إدارة بوش تقرر الاستئناف أمام المحكمة العليا ضد قرار الإفراج عن باديلا قبل يومين من البت في قضية السعودي حمدي

TT

اعلنت ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش انها ستطلب من المحكمة العليا نقض قرار قاض فيدرالي قضى بالافراج عن خوسيه باديلا، المواطن الاميركي المعتقل في سجن عسكري منذ 19 شهراً باعتباره «مقاتلاً عدواً». وفي حال وافقت المحكمة العليا على الطلب، فانه يتوقع ان يمهد الطريق للبت في معظم قضايا الحريات المدنية المرفوعة في الولايات المتحدة والمتعلقة بالحرب ضد تنظيم «القاعدة» بحلول الصيف المقبل.

وفي مذكرة قدمت الى المحكمة ابلغ المحامي العام ثيودور اولسون هيئة المحكمة انه سيتقدم بحلول 20 يناير (كانون الثاني) الجاري بطلب استئناف الحكم الذي كانت اصدرته محكمة استئناف فيدرالية بنيويورك الشهر الماضي بخصوص الافراج عن باديلا او تغيير التهمة الموجهة اليه. واوضح اولسون انه سيتصل بمحامي باديلا للاتفاق على موعد يسمح للمحكمة العليا بالنظر في الاستماع الى المرافعات الشفهية بنهاية ابريل (نيسان) واصدار الحكم قبل الاجازة القضائية مطلع يوليو (تموز). واوضح اولسون ان الادارة اتخذت هذا القرار لأن قرار المحكمة السابق «يعالج قضايا ذات اهمية غير عادية بطريقة غير صحيحة».

ويجيء هذا الطلب في اعقاب احكام اصدرتها محاكم ابتدائية برفض اصرار ادارة بوش على حق السلطة التنفيذية في شن الحرب ضد الارهاب، من منطلق ان ذلك يهدد الحريات المدنية. وكانت المحكمة العليا نفسها قد صدت الادارة في الآونة الاخيرة من خلال موافقتها على نظر قضية مرفوعة من محاميي معتقلين في غوانتانامو بكوبا. ولذلك، ربما تعتقد الحكومة ان افضل امل لها في تقديم البراهين القضائية هو التركيز السريع للقضايا المتعلقة بالارهاب في المحكمة العليا التي تنتمي الى اليمين الوسط، حيث يرجح ان تكسب الادارة مزيداً من القضايا اكثر مما تخسر، حسب تعليقات محللين عسكريين.

وقال ديفيد رفكين، المسؤول السابق في ادارتي رونالد ريغان وجورج بوش الاب والذي كتب مذكرات يؤيد فيها مواقف الادارة الحالية في المحاكم الابتدائية: «هناك اسباب تكتيكية واستراتيجية للنظر في كل القضية مرة واحدة».

وجاء طلب اولسون قبل يومين من الموعد المقرر لعقد المحكمة جلسة حول امكانية النظر في طلب استئناف مماثل من الاميركي السعودي ياسر عصام حمدي، الذي كان اعتقل في افغانستان ثم نقل الى غوانتانامو ومنها الى سجن عسكري في الولايات المتحدة باعتباره «مقاتلاً عدواً». وحمدي معتقل منذ اكثر من سنة بدون حق استخدام محام في نفس السجن العسكري الذي يحتجز فيه باديلا في ساوث كارولاينا. وكانت الدائرة الرابعة لمحكمة الاستئناف في ريتشموند اكدت العام الماضي حق الرئيس بوش في اعتبار حمدي «مقاتلا عدوا»، من منطلق انه، على العكس من باديلا، اعتقل في ميدان معركة اجنبي. وقد حثت ادارة بوش بقوة المحكمة العليا على عدم قبول الاستئناف.

واوضح اولسون ان حكم الدائرة الثانية في قضية باديلا لا يضعف قضية حمدي، لكن يبدو انه يعترف بأن الاسراع بالنظر في استئناف باديلا ستنتج عنه اعادة نظرة مشتركة للقضيتين. واقترح اولسون ان تؤجل المحكمة النظر في قضية حمدي الى يتم النظر في قضية باديلا، ثم تنظر الى القضيتين في نفس الجلسة، مضيفا ان طلب الحكومة «سيواجه العلاقات المتداخلة بين الاسئلة التي تقدمت بها الحكومة في قضية باديلا، وقرار الدائرة الرابعة في قضية حمدي».

وقال منتقدون قانونيون للادارة ان مذكرة اولسون هي آخر اشارة، اضافة الى قرار الادارة السماح لحمدي بالاستعانة بمحام والافراج عن بعض المحتجزين في غوانتانامو، بأن الضغوط من القضاء والرأي العام اجبرت الادارة على اتخاذ سلسلة من التراجع التكتيكي.

وقال جوزيف اونك مدير مبادرة الحرية والامن لمشروع الدستور، وهي مجموعة غير ربحية تتخذ من واشنطن مقراً وتعارض السياسات القانونية للحكومة: «لقد تخلوا عن معارضتهم لـ (قرار المحكمة) فيما يتعلق بحمدي»، و«هناك على الاقل، احتمال بأن المحكمة سترفض الطلبات المقدمة من حمدي وباديلا» و«الطلب الاخير يعتبر هزيمة اساسية للادارة». واضاف اونك «ان كل هذه الامور، بما فيها السماح لحمدي باستخدام محام والافراج عن بعض الناس في غوانتانامو، تظهر انهم في حالة عصبية جدا. وقد اصبحوا اكثر عصبية الآن».

غير ان جون يو، وهو مسؤول سابق في وزارة العدل وساهم في اعداد معظم سياسة الادارة، قال ان مذكرة اولسون تعكس «ذكاء قانونياً» يهدف للحفاظ على نصر الحكومة في المحكمة الابتدائية فيما يتعلق بقضية حمدي بينما يضمن ان اعادة النظر في قضية باديلا يتم في افضل الظروف المواتية.

وبغض النظر عمن يفوز، فإن قرارات المحكمة في هذه القضايا سيقدم اهم ممارسات السلطة القضائية في مواجهة السلطة التنفيذية منذ الحرب العالمية الثانية.

ويعتبر تأكيد ادارة بوش على حق السلطة التنفيذية في اعتبار الاميركيين وغير الاميركيين من «المقاتلين الاعداء» واحتجازهم الى اجل غير مسمى حجر الزاوية في سياستها لمنع وقوع هجمات شبيهة بهجمات 11 سبتمبر (ايلول)، لكن ذلك اثار جدلا مع استمرار الحرب ضد الارهاب. فقد حذرت منظمات تعنى بالدفاع عن حقوق الانسان والحريات المدنية ان سياسة بوش تخاطر بالتخلي عن كثير من الحريات مقابل الامن.

وقالت الادارة ان قضية باديلا تشرح المخاطرة التي لم يسبق لها مثيل والتي تواجهها الولايات المتحدة. وتشير الى ان باديلا عضو في «القاعدة» وحضر الى الولايات المتحدة للمساعدة في مؤامرة لتفجير قنبلة اشعاعية «قذرة»، ما يعني ان استمرار اعتقاله بدون السماح له باستخدام محام امر ضروري للتحقيقات معه. وقال يو «ان باديلا ناشط بارز. وحضر الى الولايات المتحدة لتنفيذ هجوم مدمر، ومن الغباء الاعتقاد بأنه يفعل ذلك من نفسه. مهم معرفة من كان من المفترض ان يقابله».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»