«نظرية المؤامرة» تطل برأسها: صدام اختطفه مقربون ثم سلموه للأميركيين وصورة «عذق البلح» تثير تساؤلات حول تاريخ اعتقال الرئيس المخلوع

TT

أثار شريط الفيديو الذي بثته وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) لاعتقال صدام حسين والصور التي بثتها وكالات الانباء لاحقا لمكان الاعتقال، تساؤلات دفعت محللين الى اثارة «نظرية المؤامرة» حول الرئيس العراقي المخلوع وانه اعتقل قبل الموعد الذي اعلنته القوات الاميركية. ولعل أبرز ما لفت انتباه انصار نظرية المؤامرة، تلك الصور التي بثت للموقع ونشرتها الصحف العربية والدولية وظهر فيها عذق بلح أصفر فيما بدا الجنود الاميركيون يهمون بالدخول إلى المكان الذي كان يختبئ فيه صدام حسين. ومثار هذه التساؤلات، أن زراعة النخيل وإثماره وجنيه تكون في الشهور الصيفية من العام، في حين أن تاريخ إعلان القبض على الرئيس العراقي كان في 13 ديسمبر (كانون الأول) المعروف ببرودته في معظم مناطق العالم. وبالتالي، يشكك البعض في الرواية الأميركية حول أن العملية تمت في منطقة الدور قرب تكريت (وسط شمال العراق)، ومعلوم أن هذه المنطقة تتراوح درجة حرارتها العظمى بين 10 ـ 13 درجة مئوية في هذا الوقت من العام، وأن إثمار النخيل في منطقة الهلال الخصيب، التي تضم بالإضافة إلى شمال السعودية كلا من سورية ولبنان والأردن والأجزاء الشمالية من العراق، يبدأ عندما تكون الأجواء شديدة الحرارة، وحتى في الحالات التي تبقى عذوق البلح على الشجر تتحول من اللون الأصفر إلى البني الغامق.

وقال عراقيون متخصصون في مجال البستنة ان في العراق انواعا من النخيل لا ينضج تمرها الا في أواسط الشتاء، وبينها تمر الاشرسي، وخصوصا في المنطقة الشمالية التي يتأخر نضوج تمرها مقارنة بتمور المنطقة الوسطى، وكذلك المنطقة الجنوبية التي ينضج تمرها في اواسط الصيف.

وقال هؤلاء المتخصصون ان بعض التمور العراقية لا ينضج الا بعد ان تبدأ الامطار بالسقوط.

واوضح الدكتور راشد العبيد أستاذ الإنتاج النباتي بكلية الزراعة بجامعة الملك سعود في الرياض لـ«الشرق الأوسط» أن وضع البلح الظاهر في الصورة يشير إلى أحد أمرين، إما أن الصورة قديمة، أي التقطت في يوليو (تموز) الماضي، أو أن هذا النوع من التمور يكون إثماره متأخرا. وأفاد الدكتور العبيد، أنه بالرغم من وجود أنواع عديدة من التمور تتأخر في إثمارها إلى غير أوقات جني الثمار، إلا أنه يميل إلى الرأي الأول، كون لون البلح الظاهر في الصورة ما زال اصفر، وهذا يخالف الطبيعة التي يجب أن يكون عليها نتيجة برودة الجو وهطول الأمطار التي تؤثر في التمور، إضافة إلى ان الأنواع النادرة التي تثمر متأخرة يفترض أن تكون ثمارها قد دخلت مرحلة النضج والتحول إلى اللون البني.

ويستدرك الدكتور العبيد بقوله أن هناك احتمالا ثالثا وهو أن يكون تلقيح هذا النخيل قد فشل، ومن ثم أصبح التمر الظاهر في الصورة عبارة عن «شيص»، أي غير صالح للأكل والاستخدام الآدمي، وهو ما يقدم للبهائم كعلف. وأفاد بأن مسيرة إثمار النخيل تبدأ عادة من أول العام، حيث يبدأ ظهور الثمر في مايو (أيار)، وبالإمكان أن تستمر الثمار على الشجر لمدة ثلاثة أشهر، حيث يتعمد بعض المزارعين تركه لهذا الوقت لأهداف تجارية، أو أن إثماره يتأخر إلى شهر سبتمبر (أيلول).

من جهة أخرى، أكد خبير زراعي أن هناك أنواعا من التمور يمكن أن تنبت في الأماكن والأوقات الباردة، مستشهدا بأنواع الهلالية أو هلالة التي توجد أنواع منها في مدينة الرياض (العاصمة السعودية) والقصيم، والتي تحافظ على لونها الأصفر حتى نهاية الشتاء في شهر يناير (كانون الثاني). وأضاف الخبير أن هناك احتمالا آخر وهو أن يكون قد هطل على الثمرة وهي في النخلة مطر، فتركها صاحبها لعدم صلاحيتها للاستخدام الآدمي، حيث تترك كمنظر، وتحتفظ بهيئتها العامة على شكل بلح ولا يمكن أن تتحول إلى رطب بسبب المطر.

وقد استشهد بعض انصار «نظرية المؤامرة» من مؤسسة «ديبكا فايل» الاسرائيلية بملاحظات اخرى دعما لموقفهم ومن ذلك: طول وحالة شعر صدام الامر الذي يوحي بأنه لم يحلقه لثلاثة اسابيع على الاقل ونفس الشيء بالنسبة للحيته. ثانيا ، بدا صدام منهكا وجائعا. ثالثا، اعتقل شخصان كانا معه بينما كانا يحاولان الهرب، فيما كانت مع صدام بندقيتا كلاشنيكوف ومسدس لم يستخدم اي منها. رابعا، الحفرة التي وجد فيها صدام كانت لها فتحة واحدة ولم تغط بالتراب وتموه فحسب بل كانت مغلقة بحيث ما كان ليستطيع ان يتسلق منها بدون ان يزيل شخص في الخارج ما كان فوقها. والاهم مما سبق، كما يرى دعاة هذه النظرية، مبلغ الـ750 الف دولار الذي وجد مع صدام، وما كان يساوي شيئا مقابل الجائزة الاميركية البالغة 25 مليون دولار، ولكن من دون اية اجهزة اتصال. واستنتج محللو المؤسسة ان صدام «لم يكن هاربا بل كان معتقلا».

وحسب محللي المؤسسة فان صدام اعتقل بعد آخر رسالة صوتية بثت له في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بمناسبة رمضان. ويقول هؤلاء ان صدام اختطف بمساعدة من المقربين منه واودع «حفرة العنكبوت» التي وجد فيها في تلك المزرعة بالدور جنوب تكريت لثلاثة اسابيع او اكثر وهذا ما يفسر سوء هيئته وشكله وحالة «الاستسلام» التي كان فيها صدام، حسبما وصف قائد القوات البرية الاميركية الليفتنانت جنرال ريكاردو سانشيز. ويرى هؤلاء ان صدام نظر للجنود الاميركيين كـ«منقذين». من جملة المسائل التي يطرحها أصحاب نظرية المؤامرة، أن لون شعر رأس صدام حسين يبدو اسود، الأمر الذي لم تشر له وسائل الاعلام لا من بعيد أو من قريب. ويبدو صدام، وقد صبغ شعره وحاجبيه ايضا قبل وقت يس ببعيد من «إلقاء القبض عليه».

ولا تظهر الصور الملتقطة له أي آثر للشيب في شعر رأسه. ولا بد أن تظهر آثار الشيب بعد مرور يومين أو ثلاثة أيام، خصوصا إن كان لون الصبغ أسود. وإن حدث ان كان صدام موجودا في مخبئه لفترة طويلة من الزمن، فإن آثار الشيب كانت ستظهر.

ويقول موقع «رينز. كوم» الانترنتي، ان الذين قالوا ان العراق يملك أسلحة دمار شامل هم الذين يروون رواية القبض على صدام، فمن نصدق؟