«الغرابي» شارع لتزيين السيارات وسط العاصمة السعودية مبيعاته تتجاوز 40 مليون دولار سنويا

TT

تحولت السيارة في الآونة الأخيرة ـ لا سيما في منطقة الخليج ـ من مجرد وسيلة نقل حديثة نسبياً، الى آلة ذات خصوصية لا تقل اهمية عن المنزل او المكتب، هذا ما جعل الشركات العالمية المصنعة للسيارات تركز على تجسيد تلك الخصوصية المرغوبة في داخل مقصورات السيارات نزولاً عند رغبة المشترين، بالتعاقد مع مصممين عالميين لإضفاء لمسات جمالية متميزة شكلاً ولوناً في تصميم ديكور السيارة الداخلي، اضافة الى تصميم مفاتيح التحكم لتكون قريبة من مقعد قائد السيارة، مع عدم اغفال تصميم الشكل الخارجي ليتواءم مع مدارس التصميم الخارجي المستندة على الخطوط المنحنية والتفاصيل الممتلئة، كما ان الخيارات التي تنتج بها السيارات ـ سواء في اللون او الشكل او الحجم او الثمن ـ عززت الخصوصية التي يطلبها معظم المشترين، من خلال التدرج في خيارات النوع الواحد من السيارات، من النوع العادي الى نوع كامل الخيارات او المواصفات.

وفي السعودية، يتنافس الشباب ممن تتراوح أعمارهم بين 18 ـ 25 عاما على اقتناء السيارات السريعة والجذابة والقوية والمختلفة، باعتبار انها جزء لا ينفصل عن التكوين الشخصي، ودلالة على المستوى الاجتماعي والمادي، كما ان لنوعية السيارة دلالة على شخصية سائقها، لذا فإن شباب الرياض يقصدون محلات متخصصة في زينة السيارات واكسسواراتها، لشراء كل جديد في عالم تجميل السيارات، ولطلب بعض الاكسسوارات التي تصنع خصيصاً بحسب رغبة الزبون، سعياً منهم للتفرد والتميز عن الآخرين، الأمر الذي جعل مجموعة من التجار السعوديين يؤسسون مؤسسات وشركات متخصصة في صناعة واستيراد اكسسوارات السيارات بمختلف انواعها، واختاروا شارعاً بسيطاً في البطحاء المركز التجاري للعاصمة السعودية، لتحويله مجمعاً لمحلات الزينة.

شارع «الغرابي» قبلة الراغبين لتدليل سياراتهم في الرياض، تقصده السيارات بشتى أنواعها لتزداد تألقاً وجمالاً، بدءاً من الاطارات العريضة و«الجنوط» الكروم، ومروراً بتظليل الزجاج لاضفاء الغموض على السيارة، ووصولاً الى الجلد والصوف لتحويل المقاعد المخملية الى اخرى وثيرة ومريحة، وتتراص المحلات المتخصصة في ذلك على جانبي الشارع، فضلاً عن تناثر مخالفي انظمة الإقامة خلف تلك المحلات لتقديم خدمات تظليل زجاج السيارات او تركيب الاكسسوارات بأجور منخفضة وبجودة اقل. حمد السويلم 19عاماً، يقول: كل أسبوع ـ تقريباً ـ اتجول في شارع الغرابي للبحث عن كل جديد في عالم تجميل السيارات، اضافة الى مشاهدة السيارات الأخرى المنتشرة في الرياض، لرؤية أي اكسسوار اضافي او اساسي ومدى مواءمته لسيارتي، بحثاً عن التميز وجذب انتباه الآخرين. وبالرغم من ارتفاع أسعار الاكسسوارات، الا انني لاحظت أن الاكسسوارات التي يضيفها معظم الشباب لسياراتهم في السنة الحالية، اجدها في موديلات السيارات في العامين القادمين، وفي اعتقادي أن هذا يعني مراقبة صانعي السيارات والوكلاء المحليين لاتجاهات الشباب في تزيين سياراتهم.

أما عبد الرحمن ـ أبو كامري هكذا أراد تسمية نفسه من شدة غرامه بسيارته ـ 21 عاما ـ يرى ان السيارة كالغرفة، لا بد ان تستمر جميلة وأنيقة حتى لا تتسلل إليك الكآبة وتملها، فلا بد من تغيير جزء من الشكل العام للسيارة كل فترة واخرى، حتى تتجدد السيارة في نظري، واشعر بشيء من الانتعاش والحيوية، بدلاً من تبديل السيارة كل عام مثل المقتدرين مالياً، وهذه طريقة اقتصادية تفيد الشباب ذوي الدخل المتوسط وما دونه.

ويقول بندر الحربي، 22 عاما، قد لا تصدق عندما اقول لك انني انفق ما يقارب 2000 ريال شهرياً «533 دولار» لمسايرة الموضة في عالم تزيين السيارات، لذا فان شارع الغرابي هو مكاني المفضل لـ«تدليع» السيارة، مع ان والدي يوبخني قليلاً على انصرافي للسيارة معظم الأوقات، الا انني أقنعه في بعض الأحيان بإضافة شيء من الاكسسوارت الى سيارته الخاصة.

فيما لا يؤيد خالد الموركي، 26 عاماً، الأعمال التي يقوم بها بعض الشباب من وضع للزينة والاكسسوارات ـ خاصة المبالغ فيه ـ لما فيه من هدر للأموال وتضييع للوقت والجهد، ولدلالة الأمر على الاهتمام بالشكل على حساب المضمون، فضلاً عن بعض التقليد الاعمى والمستفز، فقد رأيت بعيني وأنا اسير ذات مرة مع صديق لي في شارع التخصصي، سيارة كتب باللغة الانجليزية على زجاجها الخلفي عبارة. ان كان صاحبها يعلم ما تعنيه فهذا انتهاك للأدب والذوق الانساني، وتعد صارخ على الحرية العامة، وينبغي ان تعالجه ادارة المرور بشكل صارم، وان كان لا يعلم فتلك كارثة.

ويقول صبري أحمد، 37 عاماً، «يمني يعمل في محل لزينة السيارات» ان الاقبال كبير جداً على شارع الغرابي في نهاية الاسبوع، لا سيما فئة الشباب ممن اعمارهم بين 16 ـ 23 عاماً، وتتركز عمليات الشراء على الجنوط والكفرات واجهزة تشغيل الكاسيت وتظليل الزجاج والمصابيح النيون، ولكن الازدحام في الشارع يسبب مشكلة في عدم الاحتفاظ بالزبون لمرحلة طويلة، كما ان وجود بعض العمالة المخالفة لأنظمة الاقامة يساهم في تسرب الزبائن الباحثين عن الاسعار المنخفضة. ويرى بعض التجار ان قيمة ما يضخ في شارع الغرابي سنوياً من البضائع يتجاوز 150 مليون ريال «40 مليون دولار»، أي بنسبة 40 في المائة من حجم سوق اكسسوارات السيارات في الرياض، لذا فان الحاجة ملحة لنقل محلات الزينة من شارع الغرابي والمحلات الاخرى المتناثرة في العاصمة، وتوزيعها وحصرها في مجمعات صيانة السيارات «الصناعيات»، لتسهل عملية التأكد من جودة البضائع ومدى توافقها مع شروط هيئة المواصفات والمقاييس السعودية.