جاك ريد: الإرهاب يشكل التحدي الأمني الأول للسياسة الأميركية ولاستقرار المنطقة المغاربية ومكافحته لا ينبغي اقتصارها على الوسائل العسكرية

TT

قال السناتور جاك ريد، عضو لجنة شؤون الخدمات العسكرية في مجلس الشيوخ الأميركي (ديمقراطي) إن الإرهاب يشكل التحدي الأمني الأساسي لسياسة أميركا ولأمن واستقرار المنطقة المغاربية. واضاف ان ملف الصحراء «مشكلة جدية لا يمكن لأحد تجاهلها». وفي حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في مراكش في ختام جولة مغاربية قام بها ضمن وفد من الكونغرس الى عواصم المغرب الثلاث، أكد السناتور ريد ان مكافحة الإرهاب لا ينبغي أن تقتصر على الوسائل العسكرية، بل عبر تحقيق الديمقراطية ومشاركة المواطنين والنهوض بأوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية والقضاء، موضحا ان الحرمان واليأس يؤديان الى تنامي الإرهاب

* كيف تقيمون أوضاع حقوق الإنسان في دول المغرب العربي الثلاث التي زرتها في الأيام الأخيرة؟

ـ هنالك تطور ملحوظ في أوضاع حقوق الإنسان بالدول المغاربية الثلاث، المغرب والجزائر وتونس. ففي المغرب تحققت خطوات وكان من أبرزها في الآونة الأخيرة مبادرة العاهل المغربي الملك محمد السادس بتطوير أوضاع المرأة. وقد لقيت هذه المبادرة ترحيبا كبيرا في العالم. وفي الجزائر لاحظنا أن هنالك جهودا، ضمنها صيرورة لإدماج الأطفال في التمدرس. وفي تونس اعجبنا بما تم تحقيقه. ونعتقد أن هنالك أمورا أخرى يمكن تحقيقها.

* وماذا تقصدون بتلك الأمور تحديدا؟

ـ نعتقد أن هنالك أمورا نريد رؤيتها تتحقق، وضمنها مسألة شفافية القوانين. وعموما فنحن نركز في تقييمنا على رؤية ايجابية لتطور الأوضاع بدلا من التركيز على السلبيات ان دول المنطقة مقبلة على انتخابات مهمة، وقد شهدت في الفترة السابقة انتخابات جيدة في عمومها. ويمكن القول انه خلال السنوات العشر الماضية قد تحققت إنجازات كبيرة.

* وهل لديكم شعور بأن الانتخابات الجزائرية المقبلة ستكون ديمقراطية؟

ـ تشهد الجزائر نشاطا مكثفا وعدة إصلاحات، مثل إدخال نظام الغرفتين في البرلمان، والآن هناك انخراط بنشاط في الإعداد لحملات الانتخابات المقبلة التي ستكون بالفعل إمتحانا للمسار الديمقراطي في هذا البلد. ونرجو أن تكون في مستوى الديمقراطية وبأن تجري الحملات الانتخابية بمستوى رفيع، وان تفرز الانتخابات منتخبين جادين.

* وما هي التحديات الأمنية الرئيسية في منطقة المغرب العربي، من منظور السياسة الأميركية؟

ـ هنالك تحديات أمنية امام الولايات المتحدة في العالم بأسره، لأن الجماعات الإرهابية تتعامل على مستوى عالمي، وتخترق الحدود بسهولة، وتبحث عن أماكن تتخللها مواطن الضعف أكثر من مواطن القوة. ومن الأمور المشجعة خلال جولتنا في العواصم المغاربية، أن القيادات في جميع هذه الدول مدركة لهذه التحديات، وتعي أنه لا يمكن مواجهتها الا عبر التعاون، وان لا يقتصر التعاون الأمني مع الولايات المتحدة، بل التعاون الأمني الإقليمي وتحقيق التقدم والاندماج في المنطقة. هنالك أمر آخر مشجع هو أن النجاح لا يمكن أن يتم فقط من خلال القوة العسكرية بل ينبغي أن ينبني على اساس الرفع من المستوى المعيشي والاقتصادي للشعوب، لأنه كلما كان هنالك حرمان ويأس فسوف ينمو الإرهاب لأنه مجال خصب لتطوره.

* هل تشهد السياسة الأميركية في منطقة المغرب العربي حاليا بعض المتغيرات، وما هي طبيعتها؟

ـ هنالك اعتراف أميركي مجددا بأهمية منطقة المغرب العربي بالنسبة لواشنطن، ليس فحسب لاعتبارات أمنية، بل أيضا من أجل خلق نموذج يحتذى في المجال الديمقراطي على مستوى عالمي.

ويتجلى الاهتمام الأميركي بالمنطقة، من خلال مضاعفة المساعدات الأميركية التي نقدمها لدول المنطقة، وضمن زيارتنا للمغرب قمنا بالاطلاع في مراكش على مشروع «الأمانة» ويتعلق بالقروض الصغرى، وهو ثمرة مساعدة من الوكالة الأميركية للتنمية، كما قمنا بزيارة مشروع للسكن الاجتماعي، وهو بدوره ثمرة مساعدة أميركية، ولكن انجازه تم أيضا بمبادرة محلية في مراكش، وهو النموذج الناجح الذي نرى أنه يتعين أن يتبع، ونجاحه وتطوره ليس فقط في أبعاده الإجتماعية، بل ايضا في بعده الأمني.

* وما هو برأيكم حجم تأثير مشكلة الصحراء على أمن واستقرار منطقة المغرب العربي؟

ـ انها وضعية ينبغي أن تحل بانخراط الأطراف المعنية محليا مع الأطراف الدولية. ان سياستنا في هذا الشأن واضحة، ونحن لا نتبنى فرض أي حلول معينة على أي طرف، وإنما نتبنى سياسة تدعو الى حل تفاوضي بين الأطراف المعنية. اننا ندعم كلية الجهود التي يقوم بها جيمس بيكر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، التي تسعى لجمع قوى المنطقة حول توافق مبدئي على حل تفاوضي وتوافقي لمشكلة الصحراء.

* وكيف تقيمون أداء ادارة الرئيس جورج بوش في السنوات الأربع الماضية إزاء ملف الصحراء، والتي أيدت خلالها ثلاث مبادرات تسوية متعارضة؟

ـ لا يمكن للولايات المتحدة أن تتولى حل النزاعات بنفسها، وكل ما نفعله هو تشجيع الحوار والمفاوضات، وأن نخلق أجواء ملائمة لذلك، كي ينتهي مسار المفاوضات بين الأطراف المعنية الى حل توافقي.

ان مشكلة الصحراء لا يمكن تجاهلها وينبغي آن تتم تسويتها من قبل الأطراف كلها، ولا يتعلق الأمر بطرف واحد أو اثنين أو ثلاثة، بل بالعديد من الأطراف. ونحن نسعى جاهدين الى خلق الجو الملائم حلها. وقد وردت عدة حلول واقتراحات، وربما يكون في المستقبل مزيد من الاقتراحات، وهذا مؤشر إيجابي يدل على أن هنالك أناساً يتحاورون، وأجدى من أن يكون هنالك عنف. وينبغي أن يستمر الحوار، وكلنا يقر بجدية هذه المشكلة، ولا يمكن لأي أحد تجاهلها، ونود أن نرى مزيدا من الجهود المتواصلة لإيجاد تقارب بين الأطراف المعنية.

* هل تعتقدون ان الديمقراطية كفيلة وحدها كي تكون المنطقة آمنة ومستقرة؟

ـ اعتقد ان الديمقراطية يمكنها أن تجعل المنطقة آمنة ومستقرة، ولكنها ديمقراطية تتسم بخصوصيات كل بلد على حدة، وتنبني على احترام الحقوق الفردية والأساسية وانخراط المواطنين في انتخاب ممثليهم وقادتهم، كما تنبني على تنمية اقتصادية متكاملة ومندمجة.

وخلال جولتنا في المنطقة، ولا سيما عندما زرنا المشروع السكني بمراكش، سجلنا عملية بناء العمران والسكن للمواطنين، ولكن ليس فقط عبر تلقيهم معونات لبناء مساكنهم، بل كانوا يحصلون على شهادات ملكيتها. ان الديمقراطية الناجحة تنبني على مفهوم يؤمن للمواطنين حق الملكية في جو يحترم حقوقهم، بحيث يكونون مهتمين بالاندماج والاهتمام والمشاركة فيما تقوم به الحكومة، وهو ما سيقيهم من الإرهاب.

* وما هو تفسيركم لتأجيل موعد التوقيع على اتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة؟

ـ ان المفاوضات تسير قدما، وكل الأصداء تفيد بتثمين أداء أعضاء الوفد المغربي المفاوض والإشادة بمستوى تحضيراتهم ومهنيتهم وشمولية رؤيتهم. أجل هنالك بعض المواضيع الشائكة، ولكن بدل التوصل الى نتائج متسرعة لا تفيد الشعبين الأميركي والمغربي فقد تم تفضيل مقاربة متأنية للوصول الى نتيجة يتبناها الشعبان وتكون مفيدة لمصالحهما معا.

* وهل تعتقدون انه سيكون مفيدا الآن ايفاد قوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) للعراق، وما تصوركم لمستقبل علاقة هذه المنظمة بدول المغرب؟

ـ اعتقد ان منظمة «ناتو» اتخذت قرارات كبيرة للإمساك بزمام المبادرة، في مناطق خارج اطارها الجغرافي بأوروبا، وكان ضمنها حرب أفغانستان. وهو تطور نوعي وايجابي، واعتقد انه كلما أمكن انخراط وحضور المنظمات الدولية وليس فقط منظمة الحلف الأطلسي، بل أيضا انخراط منظمة الأمم المتحدة في العراق، سيكون أمرا، مفيدا ليس للعراقيين وحدهم بل للعالم أجمع. ونحن نثمن مزيدا من الجهود الدولية في العراق.