وزير كبير سابق في حكومات اليمين الإسرائيلية يصف سياسة شارون بأنها «جنونية ومثيرة للاشمئزاز»

TT

بعد صمت دام اكثر من ثلاث سنوات، ابتعد خلالها عن العمل السياسي وانتقل الى العمل المهني في المحاماة، خرج دان مريدور، احد كبار الوزراء في الحكومات التي شارك فيها او قادها الليكود، بتصريحات حادة عن حالة اسرائيل والسياسة الحكومية فيها. ووصف هذه السياسة بأنها «جنونية تثير الاشمئزاز»، و«ذات مستوى متدن وأسلوب متخلف». وحذر من ان استمرار هذه السياسة سيدمر مستقبل اسرائيل في المنطقة. ودعا مريدور رئيس الوزراء الاسرائيلي، ارييل شارون، الذي كان مقربا منه ذات مرة، الى ابداء الشجاعة الادبية والسياسية التي يحتمها عليه مركزه ويحدث انعطافا في اوضاع الدولة والمنطقة ويكف عن الرضوخ للاقليات الضاغطة عليه من اليمين المتطرف، لدرجة التدهور في سياسته باتجاه رغباتهم. ومريدور هو من شريحة السياسيين الذين يسمون بـ«الامراء» في الجناح اليميني للسياسة الاسرائيلية، والده كان من مؤسسي التيار الاصلاحي (اليميني) في الحركة الصهيونية بقيادة زئيف جابوتنسكي. وتولى عدة مناصب وزارية رفيعة، بدأها عندما كان سكرتيرا للحكومة في زمن مناحم بيغن. ثم اصبح وزيرا للقضاء وللمالية والشؤون الاستراتيجية الامنية. ووعده شارون بوزارة مهمة في حكومته الاخيرة، لكنه نكث بوعده. بل لم يدعمه حتى في الترشيح لرئاسة بلدية القدس باسم الليكود، وأدى ذلك الى خسارة الليكود هذا المعقل لصالح رئيس البلدية الحالي من حزب «يهدوت هتوراة».

ويعتبر مريدور واحدا من مجموعة نادرة من السياسيين الاسرائيليين المعروفين بالاستقامة الشخصية والنزاهة. وهو من ابرز المعتدلين في اليمين الاسرائيلي. وشارك في مفاوضات «كامب ديفيد» بين ايهود باراك وياسر عرفات، بحكم هذا الاعتدال، ووافق على معظم خطة باراك للانسحاب من المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967، مما أثار عليه نقمة اليمين المتطرف. ويقول انه قرر كسر حاجز الصمت امس لانه لم يعد يحتمل الوقوف جانبا في معركة الدفاع عن مصير اسرائيل. وجاءت تصريحات مريدور في موقع الانترنت التابع لكبرى الصحف الاسرائيلية «يديعوت احرونوت»، ونشرت امس. وتركزت في اتجاهين: الوضع السياسي واسلوب الحكم. ومما قاله:

* الوضع السياسي: لم يعد ممكنا الاستمرار في هذا الوضع الخطير الذي تمر فيه الايام والشهور، ونحن لا نفعل شيئا سوى الحرب والعمليات العسكرية والتصريحات العدائية. نحن نتحول الى نظام ابرتهايد (عنصري)، ودولة اسرائيل تقوم بقتل مواطنين (فلسطينيين) تحت مسؤوليتها وسيادتها. وما يصنع لدينا من جراء هذا الوضع هو فقط الألم والكراهية. ولا يجوز للسياسيين المسؤولين في الحكم ان يزعموا ان لا مفر. فهناك مفر. وهناك سبل للحل، من واجب السياسيين خلقها ان لم تكن موجودة. وهي في الواقع موجودة، والمطلوب من كل سياسي ان يتخذ القرار بشأنها، علما بأن الجمهور الواسع قد اتخذ القرار، وقال انه يريد حلا يضمن ان تظل اسرائيل دولة ديمقراطية ويهودية. ومن اجل ذلك يجب ان يزول الاحتلال وننفصل عن الفلسطينيين. وهذا يتم بواحدة من ثلاث طرق; الاولى، والافضل، بواسطة الانسحاب من معظم المناطق المحتلة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة بالاتفاق مع الفلسطينيين، والثانية، وهي ليست جيدة، بالانسحاب الى حدود مؤقتة مقابل دولة فلسطينية مؤقتة بالتفاهم مع الولايات المتحدة، والثالثة، وهي ليست محبذة بتاتا، وهي الانسحاب من طرف واحد.

* أسلوب الحكم: نحن نعيش في نظام فوضى مفسود، أصبحنا مثل حكم ياسر عرفات. مجموعة من المتطرفين يديرون سياسة مستقلة عن سياسة الحكومة وينشرون المستوطنات، بلا قانون وبلا اكتراث لأية مصلحة وطنية. عدد كبير من الوزراء وأعضاء الكنيست يخرقون القانون ويرتكبون المخالفات والجنح، ويمثلون امام التحقيق، والكنسيت يدافع عنهم ويتستر عليهم ويحميهم ويحاول منع الجهاز القضائي من محاكمتهم.

علاقات واضحة ومشبوهة بين المافيا وعصابات الاجرام المنظمة وغير المنظمة وبين عدد من السياسيين في اسرائيل. مستوى الخطاب والحوار بين السياسيين يتدهور الى انحطاط فاضح. وبات الامر مقززا، ولم يعد يحتمل. صرنا نخجل بقادتنا امام الجمهور.