ندوة «حوار الثقافات» تصدر إعلان الرباط وتدعو لإنشاء منتدى دولي للحوار

TT

دعا المشاركون في ندوة «حوار الثقافات» التي اختتمت فعالياتها أول من أمس بالرباط إلى أن تشكل هذه المبادرة منطلقا لإنشاء منتدى دولي حول حوار الثقافات.

وأعرب المشاركون في «إعلان الرباط» الذي صدر في ختام أشغال الندوة التي جرت ما بين 11 و13 ديسمبر (كانون الاول) الجاري عن الأمل في أن يحقق هذا المنتدى ما دعت إليه أرضية هذا الحوار.

ووجه المشاركون من العالم العربي وأوروبا وأميركا وآسيا نداء إلى كل قادة العالم من أجل الإنصات الفاعل لهذا الحوار الذي يؤكد على ضرورة إيجاد حلول سريعة وعادلة للنزاعات التي تغذي الأحقاد والتعصب ورفض الآخر، من أجل حماية التعددية الثقافية في تعبيراتها اللغوية والإبداعية.

وأكد المشاركون بالمناسبة أن حوار الثقافات ليس ممكنا فحسب بل هو ضروري داخل كل ثقافة على حدة، وبين كل الثقافات لإرساء قواعد جديدة لمعالجة النزاعات والاختلافات عوض الأساليب القديمة المتمثلة في الحرب والتعصب والإرهاب.

كما أكدوا أن هذا الحوار فضلا عن كونه ممارسة يختص بها الإنسان، فإنه السبيل الوحيد لضمان التعايش والتعدد، وهو ما يقتضي الاحترام الكامل لتنوع الثقافات وخصوصياتها المختلفة، ورفض كل شكل من أشكال الهيمنة والعنف والأحادية.

وكانت فعاليات الندوة قد تواصلت خلال أول من أمس بالاستماع الى مداخلة حسن أوريد رئيس مركز طارق بن زياد، الذي أكد أنه بدون المعرفة «المعمقة» بالآخر لا يمكن أن يكون هناك حوار.

ودعا أوريد إلى معرفة متبادلة «هادئة ومتباينة» بين العالم الإسلامي والغرب، وهي معرفة يجب أن لا تكون مثقلة بالإحباطات من جانب المسلمين أو مقتضبة من جانب الغربيين.

ودعا أوريد إلى «إبراز البعد الإنساني للإسلام بالكشف عن العناصر الإنسانية الصوفية والتعبير بمضمون جديد في إطار عتيق».

وأكد الأكاديمي جمال الدين بن الشيخ أن تمزقات الراهن تفرض أن يستعيد العقل حقوقه، مشيرا أيضا إلى أنه يمكن النهوض بأشكال المقاومة من خلال تبديد الجهالات.

أما الباحث المغربي علي أومليل فقد اعتبر أن العائق الأكبر في وجه هذا اللقاء يتمثل في التعليم الثنائي المستوى في البلدان الإسلامية، أولهما موجه للنخبة التي تمثلت قيم الغرب، وثانيهما موجه لبقية الجماهير الكثيرة العدد والمحبطة.

ودعا الأكاديمي الجزائري محمد أركون إلى اعتبار الفوارق التاريخية بين الثقافات والأنماط الحديثة للتفكير واحدة من المعطيات الملموسة التي لا محيد عنها في البحث عن إجابات ملائمة لتطلعات التحرر والتنمية لكل الشعوب، وكل الذاكرات الجماعية التي تعرضت للقمع.

ولاحظ أركون الأستاذ بجامعة السوربون والمتخصص في الدراسات الإسلامية أن «الفجوة الثقافية والعلمية والثقافية بين الإسلام والغرب ما فتئت تتسع»، مدافعا عن فكرة الانفتاح في أوروبا وأميركا والبلدان العربية على أوراش التأمل وأنظمة التفكير بما فيها اللاهوتية وعلى الأدوار الاجتماعية والتاريخية للأديان.

وناقش الباحث الإيراني حميد دبشي عضو اللجنة التنفيذية لمركز الأدب المقارن والمجتمع في مداخلة بعنوان «صعود وانحدار التفكير الحضاري» صعود الحضارة والثقافة وبروزهما باعتبارهما مقولتين مترابطتين تتناسبان مع صعود الحداثة التنويرية، محللا فائدتهما في تدعيم الهيمنة السياسية للمقولة التي أطلقت على نفسها إسم «الغرب»، ودخول العالم مرحلة جديدة من الهيمنة الكونية.

ومن جهته ألح الباحث آلان شانلا من كندا على أهمية نشر المضامين التي ترسخ آليات إدراك «الاختلافات البشرية» عبر المؤسسات التعليمية في العالم أجمع ومن خلال الاستعانة بما توفره شبكة الأنترنت من إمكانيات معرفية.

ونوه الكاتب المغربي أحمد المعتصم بدور الترجمة مذكرا بعدد من مدارس الترجمة التي شهدها تاريخ العالم العربي والأندلس، وفضل تلك الترجمات في نقل العلوم الدقيقة اليونانية الى أوروبا لتنهل منها.