جورجيا: رئيس أدجاريا يكشف عن محاولة انقلاب أميركية تعد للإطاحة به

TT

كشفت مصادر من الأقلية الأدجارية في جمهورية جورجيا السوفياتية سابقا، عن محاولات اميركية تستهدف التخلص من أصلان اباشيدزه رئيس أدجاريا المناوئ للرئيس الجورجي المنتخب ميخائيل ساكاشفيلي. وقالت هذه المصادر ان أجهزة الامن في أدجاريا (جنوب غربي جورجيا) رصدت خلال الايام الاخيرة تصاعد نشاط ممثلي الحركة الطلابية «كمارا» (بالعربية: كفى!) التي ساهم في تشكيلها «صندوق» جورج سوروس الملياردير الاميركي اليهودي بهدف الاطاحة بالرئيس الجورجي السابق ادوارد شيفارنادزه. ويتذكر المراقبون ان ممثلي هذه الحركة كانوا أول من رفع اعلام اسرائيل والولايات المتحدة تأييدا للمعارضة الجورجية وزعيمها الشاب ساكاشفيلي ذي الميول والتوجهات الاميركية تعبيرا عن الارتباط بهاتين الدولتين وتقديرا لدعمهما المالي والمعنوي. وبهذه المناسبة كانت اسرائيل والولايات المتحدة من الدول الست التي اصرت القيادة الجديدة على ان يشارك مواطنوها من ابناء جورجيا في الاقتراع على رئيس الجمهورية في الانتخابات الرئاسية الاخيرة.

واذا كان شيفارنادزه من اوائل الذين ساهموا في اعادة العلاقات الدبلوماسية بين موسكو واسرائيل ابان عمله وزيرا لخارجية الاتحاد السوفياتي السابق فقد واصل من موقعه كرئيس لجورجيا تطوير علاقاته مع اسرائيل وإن اشار وخلفه ساكاشفيلى إلى الرغبة في تطوير علاقات جورجيا مع البلدان العربية. غير ان ثمة شواهد تقول إن اسرائيل لعبت على أوتار العداء بين جورجيا المسيحية وابخازيا المسلمة، وكذلك اوسيتيا الجنوبية وادجاريا حيث يعيش الكثير من المسلمين من ذوي الاصول العربية والتركية، وساهمت اجهزتها في وأد علاقاتها مع بلدان العالم الاسلامي من خلال المهاجرين الجورجيين من حاملي الجنسية المزدوجة.

وكان ممثل وزارة الداخلية الادجارية قد أشار في تصريحات نشرتها وكالة انباء «انترفاكس» إلى ان هذه المجموعات الطلابية حاولت توزيع المنشورات التي تنادي باسقاط اباشيدزه المقرب من موسكو بينما اسفرت عمليات تفتيش ومداهمة مساكن زعماء هذه المجموعات عن العثور على أسلحة ومخدرات ولافتات تحمل شعارات المطالبة باسقاط ما وصفته بـ«دكتاتورية اباشيدزه». واعترفت قيادة «كمارا» في العاصمة الجورجية في تصريحات صحافية باعتقال 15 من قيادات الحركة الطلابية ومنهم طالب بولندي الجنسية. هذا، وبينما ينتقد كثيرون من المراقبين محاولات التدخل السافرة من جانب تنظيمات اكدت الدلائل تمويلها من جانب جهات اميركية، اعلن زوراب جفانيا سكرتير الدولة (رئيس الوزراء) الجورجي وأحد أعضاء الثلاثي الذي أطاح بشيفارنادزه ادانته لاعتقال نشطاء الحركة الطلابية في باطومي عاصمة ادجاريا وقال: «ان مثل هذه التصرفات مرفوضة ويجب ان تنتهي إلى الابد».

للعلم كانت سلطات أدجاريا قد سارعت فور الانتهاء من الانتخابات الرئاسية الجورجية التي شاركت فيها على مضض، وبناء على طلب السفير الاميركي في جورجيا ريتشارد مايلز، إلى تجديد اعلان حالة الطوارئ التي كانت قد اعلنت في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وتشديد الحراسة على حدود الجمهورية المتاخمة للاقاليم الجورجية. كما أقر برلمانها وقف المظاهرات والمسيرات الشعبية مبررا ذلك بتصاعد نشاط «القوى التخريبية وظهور الاخطار التي تتهدد الدستور وسلامة أراضي أدجاريا».

ومن جانبه، أشار هاملت تشيباشفيلي ممثل أدجاريا في تبيليسي إلى ان مد فترة الطوارئ «خطوة جوابية على تنشيط القوى التخريبية نشاطها في ادجاريا وفي كل أرجاء جورجيا في محاولة للاطاحة بالقيادة الادجارية»، وإن نفى صلة القيادة الجورجية الجديدة بمثل هذه التحركات. الجدير بالذكر أن أباشيدزه كان قد كشف في وقت سابق عن وجود مخططات لاغتياله من جانب القيادة الجورجية الجديدة، وتابع ان الظروف الراهنة يمكن ان تشهد فرصة جديدة أمام القيادة الجورجية لتوحيد أراضي جورجيا، غير أنه ربط ذلك بحتمية ألا تسقط هذه القيادة في شرك أخطاء القيادة السابقة محذرا من مغبة احتمالات اندلاع ثورة جديدة في حال نشوب أي مواجهة بين المركز والاقاليم. وقال ان أدجاريا لن تقف بمعزل عما يجري في جورجيا «بعدما ساهمت أخطاء الرئيس السابق شيفارنادزه وسياسته غير الحكيمة في ان تفقد جورجيا السيطرة على كل من ابخازيا واوسيتيا الجنوبية». ولعل ما شهدته المباحثات الاخيرة التي دارت في موسكو بين تيدو دجاباريدزه وزير الخارجية الجورجية ويوري بالويفسكي النائب الاول لرئيس اركان القوات المسلحة الروسية من جدل حول مسألة جلاء القواعد الروسية عن جورجيا، يكشف عن وقوف عناصر خارجية وراء اصرار جورجيا على جلاء هذه القوات بأسرع وقت ممكن. فجورجيا تحدد المهلة بثلاث سنوات بينما تصر موسكو على ان يجري الجلاء في غضون 11 سنة تفاديا لاخطاء مماثلة سبق أن ارتكبها شيفارنادزه لدى ترتيب انسحاب القوات السوفياتية من المانيا وشرق اوروبا من دون توفير الضمانات المعيشية والدفاعية لروسيا.

على ان مثل هذا التشدد من جانب جورجيا في اتجاه سرعة سحب القواعد الروسية يستهدف على ما يبدو توفير الضمانات لأصدقاء القيادة الجورجية الجديدة داخل كل من ابخازيا واوسيتيا الجنوبية وادجاريا. وكان ساكاشفيلي الذي حظي بتهنئة الرئيس الاميركي جورج بوش بانتخابه رئيسا، وبالإعلان رسميا من جانب لجنة الانتخابات عن هذا الفوز بادر بتهديد ابخازيا قائلا انه سيكون له معها «شأن آخر بعد اسبوعين»!