حكومة إسرائيل تصادق على إقامة كلية تعليم لعصابة الإرهاب اليهودية

TT

في الوقت الذي توحي فيه الحكومة الإسرائيلية بأنها بدأت عملية الإعداد لإخلاء البؤر الاستيطانية العشوائية (التي أقيمت من دون قرار حكومي) وأنها مستعدة لإخلاء عدد من المستوطنات الثابتة، كشف النقاب أمس عن عملية مضادة من المستوطنات لإقامة عشرات البؤر الاستيطانية الجديدة وتكثيف البؤر القائمة. ويتضح أن بعض هذه النقاط تحظى بدعم حكومي التوائي بواسطة مستشارين من اليمين المتطرف. ومن بين المؤسسات التي حظيت بهذا الدعم كلية تعليم عال يقيمها ويشرف على التدريس فيها عدد من أبرز نشطاء تنظيمات الإرهاب اليهودية، التي تنفذ اعتداءات دامية ضد الفلسطينيين.

وتختبئ الحكومة الإسرائيلية في نشاطاتها الاستيطانية الجديدة وراء شعبة الاستيطان في الوكالة الصهيونية العالمية، التي تعتبر جسما دوليا خارجيا. وهذا الجسم هو الذي يوفر الميزانيات الهائلة لتدعيم المستوطنات القائمة حاليا وإقامة نقاط استيطانية جديدة، كأحياء داخل المستوطنات القائمة في البداية ومن ثم تحويلها مستوطنات دائمة. ويحصل المستوطنون على وثائق من مختلف الوزارات الإسرائيلية، للحصول على التيار الكهربائي أو الماء أو تراخيص بشق الطرق إلى هذه المستوطنات، مما يؤكد أن الحكومة تتحمل كامل المسؤولية عن إقامتها.

ويختفظ المستوطنون بهذه الوثائق لاستخدامها في المحكمة في حالة اتخاذ قرار حكومي بإخلائها. إذ سيتوجهون إلى المحكمة مدعين أن الحكومة تكذب عندما تقول إن مستوطناتهم غير شرعية. وللدليل على ذلك يقدمون الوثائق.

وكشفت صحيفة «هارتس» الإسرائيلية في عددها الصادر أول من أمس، إحدى هذه الوثائق الموقعة باسم رون شخنر، مساعد وزير الدفاع، يقول إنه يصادق على قائمة نقاط استيطانية عشوائية كمستوطنات مستقلة شرعية، ويذكر قائمة بسبع مستوطنات من هذا النوع.

كما كشف النقاب عن أن مدير شعبة الاستيطان في الوكالة الصهيونية العالمية، هو شلومو بن الياهو، نجل الرئيس الروحي لحزب «المفدال»، أحد أشد الأحزاب اليمينية الحاكمة تطرفا الذي يتبنى موضوع الاستيطان. وهو الذي يصرف جل جهده والأموال التي تقع تحت طائلته، على موضوع تكثيف الاستيطان، علما بأن والده، الحاخام الأكبر السابق مردخاي بن الياهو، يقف على رأس مجموعة كبرى من رجال الدين اليهود الذين أصدروا فتوى تحرم على اليهود إخلاء المستوطنات.

وبناء على ذلك، وبهذا التعاون الخفي، تكون حكومة شارون مساندة بشكل مكشوف للمشروع الجديد «توسع الاستيطاني. وهي بنفسها منحت الشرعية لهذا الاستيطان. واستندت بذلك إلى الوكالة الصهيونية، التي رصدت بدورها حل ميزانيتها للاستيطان.

واعترف بن الياهو بهذا الدور وقال للصحيفة المذكورة إنه يفعل ذلك باعتزاز كبير. وأضاف أن إحدى المهمات الأساسية التي يقوم بها، ولا تقل أهمية عن الاستيطان داخل المناطق الفلسطينية، هي إقامة مستوطنات جديدة جنوب الضفة الغربية وجنوب قطاع غزة، وهما المنطقتان اللتان من المفروض أن تسلما للفلسطينيين في ظل اتفاق سلام يتضمن فقرة عن تبادل الأراضي مقابل المناطق المكثفة بالاستيطان تعطي للفلسطينيين مناطق خالية من تخوم إسرائيل ما قبل 1967 (هذه الفكرة وردت أول مرة في محادثات كامب ديفيد سنة 1999 ثم صيغت بشكل واضح في اتفاقية جنيف في السنة الماضية).

ولم يقتصر الدعم الحكومي للاستيطان اليهودي على مستوطنات اليمين المتطرف العنصري، بل تعدى ذلك ليصل إلى عصابة الإرهاب اليهودية المعروفة باسم «كاخ» المحظورة. فقد تبين أن هذه العصابة هي التي تشرف على المستوطنة العشوائية التي أقيمت في منطقة رام الله، قرب مستوطنة «تفوح»، وأطلق عليها اسم «تفواح ـ غرب».

وأقيمت سنة 1998، أي في زمن حكومة إيهود باراك، وحصلت حسب ادعاء المستوطنين على تأشيرات ومصادقات من الحكومة. وتعيش فيها اليوم حوالي 30 عائلة. وقد شقت وزارة المواصلات طريقا إلى هذه المستوطنة بلغت تكلفته 210 آلاف دولار.

والمثير أن هذه العصابة، التي تعتبر غير قانونية، أقامت أخيرا كلية تعليم. وبدأت تقدم دروسا مطعمة بأيديولوجية الإرهاب. فهذه العصابة تؤمن بأن فلسطين هي أرض إسرائيل التي منحها الله لليهود ولا حق لغيرهم فيها. ويطرحون مشروعا وحيدا لتسوية القضية الفلسطينية هو ترحيل الفلسطينيين إلى الدول العربية. وقد أثيرت عدة شبهات وقدم عدد من قادة «كاخ» إلى المحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم قتل إرهابية ضد الفلسطينيين.

وقد أعلن وزير القضاء، يوسف لبيد، زعيم حزب شنوي، أمس، أنه سيطرح الموضوع على بساط بحث الحكومة الإسرائيلية اليوم وسيعمل كل ما في وسعه لإخلاء هذه المستعمرة وإلغاء كلية التربية للإرهاب.