الباجه جي في ندوة ببغداد: القانون الأساسي المؤقت يصاغ هذا الشهر ويطرح للمناقشة العامة الشهر المقبل

رجال الأعمال العراقيون يطالبون بعقود إعادة الإعمار ووزراء يشكون من حصر الصلاحيات في إدارة التحالف

TT

اعرب رئيس مجلس الحكم الانتقالي العراقي لهذا الشهر عدنان الباجه جي عن امله في ان ينتهي المجلس خلال الشهر الجاري من صياغة قانون ادارة الدولة العراقية خلال المرحلة الانتقالية والذي سماه «القانون الاساسي المؤقت» الذي سيعرض على الشعب في الشهر القادم لمناقشته عبر وسائل الاعلام والندوات والتجمعات الشعبية «ليتسنى لابناء الشعب المشاركة في صياغته»، مؤكدا ان مجلس الحكم سيأخذ جميع الاراء والمقترحات بنظر الاعتبار عند اقرار القانون نهاية الشهر القادم.

وفي لقائه مساء اول من امس مع عدد من رجال الاعمال والمقاولين والصناعيين العراقيين المشاركين في الندوة التي نظمتها وزارة التخطيط والتعاون الانمائي العراقي في نادي العلوية ببغداد لبحث قضايا العملية السياسية واعادة الاعمار، اكد الباجه جي على ان «النمو الاقتصادي يحتاج الى استقرار سياسي وامني في ظل حكم يؤيده الشعب، وان مجلس الحكم يسعى لاقامة نظام ديمقراطي تعددي يعتمد على استقلالية القضاء وحماية الحقوق الاساسية للمواطن وبناء الدولة على اساس نظام المؤسسات وليس نظام الاشخاص».

واشار رئيس مجلس الحكم الى ان اقرار القانون الاساسي المؤقت سوف يتمخض عنه «تشكيل جمعية وطنية تشريعية تتألف من 250 عضوا على اساس الاختيار الحر والشفافية من جميع المحافظات لصعوبة اجراء الانتخابات العامة لاعضائه في ظل الظروف الراهنة وفي هذا الوقت القصير، وبما ان هدفنا الاساسي هو الاسراع بنقل السيادة والسلطة الى العراقيين لذا فقد ارتأينا ان تتشكل اللجنة بالاختيار وبشفافية لينبثق عنها قاعدة شعبية موسعة تتيح لنا مطالبة الامم المتحدة باعتبار المجلس بمثابة الجمعية التشريعية والحكومة التي ستتشكل منها ممثلة للشعب العراقي وبالتالي مطالبة الهيئة الدولية للايفاء بالتزاماتها باعادة السيادة والسلطة الى العراقيين بموجب قرار مجلس الامن 1511 عندها سوف ينتهي الاحتلال وتبدأ مرحلة جديدة من تاريخ العراق».

ووصف الباجه جي الافراج عن اعداد من المعتقلين العراقيين لدى سلطة التحالف باتفاق بين مجلس الحكم وهذه السلطة بانه «يستجيب لرغبة الشعب العراقي بالتسامح والوحدة الوطنية والتطلع الى المستقبل وبناء عراق جديد».

وتركزت المناقشات التي جرت بين المشاركين في على عقود اعادة اعمار العراق رافعين شعار«العراق للعراقيين» وهو ما ايدهم فيه عدد من الوزراء الذين شاركوا في الندوة منهم وزير الزراعة عبد الامير رحيمة الذي وصف الشعار بانه «اروع شعار» تسعى الوزارة الى تحقيقه، لكنه لم يتردد عن توجيه انتقادات شديدة بسبب تلكؤ تنفيذ عقود توريد المواد التي تحتاج اليها الوزارة والتي سبق ان خصصت لها ميزانيات خاصة ضمن «برنامج النفط مقابل الغذاء» الذي انتهى مفعوله من دون الالتزام بعقود التوريد.

وجاءت مداخلة رحيمة كرد على الانتقادات التي وجهت من قبل المشاركين في الندوة الذي اشتكوا من مزاحمة الشركات العربية والاجنبية للحصول على عقود اعادة اعمار العراق واصفين الوضع الحالي بـ «غزو اجنبي من نوع اخر» حيث قال احد المشاركين «نحن مقبلون على غزو اجنبي في مجال الاستثمار وتغييب دور المستثمرين العراقيين»، داعيا مجلس الحكم الى تفعيل دور رجال الاعمال العراقيين لكي يتمكنوا من المساهمة الفاعلة في بناء بلدهم.

وطالب رئيس اتحاد الغرف التجارية العراقية في كلمته ان يكون للقطاع الخاص دور اكبر في اصدار التشريعات المتعلقة بالجوانب الاقتصادية وتشكيل لجنة مشتركة بين الوزارات ومجلس الحكم تضم ممثلين عن المقاولين ومندوبين عن القطاع الخاص للتداول في شؤون الاقتصاد.

من جانبه اكد مهدي الحافظ وزير التخطيط والتعاون الانمائي على ضرورة ان يكون للقطاع الخاص دوره الاساسي في مستقبل العراق، مشيرا الى ان كل وزير في الحكومة الانتقالية بامكانه بطريقة من الطرق اتاحة الفرصة امام هذا القطاع للدخول في مشاريع وخاصة بالمشاركة مع سلطة الائتلاف لان مشاريع اعادة الاعمار لم يبدأ تنفيذها بعد.

واشار وزير العلوم والتكنولوجيا في مداخلته الى وجود 365 عالما عراقيا من مجموع 600 عالم يعملون في مختلف الاختصاصات واكثر من 5000 من حملة الشهادات في اختصاصات متعددة كالصناعات الاشعاعية والكيماوية والبتروكيماوية والفضاء والطيران وما الى ذلك يمكن للقطاع الخاص ان يستشيرهم لاقامة مشاريع اكبر مثل معامل انتاج الاوكسجين والصناعات الطبية والكيماوية والاشعاعية وغيرها «فالبلد بحاجة ماسة الى مساهمة القطاع الخاص بمثل هذه المشاريع الكبرى من خلال البحث عن المجالات الاستثمارية وعدم الاعتماد على الدول المانحة» مستشهدا بتقرير افاد بان حجم المساعدات التي قدمتها الدول المانحة في بداية السبعينات الى الدول الفقيرة جنت الدول المانحة من ورائها ضعف المساعدات التي قدمتها، ومؤكدا ان «هذه الدول لا تساعدنا مقابل لا شيء».

وخاطب وزير العلوم والتكنولوجيا ممثلي القطاع الخاص قائلا «تعالوا الينا لنساعدكم في مشروعاتكم وننقل اليكم التكنولوجيا التي تحتاجونها ونساهم معا في تنفيذ المشاريع التي نحن بحاجة ماسة اليها الان اكثر من اي وقت مضى، خاصة اننا ورثنا بلدا مهدما واقتصادا مدمرا من النظام المقبور الذي قضى بالكامل منذ منتصف السبعينات على الدور الريادي للقطاع الخاص الذي كان على وشك ترسيخ اقدامه في المجال الاقتصادي».

وتحدث الباجه جي في الندوة عن تجربته في دولة الامارات المتحدة التي عاش فيها اكثر من ثلاثين سنة، موضحا ان هذه الدولة «بدأت من الصفر وكانت فرصتها الوحيدة في العيش هي الاعتماد على الموارد النفطية، لكنها استطاعت الان ان تنافس الكثير من الدول بعمرانها وتقدمها الاقتصادي، حتى تحولت الى دولة تقدم مساعدات حيوية الى دول عربية عدة».

ودعا الباجه جي وزراء الحكومة الى ترجمة المناقشات التي جرت في الندوة الى تدابير عملية واصدار القرارات اللازمة بشأنها، مؤكدا الحاجة الى مساهمة الجميع في تنشيط الحياة الاقتصادية رغم ان مجلس الحكم يعاني من محدودية امكانياته المادية في ظل ظروف الاحتلال والقرارات يجب ان يوافق عليها السفير بول بريمر بموجب قرار مجلس الامن، لكنه وعد بان الجزء الاكبر من هذه الالتزامات ستفي بها الحكومة العراقية القادمة التي ستكون مسؤولة بالكامل في مجال دعم القطاع الخاص وتوفير فرص الاستثمار امامها..

وشكا عدد من المشاركين في الندوة من وسائل الاعلام والقنوات الفضائية خاصة قناتي «الجزيرة» و«العربية» اللتين اتهموهما بترويج انباء غير حقيقية عن الوضع الامني في العراق مما يعيق عملية البناء واعادة الاعمار، معتبرين ان هذه الوسائل لم تكن امينة في نقل الوقائع ومؤكدين «نحن بخير والعراق بخير».