هذه الحرب.

وعلى صعيد الخطوات التالية بعد ما تضمنه خطاب الرئيس بوش المقتضب امس، نقل عن مسؤولين في الادارة ان الرئيس قد يستغل القاء القبض على صدام لبدء حملة دبلوماسية خاصة، تخرج الولايات المتحدة من تفردها بمعالجة الوضع في العراق، لتبدأ معالجته عبر المجتمع الدولي.