حكيمي بلقاسم المعتقل المغربي المفرج عنه «مشتاق بجنون» إلى رؤية البحر ويتمنى العودة إلى السجن كمصلح وليس كسجين

TT

قال حكيمي بلقاسم، احد المفرج عنهم أول من أمس بقرار ملكي إنه يشتاق بجنون الى رؤية البحر، مضيفا ان أمنيته تتمثل في العودة الى السجن لكن هذه المرة كمصلح وليس كسجين.

وقضى بلقاسم 20 سنة في السجن بعد أن صدرت في حقه عقوبة الإعدام عام 1985 وحولت الى السجن المؤبد عام 1994. وكانت وجهت إليه تهمة المس بسلامة الدولة الداخلية. «الشرق الأوسط» اتصلت به هاتفيا، فكان معه الحوار التالي:

* كيف تلقيت نبأ الافراج عنك؟

ـ لا يمكن ان تكون فرحتي الا غامرة بعد قضاء نحو 20 سنة وراء القضبان، أؤكد لكم كذلك ان فرحتي أكبر لأن اطلاق سراحي مع المجموعة التي تمتعت بالعفو الملكي، جاء لتتويج مرحلة جديدة في مسار تطور حقوق الانسان في المغرب. أعتقد ان هذا دليل واضح من قبل الملك محمد السادس على ان المسار الذي اتخذه المغرب في مجال تصفية ملف حقوق الانسان لا رجعة فيه، وذلك للانطلاق نحو ما هو افضل في مجال تنمية بلادنا وتعزيز بنائها الديمقراطي.

قديما كان هناك صراع، والآن هناك تكامل ما بين الدولة والمجتمع، والمؤسسة الملكية اساسية في هذه المعادلة، وضمانة من أجل الاستقرار السياسي وتصفية ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان. فرحتي أكبر نظرا لوجود تكامل اكبر بين المجتمع ككل وبين القيادة السياسية في بلادنا.

* سبق ان وجهت طلبا للعفو الى الملك عبر «الشرق الأوسط» قبل سنتين، كيف كان الاثر النفسي لتأخر الاستجابة لهذا الطلب؟

ـ اعتقد ان المناضل الحقيقي لا يفقد الأمل أبدا، انا مؤمن بوطني ومدرك بأهمية الخطوات التي كان يقوم بها الملك محمد السادس. داخل السجن كنت أراسله، والآن أنا جد فخور بأن هناك مغربا يتحرك نحو المستقبل بتفاؤل اكبر.

لقد كنت دائما واقعيا، واقدر تأخر الاستجابة لطلبي، لأن المغرب كان يعيش ظروفا أمنية استثنائية، فقد كان هناك ملف «الخلية النائمة» التابعة لتنظيم القاعدة، ومأساة احداث 16 مايو (ايار) في الدار البيضاء، ولو ان هذه ليست مبررات، الا انني كنت من داخل زنزانتي أراسل المسؤولين وأؤكد لهم انني اتفهم الوضع الامني وفي نفس الوقت كنت اقول لهم ان اطلاق سراحنا هو سيرورة ضرورية في مجال تطوير الديمقراطية في المغرب.

* تجربة السجن بكل ما فيها من آلام وأحزان، أكيد انك خرجت منها بدروس مهمة، هل يمكن ان نعرف اي درس افادتك به تجربتك؟

ـ علمتني تجربة السجن ان الخطاب المتطرف خطاب بسيط للغاية، خطاب لا يفهم الوان الحياة، كما اكتشفت ان المناضل الحقيقي هو الانسان المشارك بصفة يومية في الحياة السياسية والثقافية والحقوقية.

لقد علمتني تجربتي ان الانسان عندما يفقد حريته يعطي للاشياء الصغيرة قيمة كبيرة، بينما لا يتجه تفكير الناس خارج السجن الا نحو الاشياء الكبيرة، بينما تكمن الحقيقة في التفاصيل الصغيرة، تعلمت ايضا ان الحق حق سواء كان في صالحي أو ضدي، اعترف انني اخطأت في حق وطني، وأحمد الله أن وطني يعانقني من جديد ويغسلني من اخطائي، مع العلم ان النظام اخطأ هو ايضا في حق أبنائه. واعتبر ان إطلاق سراحنا يغسل وطننا من اخطائه، وهذا هو المعنى العميق للمصالحة الذي دعا اليه الملك.

* ما هي أهم الاشياء التي اشتقت اليها بعد خروجك من السجن؟

ـ اشتقت الى معانقة عائلتي، وثانيا الى ملاقات جميع المناضلين الذين ناضلوا من اجل اطلاق سراحي، مثل ادريس بنزكري، وصلاح الوديع وغيرهما من المناضلين الذين استقبلوني بحرارة، وشدوا على يدي اثناء خروجي من السجن، وبعد ذلك اشتقت الى الطبيعة. واشتقت بشكل جنوني الى رؤية البحر.

* ما الذي تنوي عمله مستقبلا؟

ـ لقد عشت 20 عاما داخل السجن، وعرفت مراحل السجن كلها كما اني خبرت تفاصيل تفاصيل الحياة وراء القضبان، وامنيتي هي ان اشتغل داخل هذا الفضاء، وأعترف ان هناك تحسنا كبيرا داخل السجون المغربية، لكن هناك آثارا سلبية داخلها، أشياء كثيرة تحققت داخل السجون وما زالت هناك اشياء اخرى تنتظر تحقيقها، والمناضلون الذين مروا بالسجون هم القادرون على تغييرها، لذلك أمنيتي ان يفتح لي من جديد باب السجن كمصلح هذه المرة وليس كسجين.