خبراء عسكريون إسرائيليون كبار ينصحون شارون بإعادة قنوات الاتصال مع عرفات

واشنطن تحذر إسرائيل رسميا من مغبة اتخاذ إجراءات أحادية

TT

اوصى طاقم من كبار قادة الجيش والمخابرات العامة والموساد والاستخبارات العسكرية الاسرائيليين رئيس الوزراء آرييل شارون، ووزراءه، ان يحدثوا انعطافا في سياستهم تجاه الفلسطينيين ويعودوا الى التعامل مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. وحذروا من ان الاستمرار في الاسلوب الحالي «سيقوي عناصر الارهاب في السلطة الفلسطينية وسيوصل «حماس» وامثالها الى القيادة في اية انتخابات».

ووصل تحذير شبيه من واشنطن، اول من امس، ولكن ليس في موضوع عرفات، بل في موضوع الخطوات الاحادية الجانب التي كان يخطط لطرحها شارون، غدا، فطلبوا ان لا يتم اتخاذ اي خطوات كهذه، لانها تؤدي فقط الى تعزيز عناصر اليمين المتطرف في المناطق الفلسطينية، وفي مقدمتها «حماس».

وكان طاقم الخبراء، برئاسة الجنرال في الاحتياط عامي دوروب، المعروف بمواقفه اليمينية، قد اعد وثيقة سياسية امنية لمؤتمر هرتسليا للابحاث الاستراتيجية، الذي يعتبر اهم منبر لهذه الابحاث في اسرائيل، ولان الوزراء يحسبون حسابه ويلبون الدعوة للحديث فيه. وسيظهر امامه كل الوزراء المختصين في بحوث الامن الوطني: الدفاع والخارجية والامن الداخلي، والمالية والشؤون الاجتماعية، والتعليم، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء شارون، الذي سيلقي خطابا، مساء غد، يترقبه الجميع. ويقول هؤلاء الخبراء ان الوقت لا يخدم مصلحة اسرائيل (على عكس ما يقول شارون عادة). ويؤكدون ان عرفات هو قائد فريد للشعب الفلسطيني، ويحظى بشعبية لم يسبق لها مثيل، وغيابه عن الساحة لن يؤدي الى الفوضى وحسب، بل انه سيفتح الباب امام نشوء قيادات متطرفة من حماس وغيرها «وعندها سنحن لايام عرفات، اذ ان هذه القيادات ستحاول اثبات نفسها اولا وقبل كل شيء باستمرار العمليات. وفي هذا المضمار لا يوجد من هو الاقدر واكثر خبرة من «حماس»، ولهذا فان السيطرة ستكون لها، وعندئذ لا يعود هناك مجال للمفاوضات، وسيكون السبيل الوحيد في استمرار العنف والتوتر والحرب»، ولهذا ينصحون بالعودة الى عرفات، والآن فورا، وهو في عز قوته.

يذكر ان شارون قرر اجراء عدة تغييرات في خطابه غدا في هرتسليا. وبدلا من طرح خطة اجراءات احادية الجانب، كما كان مقررا، سوف يعلن تمسكه الشديد بخطة «خريطة الطريق»، التي تعتبر البرنامج الوحيد المناسب لعملية السلام حسب ما سيقول. وسيضيف انه فقط في حالة قيام الفلسطينيين باجهاضها واسقاطها فان اسرائيل ستلجأ الى اجراءات احادية. وسيؤكد انه لن يفاجئ الادارة الاميركية بهذه الاجراءات، بل ينسقها معها مسبقا.

وكان وزير الخارجية الاسرائيلي، سلفان شالوم، قد اعلن في واشنطن امس ان الاجراءات الاحادية هي احتمال اخير ستلجأ اليه اسرائيل فقط في حالة فقدان اي امل في المفاوضات، وانها ستكون احادية بالنسبة للفلسطينيين، الا انها بالنسبة للولايات المتحدة فستكون معروفة ومتفقا عليها.

وذكرت مصادر اسرائيلية في القدس، امس، ان اعلان شالوم هذا جاء بعد ان سمع كلمات قاسية في الموضوع من نائب الرئيس، ديك تشيني، الذي طلب منه بصرامة ألا تقدم اسرائيل على خطوات احادية.

لكن المصادر تحدثت في الوقت نفسه عن مشكلة الحكومة الفلسطينية برئاسة احمد قريع (ابوعلاء)، فقالت ان المسؤولين الاميركيين اتفقوا مع شالوم في رأيه ان الحكومة الفلسطينية الحالية لن تدوم طويلا، وانها لن تصمد اكثر من 6 أشهر في الحكم.

يذكر ان ابوعلاء نفسه يقول انه يريد اجراء انتخابات جديدة للرئاسة وللمجلس التشريعي والبلديات في غضون 6 أشهر، لكن اسرائيل تعزو ذلك الى الفشل الذي تتوقعه في عمل هذه الحكومة، وهي، في شكواها امام واشنطن، تقول ان ابوعلاء لا يفعل شيئا لوقف العنف ومكافحة الارهاب وينفذ فقط ما يطلبه منه عرفات. ومع ذلك، اضافت المصادر، ان اسرائيل مستعدة لمساعدة ابوعلاء لدرجة ازالة عدد من المستوطنات الثابتة واطلاق سراح معظم الاسرى والانسحاب من معظم المدن وربما كل المدن الفلسطينية وازالة معظم الحواجز العسكرية، وهي تريد ان يتم ذلك كله بالتنسيق مع الفلسطينيين. وتنتظر فقط ان يوافقوا على لقاء قمة بين شارون وأبوعلاء، وهذا الذي ما زال الفلسطينيون يتهربون منه ويضعون شرطا ان يكفل نجاح اللقاء مسبقا بواسطة اعلان اتفاق لوقف النار.

من جهة ثانية، واصل شارون، امس وأول من امس، لقاءاته الثنائية مع وزرائه وقادة احزاب الائتلاف وبعض قادة حزب العمل المعارض، والتي يجريها تحت عنوان المشاورات السياسية.

وبرز في هذه المشاورات ان كل من اجروها خرجوا من مكتب شارون فرحين ومطمئنين، بمن في ذلك احد زعماء العمل، مثاد فلنائي، وزعيم الاتحاد اليميني، افيغدور ليبرمن. فقد قال فلنائي انه يرى ان شارون يسيطر على الاوضاع ويتكلم بثبات راسخ. وقال ليبرمن انه خرج مطمئنا ـ «فلا خوف على اسرائيل واستيطانها اليهودي في هذه اللحظة».

وتبين ان وزيرة المعارف والثقافة، ليمور لقنات، طرحت على شارون خطة سياسية جديدة، هي مثل خطته وخطة نائبه، ايهود اولمرت، تعتمد خطوات احادية.

ومضمون هذه الخطة ان تقوم اسرائيل باخلاء عدد من المستوطنات النائية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولكن مقابل ذلك عليها ان تضم الى حدودها الرسمية عددا من التكتلات الاستيطانية اليهودية الكبيرة مثل «معاليه ادوميم» في منطقة القدس و«غوش عقيون» ما بين بيت لحم والخليل و«ارييل» قرب نابلس والمستوطنات المجاورة لرام الله، بالاضافة الى القدس الشرقية المحتلة التي كانت قد ضمت الى اسرائيل رسميا على مرحلتين، سنة 1967 وسنة 1980.