البرلمان البحريني يبدأ مناقشة مخالفات هيئتي التأمينات والتقاعد

TT

اكتظت شرفات قاعة الاجتماعات البرلمانية في المنامة بالصحافيين، المحليين والاجانب، وممثلي جمعيات الشأن العام ومسؤولين وغيرهم من المهتمين أمس لمتابعة وقائع الجلسة الاستثنائية الأولى لمناقشة تقرير لجنة التحقيق البرلمانية البحرينية في الأوضاع المالية لهيئتي صندوق التقاعد والتأمينات الاجتماعية.

وتعتبر هذه الاجتماعات الأولى من نوعها لمناقشة أداء الحكومة التي تتولى مسؤولية ادارة الهيئتين التي تعنى أولهما بتقديم خدمات تأمين التقاعد لموظفي الحكومة والثانية لموظفي القطاع الخاص، كما احتشد آلاف البحرينيين أمام شاشات التلفزيون لمتابعة البث المنتج لجلسة أمس التي عرضت على قناة البحرين الأرضية بعد ظهر أمس.

ولم يكن استعراض النواب، استنادا الى تقرير لجنة التحقيق، للتجاوزات المالية والمخالفات الادارية التي تمت في الهيئتين بالارقام والوضوح التام للاستدلال على المسؤولين بأعينهم المتهمين بهذه التجاوزات، أمرا اعتياديا في البحرين التي غابت فيها الديمقراطية أكثرمن 3 عقود ماضية، مما أثار حماس الاعلاميين المحليين والخارجيين ودفعهم الى التصفيق مخالفين أنظمة المجلس التي تفرض الصمت والهدوء.

وزاد من حماس الموجودين حث النواب للوزراء على الاستقالة أسوة بنظرائهم في المجتمعات المتحضرة، وتجاوز بعض النواب في مداخلاتهم «تعليمات وربما أنظمة المجلس» واستخدموا ألفاظا وأقوالا مأثورة شعبية توحي بأن التجاوزات هي سرقة ونهب للمال العام، كالنائب الاسلامي الشيخ محمد خالد الذي قال «اخلعوا بشوتكم واجلسوا في بيوتكم». وقال أيضا «تحول المسؤولون من خدمة المواطن الى نهب المواطن». واكد النواب على أهمية اتخاذ الاجراءات التي تكفل اعادة حقوق المشتركين في الهيئتين والتي، قال التقرير، انها اتخذت فيها قرارات استثمارية خاطئة وموجهة وأنفق منها على تبرعات، ومكافآت غير مبررة، وديون لمؤسسات متعثرة أصبحت فيما بعد معدومة.

واستعرض نواب في الجلسة التجاوزات التي حصلت في الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية ومن المتوقع أن تستكمل المناقشات في الجلسة المقبلة التي حددت ليوم الأربعاء المقبل، ومن ثم سيناقش الجزء الخاص بالهيئة العامة لصندوق التقاعد وبحسب رئيس لجنة التحقيق البرلمانية فريد غازي، فان الجلسات ستأخذ وقتها في مناقشة التقرير الذي أعدته اللجنة ويقع في 1000 صفحة، ومن ثم ستطرح نتائج التقرير للتصويت عليه من قبل النواب، وعما اذا كان سيطلب من الحكومة تنفيذ ما جاء فيه من توصيات، قال غازي لـ«الشرق الأوسط» ان مساءلة الوزراء تعتبر مرحلة تالية وتعتمد على مجريات المناقشات، ولا بد من أن يصوت عليه المجلس كما أنه يكفي أن يصوت 27 نائبا على طرح الثقة بالوزراء المعنيين لاقالتهم من الحكومة.

ومن أبرز المخالفات التي تطرق اليها تقرير امس عن الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية قرار خفض الاشتراكات من 21% الى 15% في الفترة من 1986 وحتى العام 2002 والتي كلفت الهيئة قبل زيادتها مرة أخرى الى 18% قبل عامين نحو 370 مليون دينار.

واستند تقرير النواب بشأن «التأمينات الاجتماعية» الى دراسة «اكتوارية» حذرت من افلاس «اكتواري» في العام 2007 يتساوى فيه ما يدخل الهيئة مع ما يخرج منها واذا استمر الحال على ما هو عليه تبلغ الهيئة الافلاس الدفتري في العام 2024. ويلقي موضوع التحقيق الذي فتحه البرلمان أصداء واسعة نظرا لارتباطه بأموال تأمينات وتقاعد نحو 200 ألف شخص من بينهم نحو 85 ألف بحريني وبحرينية، وتترقب الأوساط التحقيق الذي يتوقع أن يكون علنيا. ونجاح البرلمانيون في عقد جلسة مناقشة التقرير العلنية أمس سيرفع من أسهم النواب المتهمون بالانشغال في القضايا الهامشية والتي كانت موضع تندر، فهذا أول تحقيق في قضية ذات علاقة بالمال العام يفتح ملفه ليس في أروقة المجلس فحسب وانما في تاريخ الحكومة منذ نحو 3 عقود، فان نجاح البرلمانيين في معركة التحقيق ستدحض ما يقوله معارضوا البرلمان وأتباعهم من عدم جدوى البرلمان في ظل اشتراكه في التشريع مع مجلس الشورى المعين.

والمعروف أن مجلس النواب هو احدى غرفتي المجلس الوطني «الغرفة الثانية هي مجلس الشورى المعين» الذي يتولى الصلاحية التشريعية في البحرين.