لبنان: تحقيقات نشطة في حادثة طائرة كوتونو والقضاء ينتظر معلومات رسمية من غينيا ووصول جثة جديدة إلى بيروت بعد التعرف على صاحبها

TT

أجرى القضاء اللبناني امس جولة ثانية من التحقيقات في حادثة تحطم طائرة البوينغ 727 في كوتونو قبل عشرة أيام والتي قتل فيها ما يزيد على 120 من ركابها، معظمهم من اللبنانيين، كما وصلت الى بيروت جثة أحد ركاب الطائرة بعد التعرف عليها من خلال فحوصات أجريت على الاسنان.

وأمس استمع رئيس قسم المباحث الجنائية المركزية العقيد الياس سعادة بإشراف مباشر من النائب العام التمييزي القاضي عدنان عضوم، الى افادة رئيس دائرة الاستثمار في مطار بيروت الدولي الطيار زياد البابا، وافادة أحد مالكي الطائرة المنكوبة احمد الخازم، الذي سبق له ان منع من السفر بقرار اتخذه القاضي عضوم.

وسيستجوب العقيد سعادة يوم غد الاثنين صاحب الطائرة عماد سابا وهو فلسطيني اميركي والمسؤول عن صلاحية الطائرات في مطار بيروت الدولي حاتم ذبيان والفني حسين تيماني وادوار زيلوشكي، وهذا الاخير سبق له ان اعد تقريراً عن الطائرة. كما سيستمع الى افادة المدير العام الطيران المدني حمدي شوق للمرة الثانية على التوالي.

وكان قسم المباحث استمع اول من امس الى افادة رئيس مصلحة الطيران المدني انطوان الحلو، الذي وضع التقرير المختص بالسماح للطائرة بالسفر، وكان قد استوضح عن سبب عدم إرسال فنيين الى غينيا.

واوضح عضوم امس انه لا يزال «ينتظر ورود أوراق رسمية من السلطات الغينية المختصة عبر الانتربول او وزارة النقل او اي مصدر رسمي آخر عن جنسية الطائرة ومالكيها ومالكي شركة «يو. تي. ايه» التي تتبع لها الطائرة المنكوبة.

من جهة اخرى، وصلت الى بيروت بعد ظهر امس جثة اللبناني جاد مقبل، الذي قضى في حادث تحطم الطائرة، وذلك في طائرة تابعة لشركة «آر فرانس» بعدما تم التعرف عليها من خلال فحص الاسنان وبعض الفحوص الطبية التي أكدها احد اطباء مقبل.

ونقلت سيارة تابعة للصليب الاحمر اللبناني جثة مقبل من المطار برفقة قوى الامن الداخلي الى مستشفى الرسول الاعظم، حيث سلمت الى ذويه على ان يوارى الثرى في مسقط رأسه مجدل ترشيش اليوم الاحد. وما يزال البحث جاريا للتعرف على عدد من جثث اللبنانيين الذين قضوا في الحادث، لا سيما في ظل مواكبة الحكومة اللبنانية والمعنيين لمسار التحقيقات التي تجريها السلطات في بنين والسلطات اللبنانية المختصة لكشف كل ما يتعلق بهذه الكارثة.

وفي هذا الاطار عاد الى بيروت قبل ظهر امس في الطائرة الخاصة لرئيس مجلس الوزراء، رفيق الحريري الخبير الدولي في تعريف الهوية البروفسور فؤاد أيوب وأحد مساعديه واحد اقارب رباح حلواني الذي قضى في حادث الطائرة المنكوبة والذي لم يتيسر التعرف على جثته حتى الآن. وبقي الخبير الفني في الطيران المدني المهندس حاتم ذبيان في كوتونو لمواكبة التحقيقات الفنية.

وفي المطار اكد البروفسور ايوب انه لا تزال في المشرحة المركزية في بنين، تسع جثث يعتقد ان خمسا منها تعود للبنانيين، فيما الجثث الاربع الباقية تعود لمواطنين أفارقة. وان البحث ما يزال جارياً عن جثة الطفل عباس عبد المجيد حجازي التي لم يلفظها البحر حتى الآن.

وقال ايوب: «لقد اتممنا التأكد خلال هذه المهمة من هوية جاد مقبل الذي قضى في حادث الطائرة من خلال تفحص اسنانه ومن خلال علامات العلاج الموجودة عليها والمثبتة بوثائق طبية من طبيبه.. وأخذنا عينات من تسع جثث اعتقد ان خمسا منها قد تكون للبنانيين، أما الاربع الباقية فهي لافارقة، وقد كشفنا عليها في اطار مساعدة السلطات البينية على التعرف على جثث مواطنيها مجهولي الهوية حتى الآن وذلك بطلب ومبادرة انسانية للرئيس رفيق الحريري وسأنقل هذه العينات الى مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت لتسليمها الى الاختصاصي في علم الوراثة الدكتور بيار زلوعة الذي سيجري الفحوص المخبرية الخاصة واللازمة. واعتقد ان هذا العمل سيستغرق ما بين اسبوع وعشرة ايام».

ورداً على سؤال قال أيوب: «اعتقد وحسب المصادر التي اطلعتنا على ذلك، ان عدد الجثث الموجودة هناك يتطابق مع عدد المفقودين باستثناء جثة الطفل عباس حجازي التي لم يلفظها البحر حتى الآن، وعملية البحث ما تزال جارية للعثور عليه».

وعلى صعيد آخر، قال رئيس لجنة الاشغال النيابية (المكلفة التحقيق في حادثة الطائرة) النائب محمد قباني انه «سيكشف للناس كل الحقائق فور انتهاء التحقيقات في الطائرة المنكوبة»، موضحاً ان لديه «الجرأة الكافية لقول الحقيقة عندما نعلمها مهما كانت واذا لم يكن في امكاني قولها، فالصمت هو الخيار».

وذكر قباني «ان ليس ثمة اي متنفذين يكمنون وراء الشركة مالكة الطائرة المنكوبة» ونفى «ان يكون احد مالكيها من المتنفذين» لأن مالكي الطائرة هم افارقة وايرانيون ولبنانيون وهؤلاء لا علاقة لهم بأحد من النافذين في لبنان.

بدوره سأل النائب محمد عبد الحميد بيضون في مؤتمر صحافي عقده امس في بيروت «لماذا لم تصدر السلطات المختصة بيانات تحذير للبنانيين من السفر في الطائرة التي سقطت في كوتونو طالما ان لدى هذه السلطات معلومات تشير الى ان هذه الطائرة تشوبها عيوب معينة؟»، واعتبر «ان ارتباكاً كبيراً وتناقضاً في المعلومات حول الموضوع أديا الى بلبلة والى كثير من الاقاويل والاتهامات التي تحتاج الى ايضاح وجلاء بأسرع وقت ممكن».

ورأى بيضون ان حادث الطائرة المؤلم كشف «غياب سياسة اغترابية للبنان الذي لا يزال ينظر الى المغتربين فقط كمصدر للتحويلات وليس كمواطنين لهم حقوق اساسية ومنها الحق بالحماية والرعاية للارواح والارزاق. وغياب السياسة الاغترابية يكشف أيضاً انقطاع لبنان عن مواطنيه في الخارج وحتى عن طاقاتهم الكبيرة التي تحتاج الى كثير من الجهد والرعاية لتنظيمها وتحقيق افضل مشاركة لها في الحياة الاقتصادية لبلدان الاغتراب في النشاط اللبناني نفسه».