الكونغرس يطلب سجلات الضرائب والمتبرعين الخاصة بمؤسسات خيرية إسلامية للتحقيق في احتمال علاقتها بالإرهاب

TT

طلبت اللجنة المالية التابعة لمجلس الشيوخ الاميركي من إدارة الضرائب تسليم سجلات ضريبية ومالية سرية، بما في ذلك قوائم بالمتبرعين، خاصة بعشرات المؤسسات الخيرية الاسلامية، في اطار تحقيق واسع يعتزم الكونغرس إجراءه بشأن وجود علاقات محتملة بين المنظمات المعفاة من الضرائب ومجموعات ارهابية، حسبما افاد مسؤولون.

ويعتبر هذا الطلب بمثابة حالة نادرة واستخدام واسع لسلطات اللجنة المالية بغرض الحصول على سجلات مالية خاصة تحتفظ بها جهات حكومية رسمية. وتشير هذه الخطوة الى احتمال إخضاع التبرعات التي تتسلمها منظمات مثل «مؤسسة الارض المقدسة» ونشاطات منظمات اخرى مثل «رابطة الطلاب المسلمين» الى التدقيق من قبل مجلس الشيوخ. وقال مسؤول بإدارة الضرائب الاميركية انه يتوقع ان تتجاوب الادارة مع الطلب لان اللجنة التابعة لمجلس الشيوخ تتمتع بسلطة قانونية تخول لها فحص مثل هذه السجلات. ويتضمن الطلب ايضا قوائم قيادات وسجلات مالية وطلبات للحصول على إعفاءات ضريبية ومواد مراجعة ونتائج تحقيقات جنائية. ويأتي التحقيق الذي يزمع الكونغرس إجراءه بعد مرور ما يزيد على عامين من تحقيقات مكتب المباحث الفيدرالي (اف.بي.آي) ووزارة الخزانة ووكالات فيدرالية اخرى في نشاطات جمعيات خيرية اسلامية يشتبه في وجود علاقات لها مع تنظيم «القاعدة» وحركة «حماس» ومجموعات اخرى تعتبرها الحكومة الاميركية منظمات ارهابية. وكانت الولايات المتحدة قد جمدت ارصدة تزيد قيمتها على 136 مليون دولار للاشتباه في ارتباطها بمجموعات ارهابية، كما اوقفت عمليات اكبر المنظمات الخيرية الاسلامية في الولايات المتحدة.

وكان تشارلز غراسلي وماكس بوكوس، مسؤولا اللجنة المالية التابعة لمجلس الشيوخ قد اوردا في خطاب موجه الى إدارة الضرائب يوم 22 ديسمبر (كانون الاول) الماضي ان «التحقيقات التي اجراها الكونغرس ومسؤولون حكوميون ووكالات فيدرالية، فضلا عن تقارير اخرى، قد توصلت الى الدور الحاسم الذي تلعبه المؤسسات والجمعيات الخيرية في تمويل الارهاب». وأكد غراسلي وبوكوس انهما مسؤولان عن التأكيد على انصياع المؤسسات والجمعيات الخيرية والمجموعات الاخرى للقوانين واللوائح، فضلا عن فحص مصادر تمويلها والتأكد من تطبيق القانون بكفاءة وفعالية بواسطة الوكالات الحكومية، بما في ذلك إدارة الضرائب، إزاء هذه المؤسسات والجمعيات.

إلا ان الكثير من القادة المسلمين ومحامي هذه الجمعيات قالوا ان تكتيكات الجهات الحكومية قد شوهت صورة المسلمين الملتزمين جانب النظام والقانون، وانتقدوا الجهات الحكومية المعنية لانها «جففت مصادر تمويل ودعم مؤسسات وجمعيات توفر ادوية واغذية ومواد اخرى لمحتاجين في الشرق الأوسط ومناطق اخرى». وقال عدة ممثلين لهذه الجمعيات ان تحقيق اللجنة المالية يعتبر تدخلا مبالغا فيه ويثير مخاوف الكثير من المتبرعين. وقال ابراهيم هوبر، المتحدث باسم «مجلس العلاقات الاسلامية الاميركية» (كير) في واشنطن، ان الجالية المسلمة ستنظر الى هذا الإجراء وغيره كاستهداف للمسلمين في الولايات المتحدة. وتابع قائلا: «هل سيبدأون الآن حملة ملاحقات لكل المتبرعين لمنظمات الاغاثة التي اغلقت الآن، كي يشعر المسلمون بأنهم سيصحبون مستهدفين مرة اخرى في عملهم الخيري؟».

من جانبه، قال روجر سيمونز، محامي «مؤسسة الاغاثة العالمية» التي جمدت السلطات الاميركية ارصدتها، ان طلب لجنة مجلس الشيوخ الحصول على سجلات الجمعيات الخيرية سيؤدي الى إحجام المسلمين الاميركيين عن التبرع لها. واشار الى ان هذه المؤسسات والجمعيات فعلت تقريبا كل ما طلبته منها السلطات. وكان اعضاء في لجنة الشيوخ المالية قد قالوا ان التحقيق المزمع لا يقوم على اساس الانتماء العرقي او الديني بل على اساس المخاوف من احتمال ان تكون لهذه المنظمات علاقات مع جماعات ارهابية. واوضح عضو بمجلس الشيوخ ان التحقيق المزمع لا يستهدف المسلمين، مؤكدا ان كل المجموعات التي تعتزم اللجنة إجراء تحقيق حولها يشتبه في ان تكون لها علاقة مع الارهاب او انها ضالعة في الدعاية لصالح ارهابيين. وأضاف ان اللجنة لا تفترض إدانة أي جهة قبل إجراء التحقيق.

وتعتبر اللجنة المالية التابعة لمجلس الشيوخ واحدة من بضع لجان فقط تتمتع بصلاحيات طلب معلومات من إدارة الضرائب التي تتمتع بدورها باجراءات سرية. وعلى الرغم من ان هذه المعلومات طلبت في وقت سابق، بما في ذلك جزء من التحقيق في فضيحة شركة «انرون»، فإن اعضاء اللجنة وخبراء آخرين قالوا ان مدى الطلب الاخير غير عادي بسبب اتساع نطاقه وبسبب كونه جزءا من تحقيق واسع النطاق يتعلق بالارهاب. وقال دونالد اليكساندر، المدير السابق لإدارة الضرائب، ان الطلب المذكور «واسع»، لكنه اضاف انه يتوقع ان تتسم اللجنة بالحصافة والحكمة فيما يتعلق بالكشف عن أي معلومات خاصة في هذه السجلات. وأضاف ان اللجنة المالية كانت قد اشارت الى مخاوف في السابق ازاء مراقبة إدارة الضرائب للأداء المالي لهذه المؤسسات والجمعيات الخيرية للتأكد من التزامها بالقوانين واللوائح. واوضح ان أداء إدارة الضرائب ظل متميزا في السابق فيما يتعلق بحماية المعلومات واستخدامها.

وتضمن خطاب لجنة مجلس الشيوخ الطلب من مدير إدارة الضرائب، مارك ايفرسون، الإطلاع على الوثائق التي تتضمن قائمة بأسماء قادة المجموعات وكبار المتبرعين لها، فضلا عن وثائق اخرى تستخدمها المؤسسات والمنظمات للتقدم بطلب إعفاء من الضرائب بسبب طبيعة عملها كمنظمات ومؤسسات غير ربحية. وطلب غراسلي وبوكوس تسلم الوثائق بحلول 20 فبراير (شباط) المقبل.

وتضم قائمة المؤسسات والجمعيات الخيرية التي اوردتها اللجنة الكثير من المنظمات التي لا تزال تخضع لتحقيق مستمر من بينها مؤسسة «سار» والمجموعات التابعة لها، فضلا عن شبكة من المنظمات في شمال فيرجينيا لم تعد تعمل حاليا مثل «المؤسسة العالمية للإغاثة»، التي جرى ترحيل مؤسسها الى لبنان، و«مؤسسة الارض المقدسة للإغاثة والتنمية»، التي تتخذ من تكساس مقرا لها، وهي اكبر منظمة خيرية اسلامية في الولايات المتحدة. وكان الرئيس جورج بوش قد اشار الى اسم هذه المؤسسة متهما اياها بدعم حركة «حماس». ومن ضمن المنظمات الاخرى «رابطة العالم الاسلامي» و«الندوة العالمية للشباب الاسلامي» و«الجمعية الاسلامية لشمال اميركا» و«مؤسسة الحرمين» و«الجمعية الاسلامية للطلبة».

وقال اعضاء في لجنة مجلس الشيوخ ان التحقيق الاخير جاء اثر جلسة استماع اجرتها اللجنة حول تمويل الجماعات الاسلامية المتطرفة والتبرعات التي تتلقاها. وأضافوا ان التركيز سينصب على ما اذا كانت المنظمات المدرجة في هذه القائمة تستحق الإعفاء من الضرائب. فيما قال مساعد للجنة انها تعتزم النظر في المصادر التي تأتي منها كل اموال كل هذه المؤسسات والجمعيات الاسلامية وما اذا كانت تأتي من سفارات اجنبية او من اشخاص مجهولين في منطقة الخليج.

* خدمة «واشنطن بوست» (خاص بـ«الشرق الأوسط»)