موفق الربيعي لـ«الشرق الأوسط»: صدام قال لنا في المعتقل إنه الرئيس المنتخب للعراق

عضو مجلس الحكم: لم يكن مخدرا وإنما كان منكسرا وذليلا ويتمتم بكلمات غير مفهومة ربما هي شتائم لنا

TT

أكد الدكتور موفق الربيعي عضو مجلس الحكم في العراق أنه وجد الرئيس السابق صدام حسين المعتقل لدى القوات الأميركية الآن «منكسرا وذليلا ويتمتم بكلمات غير مفهومة»، لكنه كان متمسكا برأيه بأنه رئيس العراق المنتخب وأن احتلاله للكويت كان مبررا وكذلك الإعدامات والمقابر الجماعية، ومتهما إيران بأنها هي التي استخدمت الأسلحة الكيماوية ضد مدينة حلبجة الكردية.

وقال الربيعي في حديث لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف في بغداد، بأنه كان أول من دخل إلى الغرفة التي احتجز فيها صدام بعد اعتقاله بساعات وآخر من غادرها من أعضاء مجلس الحكم الأربعة، وأضاف أن صدام كان يجيب عن بعض الأسئلة باستهجان، وعن البعض الآخر بلغة الشعارات التي تعود على إلقائها خلال فترة حكمه.

* متى تم إبلاغكم بموعد لقائكم بصدام؟

ـ أنا بلغت في الساعة الحادية عشرة والنصف من صباح يوم الأحد الماضي.

* هل تم إخبارك بأنك ستلتقي صدام حسين، أم قالوا لك ستلتقي شخصية ما؟

ـ أخبروني صراحة بأنني سألتقي صدام حسين.

* من ذهب معك في ذلك اللقاء؟

ـ الدكتور عدنان الباجه جي والدكتور أحمد الجلبي، وعادل عبد المهدي ممثلا عن رئيس مجلس الحكم وعبد العزيز الحكيم والحاكم المدني بريمر والقائد العسكري سانشيز.

* كيف وصلتم إليه؟

ـ حملتنا سيارة إلى مطار لطائرات الهليكوبتر، حيث نقلنا من هناك بطائرة هليكوبتر كانت في انتظارنا وحطت الطائرة في إحدى ضواحي بغداد.

* ما هي أوصاف البناية التي كان صدام محتجزا فيها؟

ـ كانت عبارة عن بناية بسيطة، ومكتوب فوق جدارها الخارجي «وحدة حرية اشتراكية» (شعار حزب البعث).

* وكيف تمت المقابلة؟

ـ طرحوا علينا ثلاثة خيارات، إما أن نشاهده من خلال كاميرا فيديو أو عبر زجاج أو نلتقي به مباشرة، فطلبنا لقاءه مباشرة والحديث معه.

* من دخل أولا؟

ـ أنا أول من دخل عليه وتحدثت معه، وكنت آخر من غادر غرفته.

* ماذا كان رد فعله؟

ـ كان نائما وقد أوقظ توا، ولم تبد عليه أية ردود فعل معينة.

* ماذا كان يلبس؟

ـ دشداشة بيضاء وجاكيت نيلي (أزرق غامق) وجوارب سوداء، ونعلا أسود.

* هل كان نظيفا حليق الذقن؟

ـ كان نظيفا للغاية وحليق الذقن وشاربه غير منتظم.

* هل لك أن تصف لنا الغرفة التي كان محتجزا فيها؟

ـ كانت بحدود 3 أمتار X مترين وفيها سرير حديدي من النوع الذي يستخدمه الجنود، وقناني ماء وعصير وأربعة كراسي.

* هل كان مستلقيا على السرير؟

ـ لا، كان يجلس على حافة السرير ويضع إحدى ساقيه على الأخرى وينظر إلى الأرض.

* ماذا قلت له؟ هل قلتم له مثلا: السلام عليكم؟ هل حياه أحد منكم؟

ـ كلا على الإطلاق، أنا أول من تحدث معه، وقلت له: صدام لعنة الله عليك في الدنيا والآخرة، لماذا فعلت كل هذا بنا؟ كيف ستواجه رب العالمين في الآخرة؟

كنا نقف نحن الأربعة من أعضاء مجلس الحكم وبريمر وسانشيز ومترجم ثم اقترح الدكتور الجلبي أن نجلس على الكراسي. وتفسيري أن الجلبي اقترح أن نجلس حتى لا يبدو وكأننا نحاكمه أو نضطهده، فجلسنا.

* بعد أن تحدثت معه، ماذا كان رده؟

ـ نظر في وجهي وقال كلاما غير مفهوم، أعتقد أنه شتمني لأنني لم أسمعه جيدا، ثم قام الجلبي بتقديمنا: الباجه جي، وأنا ثم عادل عبد المهدي، ثم قمت بتعريف الجلبي الذي لم يقدم نفسه.. نظر الينا وبدا أنه لم يستغرب أسماءنا أو وجوهنا وكأنه يعرفنا، ثم سألته: لماذا قتلت محمد باقر الصدر ومحمد صادق الصدر؟ فقال متسائلا «ياصدر؟».. تصورت أنه لا يعرف من أعني، لكنه كان يستهجن سؤالي، فأردف وهو يهز يده «صدر.. رجل».

* هل قال ذلك مازحا؟

ـ لا، كان منكسرا ويائسا وذليلا، ولا يرفع رأسه نحونا إلا فيما ندر. ثم سألته عن المقابر الجماعية وقلت له: لماذا قتلت مئات الآلاف من العراقيين ودفنتهم تحت الأرض؟ فقال: «اسألوا أقاربهم وأرحامهم، هؤلاء حرامية وهاربون من العسكرية». ثم سألته عن حلبجة، فقال «الإيرانيون هم الذين قصفوا حلبجة».

* هل تحدث أحد غيرك معه؟

ـ نعم، سأله عادل عبد المهدي عن سبب قتله لعبد الخالق السامرائي وعدنان الحمداني.. رفع صدام حسين رأسه مستغربا السؤال وقال «هؤلاء بعثيون، ما لكم علاقة بيهم»، ثم قلت له: هل هناك حاكم يقصف شعبه بالأسلحة الكيماوية كما فعلت في عمليات الأنفال، والجنوب خلال الانتفاضة، فقال: هؤلاء غوغاء وجهلة.

* هل أشار إلى نفسه كرئيس للعراق؟

ـ نعم، قال «أنا رئيس منتخب من قبل الشعب العراقي»، فقلت له: العراقيون اليوم محتفلون بإلقاء القبض عليك، هل تريدنا أن نسلمك للشعب العراقي، سوف يأكلونك حيا، فأجاب: هؤلاء غوغاء وجهلة.

* هل تحدث الجلبي معه؟

ـ كلا.

* والباجه جي؟

ـ قال له الباجه جي: كانت عندك فرصة ذهبية أن تنسحب من الكويت عام 1991 وتنقذ الشعب والبلد من المشاكل والحروب، فقال (صدام): للعراق حق تاريخي في الكويت، ثم بدأ يتحدث في أمور تاريخية وقال: عندما جئت للعراق كان العراقيون حفاة وجياعا، والعراق كان متخلفا وفرنسا قالت نحن نطوركم، عندما وصلنا إلى مستوى عال من التطور لم ترض الصهيونية على ذلك. ثم قال له الباجه جي: أنت كنت ظالما في حكمك. أجابه: أنا حاكم عادل وحازم. فاختتم الباجه جي حديثه معه قائلا: أنت مستبد وظالم.

* ماذا كان شعوره عندما كنتم تتحدثون معه؟

ـ كان غالبا ما ينظر إلى الأرض، وعندما يشعر أنه محاصر كان ينظر إلى بريمر، وشعرنا بأنه يطمئن إلى بريمر أكثر مما يطمئن لنا، وهنا قال الجلبي: دعونا نخرج. وقبل أن نترك الغرفة، نظر صدام إلينا وقال مستغربا «هذا هو؟» (أهذا كل شيء) حيث كان يتوقع أن نأخذه معنا أو نقتله.

* هل كان قويا؟

ـ بل كان مهزوزا، ويبدو أنه فقد الكثير من وزنه.

* قالت بعض أجهزة الإعلام العربية أنه كان مخدرا؟

ـ أبدا، لم يكن مخدرا، وهذا تضليل من قبل بعض الإعلاميين العرب الذين يريدون أن يضللوا الإنسان العربي بهذه التفاهات.

* هل شككتم بأنه صدام حسين أو شبيه له؟

ـ على الإطلاق، كان صدام حسين، في صوته وتصرفاته وأسلوبه.

* قيل إنه: أطلق شتائم وكلمات نابية؟

ـ كان يتمتم بكلمات غير مفهومة، وأعتقد أنها شتائم.

* ماذا قلت له قبل خروجك؟

ـ كنت أتمنى ألا أترك الغرفة، وقفت في باب الغرفة وكررت عليه: لعنة الله عليك في الدنيا والآخرة.