دمشق تعتبر أن باب الحوار لا يزال مفتوحا مع واشنطن ولبنان يستنكررسميا توقيع بوش لقانون محاسبة سورية

TT

فيما استنكر لبنان رسميا وسياسيا توقيع الرئيس الاميركي جورج بوش«قانون محاسبة سورية»، قال وزير الإعلام السوري أحمد الحسن لـ«الشرق الأوسط» أمس: إن موقف دمشق من قانون محاسبة سورية لم يتغير منذ أن عرض على الكونغرس أي إن القرار بحد ذاته يعطي سلطة تشريعية لدولة خارج نطاق حدودها الإقليمية، مما يلغي دور الأمم المتحدة ويحجمه. وأضاف: ونحن رغم هذا القرار الذي أعطى الرئيس جورج بوش حرية اختيار الفقرات التي يريد تطبيقها، نرى أن القرار يتضمن فرض عقوبات دبلوماسية في حين تم تعيين سفيرة لهم في دمشق، مما يؤكد أن باب الحوار لا زال مفتوحاً مع دمشق التي هي أيضاً مع استمرار الحوار.

ورأى وزير الإعلام السوري أن لا مشكلة بين سورية والشعب الأميركي لكن هناك خلافاً في الرؤى بيننا وبين الإدارة الأميركية حول بعض القضايا في المنطقة. وسبب هذا الخلاف هو استجابة قسم من الإدارة الأميركية لضغوط إسرائيل وخاصة حكومة شارون، التي لا تريد قيام علاقات حسنة ثنائية بين أميركا وسورية. وأضاف الوزير السوري إن سياسة سورية من حيث ثباتها على مواقفها الوطنية والقومية، لم تتغير ولم تثنيها هذه الضغوط إطلاقاً. ونحن نرى في هذه السياسة ما يستجيب لمصالح شعبنا وتطلعاته ولذلك لا يمكن أن نتخلى عما يريده شعبنا، وفي كل الأحوال الحوار بين سورية والإدارة الأميركية لا يزال مستمراً ودليل ذلك وجود وفد من الكونغرس الأميركي في دمشق، مؤكداً أن سورية تؤمن بأن مايتخذ من قرارات ضدها من قبل بعض المتطرفين في الإدارة الأميركية، إنما يتم بضغط من حكومة شارون بهدف كسر إرادتها في محاولة لدفعها إلى تقديم تنازلات في المستقبل.

وفي بيروت قوبل توقيع الرئيس الاميركي جورج بوش لقانون «محاسبة سورية واستعادة سيادة لبنان»، بخيبة واستنكار في الوسطين الرسمي والسياسي في لبنان. وفيما اعتبر وزير الخارجية اللبناني جان عبيد ان الخيبة وحدها لا تكفي للتعبير عن يأس العرب واوروبا من صمود بوش امام الطغمة المتصهينة في الكونغرس، اعتبر الرئيس السابق للحكومة اللبنانية سليم الحص «ان غطرسة القوة» هي التي اتاحت لاميركا محاسبة دولة ذات سيادة وتجاهل الأمم المتحدة.

وقال الوزير عبيد في تصريح ادلى به امس، في اول موقف رسمي لبناني من توقيع بوش لقانون المحاسبة: «ان توقيع الرئيس الاميركي على القانون في وقت يجري الاعداد لمشاريع قوانين اخرى في الكونغرس لمحاسبة السعودية وتوطين الفلسطينيين في لبنان والدول العربية، يدل على ان الاعراض التي اصابت روما القديمة في سكرة الانتصار وقبل الانكسار، لم تدخل في الماضي من غير رجعة او تكرار في المستقبل».

ورأى عبيد «ان اخطر ما في هذا الاجراء الاميركي انه بعد الغائه مرجعية التظلم والتشاكي والتحاكم الممثلة بالأمم التحدة، يهدد بأن تلغي هذه العصبة المتصهينة امل العقل والعدل في اقوى دولة في العالم واكبر قوة في التاريخ. وما زلنا نأمل في ان يكون في سلطة الاستنساب والانتقاء في الاجراءات المعطاة للرئيس الاميركي نافذة وضوء على الوعي لضخامة الخطر المتربص باميركا والغرب والعالم من جراء تعاظم يأس العالم من نقص الحكمة والعدالة والضمير في السياسات الاميركية واداراتها».

اما الرئيس السابق للحكومة، سليم الحص فتساءل: «بأي منطق للسيادة تبيح اميركا لنفسها التحدث في شأن لبناني من دون التشاور مع الحكومة اللبنانية؟ وكيف تبيح اميركا لنفسها محاسبة دولة ذات سيادة وهي عضو في الامم المتحدة في منطق الشرعية الدولية والقانون الدولي؟ اليس في هذا تجاهل لوجود الامم المتحدة وشرعيتها؟». وقال: «اذا كان لاميركا محاسبة دول اخرى، فمن الذي يحاسب اميركا على دعمها اسرائيل بالمال والسلاح والغطاء السياسي والدبلوماسي المطلق في الارهاب الذي تمارسه ضد الشعب الفلسطيني؟ الا يجعل ذلك من اميركا شريكاً مباشراً في ارهاب الدولة، الذي تمارسه اسرائيل ضد العرب؟ ومن الذي يحاسب اميركا ؟».

ومن جهتها أعربت دوائر سورية عن استغرابها لإقدام الرئيس الأميركي جورج بوش على تبني قانون محاسبة سورية ليصبح نافذاً في وقت رأت تلك الدوائر أن المنطقة تعيش في حالة من الاضطراب والفوضى، جراء السياستين الإسرائيلية والأميركية ومشاريعهما المتعثرة في المنطقة.

واعتبرت هذه الدوائر أن توقيع القانون جاء نتيجة تحريض صهيوني وإسرائيلي، وأنه جاء انتصاراً للوبي الأميركي في أميركا، وعقبة أمام تطوير العلاقات بين دمشق وواشنطن. ورأت أن توقيع الرئيس بوش على القانون يعكس العداء الأميركي لسورية، ويشكل سابقة في ميدان التحامل والانحياز والاندفاع خلف إسرائيل التي تسعى إلى إشعال المنطقة وإغراقها بالدماء، ويكشف مدى التغلغل الصهيوني داخل أميركا والسيطرة الصهيونية على دوائر القرار الأميركي وصنعه، بما يخدم إسرائيل في عدوانها على العرب.