المقاتلون الشيشان يداهمون قرية ثانية في تأكيد لسيطرتهم الجبلية

TT

اعلن فلاديمير ستريلتسوف، احد مسؤولي حرس الحدود الروس، ان المقاتلين الشيشان الذين توغلوا اول من امس الاثنين في جمهورية داغستان الروسية تراجعوا امس الى قرية غلاتلي الداغستانية وانهم يحتجزون نحو عشرة اشخاص رهائن.

واوضح ستريلتسوف ان مجموعة المقاتلين الشيشان، التي يتراوح عدد افرادها بين عشرين واربعين رجلا، دخلت خلال الليل الى هذه القرية الجبلية الصغيرة الوعرة المسالك والتي لا يتجاوز عدد سكانها العشرة اشخاص. وقد احتجزوا غالبيتهم تقريبا رهائن.

وقالت المصادر الرسمية ان المقاتلين تفرقوا بعد مغادرة شاوري الى ثلاث مجموعات قوام كل منها من 15 الى 20 مقاتلا. وارتفع عدد المختطفين الى 11 رهينة بعد تأكيد مقتل كل افراد نقطة حرس الحدود على مقربة من بلدة موكوك والتي وجد قائدها النقيب راديم خالقوف مذبوحا.

واشارت المصادر الى ان قوات الامن المركزي واعدادا كبيرة من قوات الشرطة تبلغ في مجملها 700 فرد تحاصر قرية غلاتلي في الوقت الذي تواصل فيه وحدات وزارة الدفاع المدعومة بأربع من مروحيات حرس الحدود محاولات تحرير الرهائن والقبض على المقاتلين.

ورغم وصول الجنرال فاليري بارانوف، قائد القوات الموحدة، لمنطقة شمال القوقاز للاشراف على عملية تصفية المقاتلين، فقد نجحت المجموعة في الافلات من قبضة الحصار والهرب الى الجبال مستفيدة من تدهور الاحوال الجوية التي حالت دون استخدام المروحيات العسكرية.

وقال بصير محمدوف، رئيس ادارة منطقة تسونتينسكي، انهم استطاعوا تحديد مواقع المقاتلين وكانوا يشاهدونهم عبر المناظير المكبرة الا ان احدا لم يكن يستطيع الوصول اليهم في المناطق الجبلية الوعرة بدون استخدام المروحيات التي لم تكن قادرة على الاضطلاع بهذه المهمة في اليوم الاول للعملية.

واشار الى نجاح المقاتلين في السيطرة على المرتفعات المغمورة بالثلوج والكائنة على ارتفاع اربعة الاف متر في ظل عجز القوات الفيدرالية عن الوصول اليهم بينما كانوا في مأمن من نيران المدفعية الثقيلة. وتقول مصادر القوات الفيدرالية ان المقاتلين يعتمدون في عمليتهم على عدد من المحليين الذين يرافقونهم الى جانب الاربعة المختطفين من بلدة شاوري ممن يعرفون جيدا تضاريس المنطقة الجبلية المجاورة.

على ان ذلك لم يحل دون نجاح القوات الفيدرالية في ارغام المقاتلين على الرحيل عن بلدة غلاتلي والافراج عن الرهائن بعد تفرقهم الى مجموعات صغيرة في محاولة للتسلل الى داخل الاراضي الجورجية او العودة الى الاراضي الشيشانية.

واشارت المصادر الى ان الهدف الرئيسي لهذه العملية يتلخص ـ في ما يبدو ـ في محاولة المقاتلين تأكيد سيطرتهم وتفوقهم في المناطق الجبلية وحرصهم على التخلص من العناصر العسكرية وقوات حرس الحدود هناك. وثمة من يقول ان هناك من يحاول، وسط قيادات المقاتلين، تكثيف نشاطهم قبيل الانتخابات الرئاسية الروسية المرتقبة في مارس (اذار) من العام المقبل.

ولعل ذلك تحديدا هو ما يدفع السلطات الداغستانية الى العودة الى تجميع فصائل الحرس الوطني التي سبق ان استندت اليها في صيف عام 1999 لمواجهة فصائل المقاتلين التي قادها وقتذاك شامل باسايف ورفيقه العربي الاصل خطاب لغزو داغستان.

غير ان السلطات الداغستانية عادت واتخذت قرار حل هذه الفصائل بعد ان دانت لها السيطرة الكاملة اثر تدخل القوات الفيدرالية بقرار شخصي من الرئيس فلاديمير بوتين الذي كان يشغل آنذاك منصب رئيس الوزراء. وبهذه المناسبة اشار دميتري اوريشكين رئيس مجموعة «ميركاتور» للابحاث السياسية الى انه اذا كان غزو المقاتلين لداغستان في صيف 1999 قد خدم بوتين وساهم في رفع شعبيته بعد نجاحه في عملية تصفيتهم وتحرير داغستان فإن ما يقومون به اليوم هناك لا يخدم مصالحه قبيل الانتخابات الرئاسية وان كانت كل الشواهد تقول ان لا شيء يمكن ان يحول دون انتخابه لفترة ولاية ثانية.وبينما كشف بصير محمدوف رئيس ادارة منطقة تسونتينسكي وجود عرب وداغستانيين وشيشانيين بين المقاتلين الذين داهموا المنطقة واختطفوا 11 من الرهائن، اعلن سيرغي ايفانوف وزير الدفاع الروسي نجاح القوات الفيدرالية في تطويق مجموعاتهم وتصفية ستة منهم. وقال الوزير ان القوات الفيدرالية «لن تسمح للمقاتلين بالهرب الى جورجيا»، مشيرا الى ان الوضع «صار تحت السيطرة» وانهم «سيتساقطون في القريب العاجل».

كما كشف الدكتور عقيد متقاعد راوى مصطفين في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» وجود معلومات تقول باحتمال تجدد نشاط المقاتلين في العاصمة الروسية وربما في المدارس قبيل الاحتفالات برأس السنة والعام الجديد، بهدف لفت الانظار الى القضية الشيشانية وارغام القيادة السياسية على اجراء المباحثات مع قيادات المقاتلين.

اما عما يقال بشأن وجود مقاتلين عرب في الشيشان، فقد اشار الى انهم لا يمثلون الا انفسهم، مؤكدا انتماءهم الى فلول الارهاب الدولي ممن يبحثون عن الملجأ والمال بعد انهيار تنظيماتهم في افغانستان والبوسنة.