واشنطن تشارك في إجراءات حماية مشرف بعد محاولتي اغتياله وتشتبه في «القاعدة»

الرئيس الباكستاني يتعهد بعدم استخدام سلطاته الواسعة لحل البرلمان

TT

بعد محاولتي اغتيال خلال الاسابيع الثلاثة الاخيرة التي تحمل بصمات تنظيم «القاعدة»، عززت الحكومة الاميركية الجهود الرامية الى حماية الرئيس الباكستاني الجنرال برويز مشرف، وحثته على بذل مزيد من الجهود ضد الجماعات الارهابية، طبقا لما ذكره مسؤولون اميركيون.

المسؤولون قالوا ان الولايات المتحدة كانت قد بعثت بأجهزة تشويش الكترونية ساهمت في افشال المحاولة الاولى ضد مشرف، حيث تداخلت مع اشارات اجهزة تفجير الشحنة الناسفة. ومنذ وقوع الهجمات عززت واشنطن عمليات تبادل المعلومات الاستخبارية وغيرها من الجهود لمساعدة قوات الامن الخاصة بمشرف، وإن كانت لم تقدم له بعد مجموعات من الحرس الخاص، وهي خطوة اتخذت من قبل لتأمين الرئيس الافغانستاني حميد كرزاي. ويساعد المسؤولون في مكتب التحقيقات الفيدرالي الـ(إف. بي. آي) الاميركي حاليا في باكستان بالتحقيقات في محاولتي الاغتيال. تجدر الاشارة الى ان استمرار حكم مشرف واستقرار وتعاون باكستان، وهي اكثر دول العالم النووية هشاشة، امر حيوي بالنسبة للحملة الاميركية لاعتقال او اسر اسامة بن لادن ونشطاء «القاعدة». ويعتقد المسؤولون العسكريون والاستخباريون الاميركيون، أن بن لادن وغيره من اعضاء «القاعدة» يختفون على الحدود الافغانية ـ الباكستانية، وقد جعل مشرف نفسه كحليف للولايات المتحدة في حربها على الارهاب.

وذكر المسؤولون العسكريون والاستخباريون الاميركيون، انه اذا قتل مشرف في واحدة من هذه الهجمات، فإنهم يعتقدون ان الجيش الباكستاني سيتحرك بسرعة لاختيار خلف له. هم يرون ان ابرز خلفائه المحتملين نائب رئيس الاركان الجنرال محمد يوسف خان، الذي تعتبره واشنطن مواليا للسياسة الاميركية ويرجحون ان يواصل سياسة مشرف الخاصة بملاحقة «القاعدة».

مسؤول استخباري اميركي اشار اخيرا الى «وجود شكوك قوية للغاية في ان العملية لها علاقة بـ«القاعدة»».

ويعتقد ان احد المهاجمين هو محمد جميل، الذي قاتل في صفوف طالبان في افغانستان، طبقا لصحيفة «دون» الباكستانية. وقد ذكر انه عضو في جماعة «عسكر محمد»، ويعتقد ان الاستخبارات الباكستانية شكلت هذه المجموعة للقتال في كشمير، كما يشار الى انها تتولى تدريب «القاعدة».

وكان جميل قد اعتقل في افغانستان خلال الحرب، وسلم الى السلطات الباكستانية التي افرجت عنه بعد التحقيق معه. وكانت وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية الـ(سي. آي. ايه) قد زادت الميزانية الخاصة بالاستخبارات وتقاسم المعلومات الاستخبارية مع العديد من الدول بعد هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001، غير انه لا يوجد مكان آخر في العالم يظهر فيه هذا التعاون بصورة مكثفة مثل باكستان. فبعد الهجوم على (البنتاغون) ومركز التجارة العالمي. غيّر مشرف دعم باكستان التقليدي لحكومة طالبان وبدأ في التحرك ضد «القاعدة» والجماعات المرتبطة بها، بعضها كانت تدعمه الاستخبارات الباكستانية طوال سنوات.

ومن ثم حثت وكالة الاستخبارات المركزية مشرف على اتخاذ مواقف اكثر تشددا تجاه الجماعات الارهابية. وكانت تشارك بصفة روتينية في المعلومات الاستخبارية مع اجهزة الامن الباكستانية برصد تحركات الارهابيين في باكستان، طبقا لما ذكره خبراء الشؤون الباكستانية.

في هذه الاثناء يرى خبراء الشؤون الباكستانية في الادارة الاميركية وخارجها، ان اول تهديد لاستقرار باكستان اذا ما قتل مشرف، لن يكون تأمين ترسانتها النووية، الواقعة تحت سيطرة عسكرية متشددة، بل الخوف من الاضطرابات الداخلية. فسيطرة مشرف على مقاليد السلطة تبدو مضمونة الآن بعد فوزه بالثقة في البرلمان الخميس الماضي، ولكن الامر يتطلب عملا مستمرا من جانبه للحفاظ على بعض الدعم من الجماعات الاسلامية في باكستان، وبعضها غاضب من موقفه الموالي لأميركا. وحسب آشلي تليس، المسؤول السابق في مجلس الامن القومي وعضو «صندوق كارنيغي للسلام الدولي»، ان اكبر التحديات بالنسبة للعلاقات الاميركية ـ الباكستانية هو «مستقبل السياسات الداخلية الباكستانية. وهو (اي مشرف) يحاول التفاوض على تشكيل حكومة جديدة، يمكن عن طريقها اتجاه باكستان نحو الحكم المدني. وستطرح هذه القضايا للتفاوض مرة اخرى» اذا ما ترك السلطة.

في المقابل يعتقد خبراء ان محاولتي الاغتيال كشفتا عن هشاشة موقف مشرف. اذ قال مايكل كريون رئيس «مركز هنري ستمسون» وخبير الشؤون الباكستانية إن «مشرف دأب على التحايل لفترة طويلة. فمن جانب اعلن ان باكستان تقف في الجانب الصحيح في ما يتعلق بالارهاب، غير ان باكستان تواصل تقديم الدعم لجماعات نعتبرها ارهابية. وقد اصبحت عملية التحايل هذه صعبة. ومن المرجح انها ستتوقف».