شيراك يكشف اليوم عن خططه بخصوص حظر الحجاب والشارات الدينية في المدارس

TT

من المقرر ان يلقي الرئيس الفرنسي جاك شيراك في قصر الاليزيه اليوم امام اكثر من 400 مدعو بينهم مسؤولون كبار في الدولة الفرنسية واعضاء اللجنة المكلفة دراسة مستقبل العلمنة، خطاباً يضمنه مواقفه وتوجيهاته ازاء المقترحات المتضمنة في تقرير اللجنة المذكورة والذي رفع اليه يوم الخميس الماضي.

وكان التقرير دعا الى سن قانون يمنع الشارات الدينية والسياسية البارزة في المدارس والادارات العامة والدوائر الحكومية والبلدية بما في ذلك الحجاب الاسلامي والقلنسوة اليهودية والصلبان المسيحية الكبيرة مع السماح بما هو خفي منها وجعل عيدي الاضحى الاسلامي والغفران اليهودي يومي عطلة في المدارس العامة والخاصة على السواء. كما دعت اللجنة الى تبني «ميثاق العلمنة» الذي يحدد حقوق وواجبات كل الاطراف في هذا الميدان ويؤكد مجددا حياد المؤسسات العامة وعلى رأسها المدرسة.

ورغم الاستقبال الاولي الايجابي الذي لقيه التقرير في فرنسا، والسلبي خارجها، فان اقتراح جعل عيدي الاضحى والغفران يومي عطلة مدرسية اثار جدلا فرنسيا واسعا. واعرب رئيس الوزراء جان ـ بيار رافاران، في حوار مع صحيفة «لو باريزيان» نشرته امس، عن معارضته لهذا التوجه مؤكدا انه «فوجئ» به. وبحسب رافاران، فان تطبيق هذا المشروع «سيقوي الانتماء الطائفي على حساب الانتماء الى الجمهورية مما يعني فشل الاندماج» في المجتمع الفرنسي. وتساءل رافاران عما اذا كانت اللجنة التي يرأسها برنار ستازي قد «فكرت مليا» في هذا الاقتراح ونتائجه.

وثمة مؤشرات على ان شيراك سيدعو الى استصدار قانون يمنع الحجاب في المدارس ويعيد التأكيد على مبدأ العلمنة وضرورة احترامها والعمل بها ويشدد على حياد المدرسة. لكنه بالمقابل لن يتبنى اقتراح جعل عيدي الاضحى والغفران يومي عطلة. ويرى مراقبون ان رافاران الذي استقبله شيراك امس ما كان ليخاطر بمعارضة هذا الاقتراح لو كان شيراك ينوي الاخذ به. فضلا عن ذلك، فان آلان جوبيه، رئيس حزب «التجمع من اجل الحركة الشعبية» اي حزب شيراك واكثر السياسيين قربا من رئيس الجمهورية، اعرب هو الآخر عن معارضته هذا الاقتراح بحجة انه «لا يأتي في محله». وذهب كامل قبطان، مدير جامع مدينة ليون الى وصف اقتراح جعل عيدي الاضحى والغفران يومي عطلة بـ«البدعة» المقصود منها فقط «التخفيف من وقع منع الحجاب».

وقد اظهر استطلاع للرأي اجري بداية هذا الاسبوع، ان 55 % من الفرنسيين يعارضون تعطيل المدارس بمناسبة عيدين غير مسيحيين وحتى غير كاثوليكيين مما من شأنه ان يفتح الباب امام مطالب مماثلة من طوائف وأديان اخرى موجودة على الاراضي الفرنسية.

ويخضع شيراك لضغوط متناقضة. فقد وجه المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية اول من امس رسالة مفتوحة للرئيس الفرنسي يدعوه فيها الى تحاشي تبني تدابير «من شأنها توجيه اصابع الاتهام للمسلمين» في اشارة منه الى منع الحجاب في المدارس. وبحسب ما قاله رئيس المجلس ومدير مسجد باريس دليل بو بكر، فان غرض الرسالة هو «التعبير عن قلق المسلمين» ازاء هذا الاجراء الذي يؤسس «لممارسات تمييزية ازاء المسلمين».

غير انه سبق لدليل بو بكر ان اكد انه سيدعو الى احترام قانون منع ارتداء الحجاب اذا اقر شرط الا يطبق «بشكل فظ». لكن اطراف المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية ليسوا متفقين في العمق على مسألة ارتداء الحجاب وهم بدورهم موضع ضغوط من قاعدتهم. ويعتقد كثيرون ان تعميم منع الشارات الدينية ليشمل كذلك القلنسوة اليهودية والصلبان الكبيرة كان مقصودا منه فقط «تمرير» قانون منع الحجاب والايحاء بمعاملة الاديان كلها معاملة واحدة.

لكن تقرير لجنة ستازي وصدور قانون يمنع ارتداء الحجاب وحمل الشارات الدينية البارزة لن يأتيا بالحلول العجائبية. فحتى نصوص القانون الجديد، في حال صدوره، ستكون صعبة التطبيق لاسباب عملية عديدة.

إلى ذلك يطلق المسلمون البريطانيون اليوم حملة لمعارضة فرض حظر على ارتداء الحجاب في فرنسا. وتبدأ هذه الاجراءات عمليا اليوم باعتصام المئات أمام مقر السفارة الفرنسية في لندن في وقت يترافق مع موعد اعلان الرئيس شيراك عن موقفه حيال التقرير المتعلق بالحظر. كما يلتقي غداً وفد اسلامي مسؤولين بريطانيين لحثهم على ممارسة ضغوط عبر الاتحاد الاوروبي باعتبار أن منع الحجاب «يمثل انتهاكاً لحقوق الانسان المنصوص عنها في القوانين الاوروبية».

ونقل قياديون مسلمون لـ«الشرق الأوسط» عن وزير الخارجية البريطاني جاك سترو قوله إنه يعارض القرار الفرنسي. وأعرب أمس محمد صوالحة، وهو رئيس «الرابطة الاسلامية في بريطانيا» التي دعت الى الاعتصام، عن اعتقاده بان «عدد المعتصمين، وسيكون معظمهم من النساء، سيتجاوز 300 شخص». وقال في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الاوسط» إن «المشاركات والمشاركين سيأتون من أنحاء بريطانيا كلها». واضاف إن «الاعتصام سيتم وسط يوم عمل مما سيؤدي بطبيعة الحال الى تخفيض عدد المشاركين، بيد اننا اردنا أن نعبر عن احتجاجنا في الوقت الذي سيتخذ الرئيس الفرنسي قراره بشأن موضوع الحظر».