المستوطنون اليهود يطرحون «مشروع سلام» إخراج الفلسطينيين إلى مصر والأردن

TT

في اطار حملة دولية للرد على مبادرات السلام في الشرق الأوسط وتبرير سياستهم التوسعية العنصرية، يستعد ألوف المستوطنين في المناطق الفلسطينية المحتلة لمظاهرة ضخمة غدا (يتوقعون مشاركة 150 ألفاً فيها) لاطلاق «مبادرة سلام» خاصة بهم تقوم على اساس منح الفلسطينيين مواطنة في كل من مصر والاردن وضم اراضيهم (الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة) الى اسرائيل.

وحسب الهيئة التحضيرية للمظاهرة، فان عددا من الوزراء وأعضاء الكنيست من اليمين أبلغوا باستعدادهم للمشاركة، من بينهم وزراء الأمن الداخلي، تساحي هنغبي، والشؤون الاستراتيجية عوزي لانداو، من الليكود، والاسكان زعيم حزب المفدال ايفي ايتام، والعمل والرفاه، زبولون اورليف، من الحزب نفسه، والسياحة احد قادة الاتحاد اليميني، رئيس حزب «موليدت». ورغم هذه المشاركة الحكومية، فان شعارات سترتفع في المظاهرة ضد سياسة رئيس الحكومة، ارييل شارون، وخطته للفصل الاحادي الجانب مع الفلسطينيين. وستقام المظاهرة غدا في ساحة رابين الكبرى في تل أبيب.

وتأتي هذه المظاهرة نقطة انطلاق لحملة المستوطنين الدولية الممولة من عدد من قادة الجناح اليميني في الجالية اليهودية في الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وبريطانيا لطرح «مبادرة سلام» خاصة بهم مقابل «خطة الفصل» التي طرحها شارون وخطة القائم بأعماله، ايهود أولمرت (الانسحاب الاحادي الجانب) وخطة «خريطة الطريق» الأميركية ومبادرة جنيف (نموذج اتفاق السلام بين اسرائيل وفلسطين الذي وقع عليه كل من يوسي بيلين، وزير القضاء الاسرائيلي السابق، وياسر عبد ربه، وزير الثقافة والاعلام السابق في الحكومة الفلسطينية)، ووثيقة ايلون ـ نسيبة (وهي مسودة مبادئ للسلام بين الطرفين على اساس دولتين للشعبين) وغيرها.

ولتجميل صورة مشروع المستوطنين، وضعت له مقدمة جاء فيها انهم يعترفون بأن «السيطرة بالقوة على جمهور كبير (الفلسطينيين) من دون منحه حقوق الجنسية يكلفنا ثمنا باهظا على صعيد العلاقات الداخلية والدولية وايضا في المجال الاخلاقي، وضم 3 ملايين عربي من يهودا والسامرة (هكذا يسمون الضفة الغربية) ينشئ توازنا ديمغرافيا يهدد بالخطر الطابع اليهودي للدولة».

وقسم المشروع الى 3 مراحل على النحو التالي:

* المرحلة الأولى: الشرط لهذه «التسوية» السياسية هو ان يفهم الفلسطينيون، كبيرهم وصغيرهم، بمن في ذلك اطفال غزة ونابلس، ان حربهم الارهابية ضدنا قد انتهت بهزيمة، وان مسؤولية هذا الفشل تقع على كاهل قادة الارهاب. وتصفية الارهاب يجب الا تقتصر على اختفاء ياسر عرفات وحده، بل معه كل قادة «فتح» ومنظمة التحرير الفلسطينية عن الخريطة السياسية وتفكيك السلطة الفلسطينية وتدمير اجهزتها تماما، وبالاضافة الى كل هذا، يطرد من المناطق كل من يدعم من الخارج ويشارك في التحريض، بينما تتم تصفية المخربين جسديا.

* المرحلة الثانية: وهي مرحلة انتقالية تبادر فيها اسرائيل الى عدد من الخطوات الاحادية الجانب بهدف اتاحة الفرصة أمام الفلسطينيين ان يديروا شؤونهم الحياتية بشكل مستقل بشرط ان لا تتحول تلك الحالة الى «دولة ارهاب». والمبادرة الاولى هي بالسيطرة الامنية الاسرائيلية المطلقة على جميع المناطق الفلسطينية وجنبا الى جنب مع ذلك، تقام 5 ـ 6 ادارات مدنية فلسطينية ذاتية يتم تعيين قادتها من قبل اسرائيل في البداية الى ان تنشأ ظروف مناسبة للانتخابات. وهذه الادارات تتولى شؤون التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية والاقتصاد ويصبحون الممثلين الوحيدين للفلسطينيين.

وفي هذه المرحلة ايضا يتم شق الشوارع والطرقات بحيث تكون هناك طرق خاصة للمستوطنين واخرى للفلسطينيين تضمن عدم الاحتكاك بينهم، ويتحرك الفلسطينيون في هذه الشوارع من دون الحاجة للمرور في حواجز عسكرية او نقاط مراقبة اسرائيلية.

* المرحلة الثالثة: تتحدث عن الحل الدائم للقضية الفلسطينية وبموجبه يكون الأردن هو الدولة الاردنية ـ الفلسطينية، فيحمل الفلسطينيون جنسية هذه الدولة ومن يريد منهم ينتقل للعيش فيها ومن لا يريد يظل في الضفة الغربية ويحمل المواطنة الاسرائيلية والجنسية الاردنية، اي لا يحق له التصويت لمؤسسات الدولة العبرية، بل يحفظ هذا الحق للدولة الاردنية ـ الفلسطينية شرق الأردن.

أما سكان قطاع غزة فيعطون الجنسية المصرية ويتم توسيع حدود القطاع باتجاه الاراضي المصرية في سيناء.

ويطلب المستوطنون ان يقام صندوق دولي بغرض تشجيع الفلسطينيين على الرحيل الى الاراضي المصرية والاردنية وان تلغى وكالة غوث اللاجئين وتحول مواردها الى هذا الصندوق.

ويتضمن المشروع دراسة حول اوضاع اللاجئين الفلسطينيين واقتراحا «لحل» هذه القضية على النحو التالي:

المبدأ: خلال القرن الماضي بلغ عدد اللاجئين في العالم 100 مليون نسمة، بينهم 80 مليوناً في فترة الحرب العالمية الثانية من سنة 1933 الى 1945. جميع هؤلاء اللاجئين تم استيعابهم في عدة دول، باستثناء اللاجئين الفلسطينيين الذين حرصت الدول العربية على تخليد لجوئهم. وفي أواسط القرن كان هناك 800 ألف لاجئ يهودي و300 ألف لاجئ فلسطيني بسبب الحرب التي شنها الفلسطينيون والدول العربية بهدف ابادة الدولة اليهودية.

اسرائيل استوعبت كل اللاجئين اليهود و100 ألف لاجئ عربي.

الأصل: اللاجئون الفلسطينيون، حسب الدراسة المذكورة، هم ليسوا فلسطينيين، بل غالبيتهم مصريون واردنيون ومنهم سوريون ولبنانيون وسودانيون وجزائريون وليبيون. سكان يافا مثلا، كانوا من 15 دولة مجاورة وهناك احياء مصرية صرف فيها مثل حي ابو كبير وحي سلمة وحي صموئيل وحي الشيخ مؤنس وحي الفجة. وهناك فلسطينيون من اصول تركية.

الحل: ان يعود كل ذي اصل الى اصله، فالفلسطيني من اصل مصري يعاد الى مصر والفلسطيني من اصل سوري يعود الى سورية وهكذا.

ورغم الطابع العنصري لهذا المشروع وافكار الابرتايد الكامنة فيه وعودته الى اساليب استخدمت في عصور غابرة لاقتلاع سكان من وطنهم، فانها تستمد التشجيع من اوساط حكومية وجنرالات سابقين يؤمنون بامكانية تنفيذها.

فهنالك تيار قوي في أروقة السلطة الاسرائيلية يرى ان النظام العالمي الجديد يجعل اسرائيل في جبهة المنتصرين، فيقولون: ليس من المعقول ان نعود الى افكار اقامة دولة فلسطينية مستقلة واعطاء الشعب الفلسطيني حق تقرير المصير في المناطق الفلسطينية، ونحن الذين رفضنا هذه الافكار عندما كان هناك توازن عالمي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، فاليوم لا يوجد اتحاد سوفياتي ولا عالم اشتراكي، بل لا يوجد عالم عربي موحد ولا يوجد تهديد عسكري عربي لاسرائيل. العرب مفككون واسلحتهم قديمة، وسقوط العراق واعتقال صدام حسين بهذا الشكل المهين افقد العرب أي أمل في ضرب اسرائيل، وها هي الدول العربية تفتش عن وسيلة لارضاء اميركا بل حتى ارضاء اسرائيل وفتح حوار معها، اذن هذا هو الوقت، ليس لأن يقبل العرب الحلول التي طرحت عام 1967 ورفضتها اسرائيل، بل أن يقبلوا الحلول التي تفرضها اسرائيل.

يذكر ان هناك من يفكر بهذه الحلول فيعطي الفلسطينيين دولة في حدود ضيقة على 50 في المائة من الضفة الغربية مثل رئيس الوزراء ارييل شارون، وهناك من يجد هذه الأوضاع مناسبة لصنع سلام حقيقي مع العرب، مثل المبادرين اليهود الى اتفاق جنيف، وهناك من يجدها مناسبة للخروج بحل الهزيمة المطلقة للعرب مثلما يفعل المستوطنون العنصريون في مشروعهم المذكور اعلاه.