نابلس مدينة تريد التخلص من صورة «شيكاغو الضفة الغربية» التي تلازمها

TT

نابلس ـ أ.ف. ب: يغتنم ناشطون مسلحون غير منضبطين تفكك اجهزة الامن الفلسطينية منذ بدء الانتفاضة لبسط الرعب في نابلس التي اضحت بنظر العديد من الفلسطينيين «شيكاغو الضفة الغربية». واقر رئيس بلدية نابلس غسان الشكعة بصحة هذا التشبيه نتيجة انعدام الامن في مدينته، غير انه نسب هذه الظاهرة الى حفنة من اللصوص «بقيادة ثلاثة او اربعة زعماء يخدمون مصالح اسرائيل».

وقال الشكعة المتحدر من احدى العائلات الكبيرة في المدينة الواقعة شمال الضفة الغربية «هذا صحيح نظرا للوضع الامني، لكننا نأمل في ان نتمكن من تبديل الوضع». فبين عمليات تسوية الحسابات وعمليات الابتزاز التي يقوم بها مسلحون لا يترددون في اطلاق النار وعمليات الثأر، غرقت نابلس تدريجيا في الفوضى منذ اندلاع الانتفاضة في سبتمبر (ايلول) 2000، واوقعت هذه العمليات 33 قتيلا على الاقل من «الابرياء» بحسب رئيس البلدية الذي قتل شقيقه على يد مسلحين في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ويعتبر الشكعة ان اغتيال شقيقه كان «رسالة» موجهة اليه. ويؤكد «انهم يعرفون انني اعارض سلوكهم وانني لن اخضع لابتزازهم وانني اشجع الفلسطينيين على رفض افعالهم. لذلك استهدفوا شقيقي». واوضح الشكعة ان اسرائيل هي المسبب الاول لهذا الوضع، بعد ان ادت عملياتها العسكرية المتكررة في نابلس الى اضعاف اجهزة الامن الفلسطينية بشكل كبير. ويحمل رئيس البلدية بقسوة ايضا على السلطة الفلسطينية، وحذر من الوضع في مقالة موجهة الى الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بعد اغتيال شقيقه. وهو يؤكد ان «السلطة الفلسطينية لا تولي اي اهتمام لشمال الضفة الغربية منذ اندلاع الانتفاضة».

ورأى حازم ذوقان مسؤول حركة «فتح» في مخيم بلاطة في نابلس ان انعدام الامن في المدينة نتج بالدرجة الاولى عن صراع على السلطة بين رئيس البلدية والمحافظ ورؤساء مختلف اجهزة الامن. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية ان «صانعي القرار في المحافظة هم الذين تسببوا بهذه الفوضى. ويتحمل مسؤوليتها رئيس البلدية والمحافظ ورؤساء اجهزة الامن الذين دار بينهم صراع على السلطة». واكد ذوقان ان «اجهزة الامن قوية ويمكنها التصرف في حال تلقت امرا بذلك». واقر بان قسما كبيرا من الاعمال الاجرامية يرتكبها ناشطون في كتائب شهداء الاقصى، الجناح المسلح لحركة «فتح» والمؤلف من خلايا لا تخضع لهرمية معينة. وقال ان «بعض عناصر كتائب شهداء الاقصى يتصرفون على هذا النحو لانهم يواجهون مشكلات مالية. ثمة ايضا افراد يدعون الانتماء الى شهداء الاقصى للقيام بعمليات ابتزاز».

وتابع ان «كتائب شهداء الاقصى يتحملون مسؤولية معظم الاعمال ولو انهم لا يرتكبونها كلها مباشرة». واعترف احد زعماء شهداء الاقصى وهو هاشم ابو حمدان، 23 عاما، «اننا مختلفون عن المجموعات المسلحة الاخرى لاننا لا نخضع لقيادة تراتبية. بعض الناشطين يعملون من اجل الشعب، لكن البعض الآخر يعمل للاسف ضده». وقال ان هذا التنظيم لا يضم سوى 70 ناشطا في منطقة نابلس هدفهم الوحيد «مقاومة الاحتلال»، في حين ان 1500 الى 2000 عنصر يدعون الانتماء اليها هم في الواقع «دخلاء» فرضهم على المجموعة سياسيون «يستخدمونهم لاغراض شخصية». ورغم هذا الوضع القاتم، يرى رئيس البلدية بوادر تحسن، يشجعه على ذلك سلوك السكان الذين باتوا يعبرون اكثر واكثر عن سأمهم من الوضع في مدينتهم. وقال «ارى بداية تحرك شعبي من اجل وضع حد لانعدام الامن. المواطنون والمجموعات السياسية ذات الارادة الطيبة يعرفون ان الوقت حان لوضع حد للفوضى».