الأمم المتحدة ترحب باعتقال صدام والسويد مستعدة لاستقباله سجينا

TT

أكدت مصادر مجلس الأمن أن البيان المختصر جدا الذي صدر عن المجلس، ورحب باعتقال الرئيس المخلوع صدام حسين لم يحظ بالاجماع. وكشفت المصادر أن هناك دولا تحفظت على البيان الذي أدلى به رئيس مجلس الأمن لهذا الشهر، سفير بلغاريا ستيفان تافروف. ونص البيان على أن «الدول الأعضاء في المجلس ترحب باعتقال صدام حسين، وبالتصريح الذي أدلى به الأمين العام حول هذه المسألة». ومضى بيان المجلس قائلا «إن المجلس يرحب بعرض الأمين العام لتقريره وبالبيان الذي سيدلي به وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، الذي سيحضر الجلسة».

وكانت الصيغة الأولى من مشروع البيان الذي تقدمت به الولايات المتحدة، تنص على أن المجلس «يعرب عن الأمل في أن يساهم اعتقال صدام حسين في تثبيت الاستقرار وتسريع العملية السياسية وتحسين الظروف الأمنية للشعب العراقي».

ومقابل هذا التحفظ على بيان مجلس الأمن فقد كان بيان أنان حذرا للغاية، حيث قال الناطق الرسمي بإسمه، فريد ايكهارد، إن «الأمين العام يعتبر اعتقال صدام حسين، الذي كان يمثل النظام السابق حدثا مهما». وصدر بيان انان بعد رسائل التهنئة التي وجهها المستشار الألماني جيرهارد شرودر والرئيس الفرنسي جاك شيراك إلى الرئيس الأميركي جورج بوش على اعتقال صدام حسين.

وعزز اعتقال الرئيس العراقي المخلوع موقف التحالف الاميركي ـ البريطاني ومجلس الحكم الانتقالي في العراق، اللذين قدما أمس الى مجلس الأمن خطتهما لاعادة السيادة الى العراق.

من جهته، رأى سفير تشيلي هيرالدو مونوز ان اعتقال الرئيس العراقي السابق «يخفف الى حد ما الضغط الذي كان يمارس على العملية السياسية». وعلى ضوء التصريحات التي أدلى به أمين عام المنظمة الدولية انقسمت مواقف العاملين في المنظمة الدولية من اعتقال صدام حسين. وبما أن الجميع الذين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» رفضوا ذكر اسمائهم مراعاة لقوانين الأمم المتحدة، اعربوا جميعا عن ارتياحهم لاعتقال صدام حسين. لكن المواقف انقسمت ازاء عرض شريط الفيديو الذي صور الرئيس المخلوع خاضعا للطبيب الأميركي، وهو يفتح فمه، ويبدو فيه صدام مثل مشرد، يبحث الطبيب عن القمل في رأسه ولحيته الكثة. ولم يخف بعض الموظفين العرب صدمتهم إزاء الطريقة التي اعتقل بها صدام حسين، وذهب بعضهم الى نسج عدد من المؤمرات ليس لها أي مصدر، واعتبرها البعض «إهانة للعرب»، وتمنى البعض أن ينتحر صدام حسين قبل الإمساك به طالما أنه قد خيب آمال الجميع. بينما اعرب آخرون عن سعادتهم. وفي ستوكهولم ،اعلن رئيس الوزراء السويدي غوران بيرسون في مقابلة نشرت امس، ان السويد على استعداد لاستقبال الرئيس السابق صدام حسين ليمضي عقوبته فيها في حال إدانته بارتكاب جرائم حرب من قبل محكمة دولية. واوضح بيرسون في حديثه الى صحيفة «سفينسكا» انه «أمر نظري الآن، لكن الجواب سيكون «نعم» اذا ما حكم عليه من قبل محكمة دولية.. علينا التزامات كباقي الدول واذا كان بالامكان ان نستقبله فعلينا ان نفعل».

يشار الى ان رئيسة صرب البوسنة السابقة بيليانا بلاسفيتش تمضي حاليا عقوبة بالسجن 11 عاما في السويد بعد إدانتها بارتكاب جرائم ضد الانسانية.

ومن جهته، قال رئيس مفتشي الاسلحة الدوليين السابق هانس بليكس أمس: ان العراق ربما دمر أسلحة الدمار الشامل التي كان يمتلكها عام 1991 . وصرح بليكس للصحافيين ان «العراقيين اصروا على الدوام على ان الاسلحة دمرت في صيف عام 1991، وظني انه لم تتبق اية اسلحة دمار شامل» في العراق.

وقال بليكس في مؤتمر صحافي في ستوكهولم جرى للإعلان عن تشكيل لجنة دولية مستقلة جديدة للبحث عن سبل للحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل: انه بعد القبض على الرئيس العراقي السابق فإن هناك سببا لدراسة المزاعم العراقية بشأن تدمير الاسلحة بصورة أدق.

وأوضح انه «لا بد ان صدام يعرف بالاوامر التي اصدرها. ويجب ان يعلم ما انتجه، ولا بد ان تكون لديه معلومات عن وقت تدمير اسلحة الدمار الشامل العراقية».

وأشار بليكس الى ان القبض على صدام حسين لن يقرب قوات الاحتلال في العراق من العثور على الاسلحة ولكن ربما يخبر صدام المحققين بكيفية حصول العراق على الاسلحة وتطويرها والتخلص منها فيما بعد.

وكان بليكس، الدبلوماسي السويدي السابق، مكلفا بالبحث عن اسلحة الدمار الشامل في الأسابيع الـ15 التي سبقت الحرب التي شنتها الولايات المتحدة على العراق.

وانتقد بليكس بطريقة غير مباشرة الولايات المتحدة لتقديمها مبررات لم تستطع تاكيدها لغزوها العراق. وقال «اعتقد ان الكثير مما قيل لم يكن يستند الى اسباب موضوعية»، مضيفا انه لو سنحت له الفرصة لتوجيه سؤال واحد للرئيس العراقي السابق فسيكون السؤال هو «انت زعمت بانك دمرت اسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها. متى قمت بذلك؟».

واوكلت لبليكس رئاسة لجنة تمولها السويد من المقرر ان تبدأ العمل في العامين2004 و2005، وتتلخص مهمتها في ايجاد سبل للحد من انتشار الاسلحة النووية والكيمياوية والبيولوجية.

وفي لوس انجليس، اعلن هوارد دين، احد مرشحي الحزب الديمقراطي للرئاسة الاميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2004، أول من أمس ان اعتقال صدام حسين لم يغير معارضته للحرب على العراق.

وقال حاكم فيرمونت السابق (شمال شرق) في كلمة في لوس انجليس، ان ادارة جورج بوش هاجمت هذا البلد في مرحلة سيئة و«بتخطيط غير مناسب».

وأضاف ان «موقفي من الحرب على العراق لم يتغير»، مجددا انتقاد عدم وجود دعم دولي للتدخل الذي قرره البيت الابيض. وأوضح ان «المصاعب والمآسي التي نواجهها في العراق تظهر ان الادارة شنت الحرب بطريقة سيئة وفي مرحلة سيئة وبتخطيط غير مناسب ومساعدة غير كافية وكلفة استثنائية وصلت الى 166 مليار دولار».

واعتبر انه كان يوجد بديل للتخلص من صدام حسين في اطار تحالف متوازن يعمل بعد ذلك على إعادة إعمار العراق بأقل كلفة مالية وأقل كلفة بشرية.

وفي سراييفو، قال وزير الخارجية البوسني ملادن ايفانيتش (صربي) أمس: ان اعتقال الرئيس العراقي المخلوع يعتبر دعما للديمقراطية في العراق. وقال ايفانيتش في مؤتمر صحافي عقده في سراييفو «هذا الاعتقال سوف يدعم الاستقرار والديمقراطية، ورسالة للديكتاتوريين الآخرين في أي مكان من العالم».

وفي رده على سؤال بخصوص عما اذا كان الوقت قد حان لاعتقال وتسليم زعيم صرب البوسنة سابقا رادوفان كراديتش، قال ايفانيتش «هذه المشكلة يجب ان تحل، بين الحكومة المحلية والأمم المتحدة». وقال «في المدة الاخيرة هناك عمل مشترك لانهاء هذه القضية».

وحول امكانية حصول الشركات البوسنية على حصة من مشاريع اعادة بناء العراق، ومشاركة قوات عسكرية بوسنية في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، قال «أستطيع التأكيد على ان الشركات البوسنية ستحظى بنصيب في عملية اعادة بناء العراق، كما ان البوسنة مستعدة للمشاركة في قوات حفظ سلام بالعراق».