تسابق دولي لرفع دعاوى قضائية ضد صدام

TT

سيواجه الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين قائمة طويلة من الراغبين في رفع دعاوى قضائية ضده، ولا تقتصر القائمة بحال على ابناء الشعب العراقي، اذ تشمل بلدانا قررت بالفعل رفع دعاوى قضائية ضده واخرى ما زالت تبحث الامر. وتضم القائمة حتى الان ايران، الولايات المتحدة، اسرائيل والكويت، اذ تتهم هذه الدول صدام بارتكاب جرائم تتراوح بين جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وانتهاك القانون الدولي. واعلن مسؤول بارز بوزارة الخارجية الاميركية امس ان بلاده تحتفظ بحقها في رفع دعوى قضائية ضد الرئيس العراقي المخلوع، غير ان المسؤول الذي لم يكشف عن هويته رفض الافصاح عن الاتهامات الاميركية لصدام. الا ان مصادر مطلعة تقول ان السلطات الاميركية تبحث رفع دعوى جنائية ضد صدام بسبب محاولة عملاء عراقيين اغتيال الرئيس الاميركي الاسبق جورج بوش الاب عام 1993. وقال المسؤول الاميركي ان بلاده لن تبدأ اتخاذ اي خطوات الان، مؤكدا ان مثول صدام امام القضاء يجب ان يسبقه تحضيرات كثيرة وحل العديد من التعقيدات. واوضح ان المعضلات التي تبحثها واشنطن الان هي كيف يمكن لصدام ان يحاكم على الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب العراقي والجرائم التي ارتكبها بحق دول اخرى. واضاف المسؤول الأميركي ان هذا السؤال يعني هل يحاكم صدام امام محكمة عراقية صرفة ام دولية، وهل يحاكم طبقا للقوانين العراقية ام طبقا للقوانين الدولية. كيف يمكن الحفاظ على أمانه الشخصي اذا مثل للمحاكمة في العراق او اذا تم نقله للمحاكمة في واحدة من الدول التي قررت رفع دعاوى قضائية ضده. وكيف يمكن الحفاظ على السلامة الشخصية للشهود الذين سيمثلون امام المحكمة للشهادة، وكيف يمكن التعامل مع «الكم المتراكم من الادلة» ضده، واخيرا كيف يمكن التعامل مع طلبات دول مثل ايران واسرائيل والكويت التي قررت بالفعل، او تبحث حاليا رفع دعاوى ضده.

وقال المسؤول ان كل تلك القضايا ستطرح للنقاش مع العراقيين خلال الزيارة التي سيقوم بها المسؤول الاميركي عن قضايا جرائم الحرب بيير ريتشارد بروسبير الى العراق في مطلع يناير (كانون الثاني) المقبل. وشدد على ان مثول صدام امام اي محكمة لن يكون مسألة اسابيع بل مسألة شهور على الارجح بسبب التداخل بين الدعاوى الداخلية والدعاوى الخارجية على صدام.

وعلى الصعيد ذاته، اعلن مسؤولون اسرائيليون امس ان السلطات الاسرائيلية تبحث بدورها رفع دعوى قضائية ضد الرئيس العراقي السابق بتهمة ارتكاب جرائم حرب بسبب استهدافه مواقع مدنية اسرائيلية بصواريخ سكود خلال حرب الخليج الثانية 1991، واوضح الان بيكر المستشار القانوني لوزارة الخارجية الاسرائيلية ان بلاده تبحث كذلك طلب تعويضات على الخسائر التي سببتها القذائف العراقية. وذكر بيكر ان خبراء قانونيين اسرائيليين رفيعي المستوى اجتمعوا مع وزير العدل تومي لابيد بعد اعتقال صدام حسين وناقشوا الخطوات التي يمكن ان تتخذها الحكومة في هذا الصدد. وقال ان الهجمات التي شنها صدام بصواريخ سكود تشكل انتهاكا واضحا للقانون الدولي، اولا لان اسرائيل لم تكن طرفا في الحرب، وثانيا لانه استهدف اماكن مدنية وهذا انتهاك لمعاهدة جنيف المتعلقة بحقوق المدنيين وقت الحرب. واضاف ان الحكومة الاسرائيلية ستكون على اتصال مع وزارتي الخارجية والعدل الاميركيتين وانه عندما تتبلور الامور ستعلن الحكومة رسميا قرارها بشأن رفع دعوى ضد الرئيس العراقى المخلوع. وكان صدام قد اطلق 39 صاروخاً من طراز سكود على منطقة سكنية في تل ابيب مما ادى الى اصابة البعض واحداث خسائر مادية، لكنها لم تكن كبيرة.

ومن ناحيتها، جددت ايران امس مطالبها بمثول صدام امام محاكمها للنظر في «جرائم الحرب» التي ارتكبها بحق الجمهورية الاسلامية، كما اقترحت ان تستضيف طهران المحكمة التي سيمثل امامها الرئيس العراقي السابق. ووجهت السلطة القضائية الايرانية رسالة الى الامين العام للامم المتحدة كوفي انان جاء فيها «ان محاكمة جرائم صدام يجب ان تجري من جانب من لهم الحق فيها حتى تداوي هذه المحاكمة جراحهم». واضافت الرسالة ان «الذين استشهدوا يحتفظون بحق محاكمة جرائم صدام»، في اشارة الى الحرب التي شنها الرئيس السابق على ايران لمدة ثماني سنوات في بداية الثمانينات والتي اوقعت مئات الالاف من الايرانيين. وتابعت ان «الرأي العام الايراني يريد ان تجري محاكمة صدام امام محكمة ايرانية».

وكان المتحدث باسم الحكومة الايرانية عبد الله رمضان زاده قد اعلن الاثنين الماضي ان ايران تعد لتقديم شكوى على صدام حسين امام المحاكم الدولية. وقال «نريد ان تنظر في جرائم هذا الدكتاتور محكمة دولية وان تبين هذه المحكمة من الذي سلح الدكتاتور ومكنه من تفجير ثلاث ازمات كبرى في المنطقة» في اشارة الى الحرب العراقية الايرانية ثم حرب الخليج الثانية ثم حرب الخليج الثالثة. وتؤكد طهران ومنظمات انسانية دولية ان آلاف الايرانيين الذين قتلوا خلال الحرب العراقية ـ الايرانية بين 1980 و1988 كانوا ضحية استخدام صدام اسلحة جرثومية وبيولوجية محرمة دوليا.