ضحايا زلزال إيران 70 ألف قتيل وجريح .. وفرق الإنقاذ تواجه صعوبات بالغة ومستشفيات انهارت على من فيها

طهران تقبل بالمساعدات من كل العالم باستثناء إسرائيل وحتى الان استجابت للنداء الإيراني روسيا والمانيا وبولندا وفرنسا وايطاليا والولايات المتحدة وبريطانيا وتركيا ودول اخرى

TT

وسط تشاؤم حاد حيال العدد الحقيقى لضحايا الزلزال المدمر الذى ضرب مدينة بام الايرانية التاريخية فجر اول من امس، حذر وزير الداخلية الايراني عبد الواحد موسوي لاري من ان حصيلة ضحايا الزلزال سترتفع جدا، موضحا انه يتوقع ان يكون حجم الكارثة اكبر بكثير مما يبدو حتى الان. وقال الوزير الايراني في تصريح للاذاعة الايرانية العامة «نتوقع ان يكون حجم الكارثة اكبر بكثير وعدد الضحايا اكبر من الارقام التي اعلنت حتى الآن».

ووفقا لاخر تقدير لوزارة الداخلية الايرانية، فان حصيلة الضحايا ارتفعت الى عشرين الف قتيل وثلاثين الف جريح. بينما اعلن وزير الصحة الايراني ان حصيلة ضحايا الزلزال بلغت سبعين الف شخص بين قتيل وجريح في مدينة بام وحدها. ودعا الوزير المجتمع الدولي الى ارسال ادوية وتجهيزات وليس متطوعين لاغاثة المناطق المنكوبة.

من ناحيته، اعلن عميد كلية الطب في اقليم كرمان الإيراني عراج شريفي ان 25 الف شخص على الاقل قتلوا في الزلزال، دفن منهم خمسة آلاف وما زالت جثث عشرين الفا آخرين تحت الانقاض. واضاف شريفي ان 350 من الجرحى الذين نقلوا الى المستشفيات توفوا متأثرين بجروحهم. ويأتى ذلك فيما اكد الطبيب مسعود بيزيشكي الذي يعمل وسط انقاض مستشفى الخميني في بام الذي دمره الزلزال، ان 65 الى 70% من سكان مدينة بام قتلوا او جرحوا في الزلزال. وقال «المشكلة هي اننا لم نحص بشكل محدد القتلى والجرحى بعد بسبب استمرار اعمال الاغاثة ورفع الانقاض. واضاف «ما لدينا هو حصيلة واحدة للقتلى والجرحى وهي مرتفعة جدا». وقد اكدت وزارة الداخلية الايرانية صباح امس مقتل 20 الفا واصابة اكثر من 30 الفا في الزلزال وذلك فى تقدير وصفته «بانه مؤقت»، ولفت الاطباء الى ان عددا كبيرا من الجرحى فى حالة سيئة جدا بسبب خطورة الاصابات وعدم توافر رعاية صحية ملائمة، واضافوا انه بينما يمكن ان يتراوح عدد الجرحى بين 30 الفاً الى 40 الف شخص، فان عدد القتلى يمكن ان يرتفع بشكل لافت، اذ ان الانقاض لم ترفع الا عن نسبة محدودة من بام، وانه كلما مضت عمليات رفع الانقاض قدما اكتشف المزيد من الضحايا. وذكرت وسائل الاعلام الرسمية ان اثنين من المستشفيات انهارا على من فيهما من المرضى والاطباء بسبب الزلزال فيما غصت بقية المستشفيات بالجرحى. ونقلت وكالة الانباء الايرانية عن المسؤول عن عمليات الانقاذ محمد جاهنشاهي ان «آلاف الجثث سيتم انتشالها من تحت الانقاض اليوم (امس)»، مشيراً الى «الحاجة الملحة لاكياس من اجل نقل الجثث».

وعلى صعيد جهود الانقاذ، تقوم عشرات الطائرات العسكرية الايرانية باخلاء الجرحى من مدينة بام الى المستشقيات القريبة، ونقلت طائرات عسكرية صباح امس مئات الجرحى من المدينة ومنطقتها الى طهران حيث قامت سيارات الاسعاف بنقلهم الى مستشفيات العاصمة.

وعلى مدارج المطار، يتحرك مئات الجنود في كل الاتجاهات لنقل الجرحى بينما يحاول مئات الايرانيين المتحدرين من بام ومنطقتها الحصول على مقعد في الطائرة للتوجه الى مكان الزلزال والبحث عن اقاربهم. وتواجه فرق الانقاذ التي وصلت الى موقع الزلزال في ايران صباح امس صعوبات كبيرة في دفن الجثث التي يتم انتشالها باعداد كبيرة جدا من تحت انقاض المباني، حسبما افاد المراسلون الاجانب.

وفى سباق مع الزمن من اجل انقاذ الاف السكان الذين ما زالوا تحت انقاض منازلهم جدد البريجادير محمدي قائد الجيش في جنوب شرقي ايران نداء للعالم لتقديم مساعدات عاجلة لايران. وقال «نحتاج إلى المساعدة والا فاننا سننتشل من بين الانقاض جثثا وليس جرحى». وقد توجهت امس لايران عشرات من فرق الانقاذ الاجنبية للانضمام الى جهود بحث محمومة عن احياء تحت انقاض الزلزال المدمر، وبينما قبلت السلطات الايرانية مساعدات من كل دول العالم بما فى ذلك الولايات المتحدة، رفضت عرضا اسرائيليا للمساعدة. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية الايرانية جهانبخش خانجاني امس ان طهران ترحب بالمساعدات من كل الدول الاجنبية لكنها ترفض اي مساعدة من اسرائيل. واضاف خانجاني في تصريحات لوكالة الانباء الايرانية ان «الجمهورية الاسلامية تقبل بكل اشكال المساعدة الانسانية من جميع الدول والمنظمات الدولية باستثناء النظام الصهيوني». واوضح ان السلطات الايرانية تحتاج الى كلاب واجهزة كشف للبحث عن احياء تحت الانقاض وادوية واغطية وخيام للذين دمرت منازلهم. ويأتى ذلك في الوقت الذي ارسلت فيه وزارة الخارجية الاسرائيلية برقية الى الحكومة الايرانية عبرت فيها عن «تعازيها للشعب الايراني الذي ليست على خلاف معه» اثر الزلزال.

وحتى الان استجابت روسيا والمانيا وبولندا وفرنسا وايطاليا والولايات المتحدة وبريطانيا وتركيا ودول اخرى للنداء الايراني وتعهدت بتقديم اطباء وامدادات طبية ورجال انقاذ مزودين بكلاب مدربة ومعدات خاصة للبحث عن الناجين. وكانت الولايات المتحدة خصم ايران اللدود منذ زهاء 25 عاما من بين اول الدول التي عرضت تقديم المساعدة. فقد سارع الرئيس الاميركي جورج بوش الذي اعتبر ايران يوما ضمن ما اسماه «محور الشر» الى عرض تقديم اي مساعدات تحتاجها إيران. وقال بوش ليلة أول من امس «نحن مستعدون لمساعدة الشعب الايراني ونعرب عن تعاطفنا». واضاف فى بيان من مزرعته حيث سيقضي عطلة رأس السنة مع زوجته لورا وبعض الاقارب «سمعت انا ولورا هذا الصباح بالزلزال الذي كان مركزه مدينة بام بايران، لقد شعرنا بحزن عظيم بسبب ازهاق الارواح والاصابات والضرر الواسع لهذه المدينة القديمة». وتابع «انني اتقدم بتعازي الى كل من مستهم هذه المأساة... قلوب كل الاميركيين مع الضحايا واسرهم في هذا الوقت. ونحن نقف على اهبة الاستعداد لمعاونة شعب ايران».

وقال متحدث باسم بوش ان واشنطن ستعرض تقديم مساعدات انسانية لايران ولكن لم يتضح كيف سيتم تقديم هذه المساعدات نظرا لعدم وجود علاقات دبلوماسية مع طهران. وقد امرت روسيا بارسال وحدات رد سريع طبية وكلاب مدربة على اكتشاف الناجين. كما ارسلت المانيا اغطية ومعاطف لمن شردوا في البرد القارس في شوارع المدينة. وعرضت الامم المتحدة والصين ودول الاتحاد الاوروبي وبولندا واليابان وتركيا ودول اخرى تقديم مساعدات. واعلن اسد الله ايرانمانيش المسؤول في مكتب محافظ كرمان لوكالة الانباء الايرانية ان اولى طائرات الاغاثة الاجنبية قادمة من سويسرا وروسيا والمانيا وبريطانيا وصلت صباح امس الى كرمان.

كما اطلقت اللجنة الدولية للصليب الاحمر امس نداء لجمع ملايين الدولارات لمساعدة ضحايا الزلزال. وتهدف حملة اللجنة الدولية الى جمع حوالي 3.12 مليون دولار لتقديم المساعدة «لعشرات الآلاف المشردين» بسبب الزلزال المدمر. وستستخدم الاموال لتوفير البطانيات والخيام والمولدات الكهربائية وتوفير المأوى للذين شردهم الزلزال لحمايتهم من برودة الطقس حيث تنخفض درجات الحرارة في المنطقة الى دون الصفر ليلا. واوضح احد مسؤولي الصليب الاحمر ان المنظمة تأمل في تقديم مساعدات لحوالي مائتي الف شخص خلال ستة اشهر. واضاف انه من المتوقع ان تزداد قيمة الاموال التي تسعى اللجنة الدولية الى جمعها في الايام المقبلة بعد ان يقيم الخبراء الوضع على الارض.

وعبرت باكستان عن حزنها العميق على ضحايا الزلزال المدمر وارسلت طائرات مليئة بالمساعدات الى جارتها ايران، حسبما اعلنت وزارة الخارجية الباكستانية امس. وقرر رئيس الوزراء ظفر الله جمالي ان يرسل «كخطوة اولى طائرتين محملتين بمواد الاغاثة الى ايران». واضاف ان الرئيس الباكستاني برويز مشرف ورئيس الوزراء ارسلا رسالتين منفصلتين اعربا فيهما عن تعاطفهما مع ايران. وبدورها اعلنت الصين انها سترسل فريقا مكوناً من 43 من عمال الاغاثة الى ايران لتقديم المساعدات الطارئة لضحايا الزلزال. ونقلت وكالة الصين الجديدة للانباء عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ليو جيانتشاو قوله ان فريقا صينيا سيتوجه الى ايران على متن طائرة مستأجرة. وقالت الوكالة ان وزارة التجارة الصينية ستقدم مساعدات طارئة بقيمة 600 الف دولار حيث سترسل اول دفعة من المساعدات مؤلفة من خيام وادوية ومولدات كهربائية.

وعلى الصعيد الانساني، اصبحت بام التي يقطنها 200 الف نسمة بلا ماء او كهرباء او وقود وهبطت درجات الحرارة تحت الصفر في ساعة مبكرة من صباح امس. واشعل السكان النار للتدفئة واستخدموا مشاعل وسط انقاض المنازل المنهارة المصنوعة من الطين اثناء حفرهم بأيديهم المجردة بحثا عن ناجين في المدينة. واتهم بعض سكان المدينة الحكومة بالتقاعس عن تقديم يد العون. بينما ذكر التلفزيون الحكومي انه لم يتم ارسال اي فريق للاغاثة الى القرى الواقعة في منطقة بام حتى الان مما يحرم سكانها من اي مساعدة. وقد انهمكت فرق الانقاذ في جهود بحث مكثفة عن ناجين تحت الانقاض. وقال مراسلو صحافيون في بام ان مئات الجثث كانت تنقل في الشاحنات والمقاعد الخلفية للسيارات وتدفن في مقابر جماعية وسط بكاء اقاربهم. وفي طهران عرض التلفزيون الحكومي مشاهد الناس يقفون في طوابير للتبرع بدمائهم. كما اعلنت مخابز في شيراز انها ستعمل من الغروب وحتى الفجر لاعداد الخبز كمساهمة منها في جهود الاغاثة.