العراقيون يندفعون إلى الشوارع لرقص «الدبكة» وإطلاق الرصاص ابتهاجا

TT

سار الآلاف من العراقيين امس في مواكب فرح وهم يرقصون «الدبكة» ويطلقون النار في بغداد والعديد من المدن العراقية ابتهاجا باعتقال الرئيس العراقي السابق صدام حسين في تكريت.

وفي العاصمة العراقية اطلقت النيران من اسلحة مختلفة بعيارات متعددة من قبل اناس تهللت اساريرهم فرحا اثر سماعهم هذا النبأ المفاجئ. وفي ساحة الفردوس وسط العاصمة القى سكان اوراقا نقدية قديمة تحمل صور صدام حسين.

وقال شهود عيان ان أصوات طلقات بنادق آلية دوت في شتى أنحاء بغداد بينما قرع عراقيون أبواق سياراتهم وهم يشيرون بعلامة النصر بأصابعهم.

وفي مدينة النجف الشيعية المقدسة انفجر السكان الذين عانوا لفترة طويلة من اضطهاد نظام صدام حسين فرحا ورقصوا في الشوارع على حين تسمر آخرون في المقاهي التي تملك اطباقا لاقطة لمتابعة الاخبار.

وفي مدينة كركوك الشمالية خرج الاف للشوارع للاحتفال ورقص المحافظ عبد الرحمن مصطفى ومساعده اسماعيل احمد الحديدي وقائد الشرطة في الشارع امام الجنود الاميركيين في حين ذبح آخرون خرافا وعم المدينة فرح كبير.

وفي بعقوبة شمال شرقي بغداد حيث تتعدد الهجمات على الاميركيين سمعت طلقات فرح وشوهد اناس يرقصون. كما وردت أنباء عن مشاهد مماثلة في مدينة البصرة بجنوب العراق.

في المقابل كانت تكريت هادئة جدا ولم تظهر فيها اي علامة فرحة. واكد المحافظ حسين جاسم لوكالة الصحافة الفرنسية «انا حزين جدا لان قوات اجنبية هي التي اعتقلت صدام حسين لأني كنت افضل ان تعتقله الشرطة العراقية».

وفي الحويجة قرب كركوك وفي مدينة الفلوجة السنية ساد الهدوء وسيطر الحزن.

وفور ورود انباء اعتقال صدام خرج الآلاف من سكان مدينة اربيل، عاصمة الاقليم الكردي، والبلدات التابعة لها ابتهاجا وتعبيرا عن فرحتهم الغامرة بما اعتبروها عملية انهاء الكابوس الحقيقي الذي كان يهدد حياتهم ومستقبلهم. وانتشرت على الجدران لافتات تعبر عن سعادة الشعب الكردي بالاعتقال. وجرت مراسم عفوية شعبية حيث طافت المسيرات في الشوارع وامتدت الى خارج المدينة وشارك فيها اطفال ونساء وشيوخ بمختلف اتجاهاتهم واعمارهم فيما واصلت الفرق الفنية الشعبية اقامة الحفلات والدبكات الكردية التي عبرت عن يوم جديد في حياة العراقيين. واطلقت قوات البيشمركة الكردية التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني والاتحاد الوطني بزعامة جلال طالباني اطلاقات نارية وسجلت المستشفيات العديد من المصابين بحسب مصدر في وزارة الصحة المحلية لحكومة اربيل.

وقال عدنان المفتي عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ان الزعيم الكردي جلال طالباني ابلغ النبأ الى كوادره وقواته قبل اذاعته طالبا الاستعداد لاقامة حفلات واسعة بمشاركة آلاف الكوادر لتنقل مشاعر الاكراد تجاه هذا الحدث التاريخي في حياة الشعب العراقي الذي استقبل النبأ بحفاوة غير اعتيادية، ونظمت امام المنازل والمحلات التجارية مظاهر الفرح وتوزيع الحلويات.

ودعا عدنان المفتي قوات التحالف ومجلس الحكم الانتقالي الى محاكمة الرئيس العراقي المخلوع علنا امام الشعب العراقي لينال جزاءه العادل عن الجرائم المرتكبة بحق الانسانية ومن بينها الابادة وعمليات المقابر الجماعية ومجازر ارتكبت بحق الاكراد وعمليات الاعدامات التي شملت شرائح المجتمع العراقي بعربه وكرده وتركمانه.

وقال صلاح دلو عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني ان نبأ اعتقال صدام حسين ليس حدثا عابرا في تاريخ العراق نظرا للويلات والحروب المتكررة من قبله والتي دمرت العراق طوال 35 عاما من حكمه الاستبدادي، ووصف الاعتقال بانه يطوي صفحة من الظلم الذي حاق بالعراقيين بمختلف اتجاهاتهم وقومياتهم داعيا اعتبار يوم اعتقاله يوما وطنيا وعطلة رسمية في العراق.

وقال حيدر احمد، 48 عاما، «انني لم اتحمل ورود الخبر لكوني مصابا بحالة من المفاجأة ولم اصدق ان اعيش في زمن ينتهي فيه كابوس صدام الذي قام باعدام اثنين من اشقائي ونفذ عملية المجزرة في مدينة حلبجة وعملية الانفال وهدم ما لا يقل عن خمسة آلاف قرية كردية». وقالت بروين اسعد، 57 عاما، التي عبرت عن سعادتها باطلاق زغاريد الفرح وسط دبكة كردية في شارع شورش في اربيل «انني اشعر بعيد جديد وولادة حقيقية لان عصر صدام لن يعود مرة ثانية وان الاكراد انقذوا من ويلاته وجرائمه».

وفي السليمانية وصف برهم صالح رئيس الحكومة المحلية التي يديرها الاتحاد الوطني الكردستاني اعتقال صدام بأنه «نقطة انعطاف مهمة في تاريخ العراق والمنطقة لما يمثله هذا الديكتاتور من رمز للظلم والاضطهاد والارهاب في نظر العراقيين وشعوب المنطقة».

وأكد صالح الذي كان يتحدث لـ«الشرق الاوسط» ان صدام لم يقاوم القوة التي هاجمته «بل بدا خائرا وخانعا رغم انه كان يمثل بالنسبة لفلوله رمزا من رموز الصمود والشجاعة، وعليه فاننا نرى ان اعتقاله سيؤثر بشكل كبير على معنويات تلك الفلول التي تمارس عملياتها الارهابية ضد العراقيين»، مستدركا «لكن علينا ألا نتوقع ان اعتقال صدام يعني نهاية الارهاب في العراق، لأن العمليات الارهابية لم يكن مصدرها الوحيد فلول النظام السابق وانصار الرئيس العراقي، بل هناك مصادر عدة تمول وتخطط لزعزعة امن العراقيين ومصادرة الحريات التي تحققت لهم بفضل انهيار هذا النظام الدموي».

وابلغ برهم «الشرق الاوسط» ان حكومته اعلنت الايام الثلاثة القادمة عطلة رسمية في المناطق الخاضعة لسيطرتها ابتهاجا بهذه المناسبة.

وشهدت السليمانية مظاهرات صاخبة امس بعد اعلان نبأ اعتقال صدام وخرجت آلاف السيارات الى الشوارع وهي تطلق ابواقها، فيما زينت سماء المدينة مع حلول الظلام مئات الألوف من الاعيرة النارية المضيئة التي اطلقها السكان ابتهاجا بالمناسبة.