واعظ غوانتانامو الجديد: سورة «العنكبوت» وآيات الابتلاء طريقي إلى قلب سجناء «القاعدة»

الكابتن خالد شهباز لـ «الشرق الاوسط» : اعتقال سلفي الكابتن يوسف لن يؤثر على طبيعة عملي وأزود السجناء باحتياجاتهم

TT

يفتخر النقيب خالد شهباز، الواعظ الديني الجديد لمعسكر «دلتا» بقاعدة غوانتانامو بكوبا الذي يحتجز فيه 680 من سجناء «القاعدة» وطالبان، باللحظة التي دخل فيها الاسلام عام 1993، اثناء دراساته العليا بكلية الدراسات الاسلامية والعلوم الاجتماعية التابعة للجيش الاميركي. ويقول ان هذه «اللحظة» غيرت مسار حياته «لأنها جبت ما قبلها»، الا انه يعتبر وهو من اصول افريقية انه ولد مسلما، لانها كما يسمي الاسلام «دين الفطرة». وجاءت اجوبة الكابتن خالد شهباز عبر البريد الالكتروني سريعة عبر وساطة الكولونيل باميلا هارت المسؤولة عن الاعلام والعلاقات العامة في قاعدة غوانتانامو البحرية الاميركية، وكان صريحا في الرد على الاسئلة الخاصة بأحوال السجناء وحقوقهم الدينية، وكشفه لاستخدامه السورة «29» من القرآن الكريم، وهي سورة «العنكبوت» في الرد على اسئلة المعتقلين التي تتعلق بمستقبلهم الذي لا يعرفه احد منذ وصولهم الى غوانتانامو قبل نحو عامين. ويكشف الكابتن خالد عن ايمان عميق في داخله في الرد على اجوبة «الشرق الأوسط»، فهو يبدأ بالبسملة، وشهادة ان لا إله الا الله وحده لا شريك له، وان محمدا رسول الله. وبعد ان انتهى من اجابة اسئلة «الشرق الأوسط» دعى الله في فقرة واضحة ان يكون ألهمه الثواب في اجاباته المباشرة، على حد علمه، وان ينعم على المؤمنين بـ«البركات» و«الرحمة» اللهم امين. ولا يلتفت الكابتن شهباز اليوم الى اسمه القديم كابتن مايكل بارنيز. وقال لـ«الشرق الأوسط» في اول حوار لصحيفة عربية ودولية انه اختار هذا الاسم بنفسه بعد دراساته للغة العربية والعلوم الاسلامية لمدة عامين في العاصمة الاردنية عمان. ولا يتخوف الكابتن خالد شهباز من مصيره، بعد اعتقال سلفه السابق الواعظ الصيني الكابتن جيمس يي الذي يعرف باسم الإمام يوسف منذ اربعة شهور، بتهمة الاخلال بقواعد الأمن في القاعدة البحرية الاميركية، وهو يعرف انه يقوم بمهمة لم يسبق لها مثيل في التاريخ الاميركي، وهي ان يتولى وعظ وارشاد مقاتلي «طالبان» و«القاعدة». وقال لـ«الشرق الأوسط» انه يستعين بمعاني سورة «العنكبوت» رقم 29 من القرآن الكريم، وهي سورة «مكية»، وموضوعها العقيدة في أصولها الكبرى «الوحدانية، الرسالة، البعث، والجزاء». وتبتدئ السورة الكريمة بهذا البدء الصريح «الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ».

ومحور السورة الكريمة يدور حول الاِيمان و«سنة الابتلاء» في هذه الحياة لأن المسلمين في مكة كانوا في أقسى محنة وشدَّة واجهتهم، ولهذا جاء الحديث عن موضوع الفتنة والابتلاء في هذه السورة مطوَّلاً مفصلاً. وضمن ايات سورة «العنكبوت» التي يلجأ اليها الكابتن خالد شهباز في التعامل مع سجناء «القاعدة» على حد قوله: «أحسب الناس أن يتركوا، أن يقولوا آمنا، وهم لا يفتنون». بمعنى ان الشخص المؤمن لا بد ان يبتلى وان يختبر، وعليه اذن الصبر وان يحتسب وان يفوض امره الى الله تعالى، وان يتذكر الجزاء من الذي لا يضيع عنده الحق، وان يتذكر قصة سيدنا يوسف عليه السلام الذي لبث في السجن وهو مظلوم بضع سنين». وجاء الحوار مع الكابتن خالد شهباز على النحو التالي:

* متى اعتنقت الدين الحنيف وما اصلك العرقي واسمك قبل الاسلام؟ ـ ابدأ اولا باسم الله الرحمن الرحيم، واشهد ان لا إله الا الله الحي القيوم وحده لا شريك له. لقد ولدت على الفطرة مسلما، لأنه بموجب القرآن الكريم والحديث الشريف يولد الناس على الفطرة، ولكنني اميركي من اصول افريقية، واعتنقت الدين الحنيف بعد رحلة مع النفس اثناء خدمتي بالجيش الاميركي عام 1993، وكان اسمي قبل الاسلام مايكل بارنز.

* لماذا اعتنقت الاسلام، وماذا وجدت في الدين الجديد، وهل من الممكن ان تحدثنا عن تعليمك الاسلامي؟ ـ وجدت في الاسلام الصفاء الحقيقي، ودرست الفقه والعقيدة، وحصلت على الماجستير من كلية الدرسات الاسلامية والعلوم الاجتماعية التابعة للجيش، وبعدها ذهبت الى العاصمة الاردنية عمان لتعلم اللغة العربية.

* كم مرة زرت سجناء «القاعدة» وطالبان في معسكر «دلتا» منذ وصولك الى قاعدة غوانتانامو في ديسمبر (كانون الاول) الماضي؟ ـ ازور المعتقلين في معسكر «دلتا» والتقيهم كلما احتاج الامر، ولكنني ازود السجناء بحاجاتهم اليومية، من مصاحف وكتب اسلامية وسجاجيد الصلاة، والمسابح، وأغطية الرأس للمعتقلين وتوفير الأذان عبر مكبرات الصوت خمس مرات في اليوم. كما انني اقدم النصح الديني لادارة المعسكر فيما يتعلق بمعرفتهم بالاسلام، وحاجة السجناء الدينية تبعا لذلك.

* هل يمكن ان ترتل القرآن الكريم او انك تحفظ بعض آياته عن ظهر قلب؟ ـ بالطبع انا لا أختلف عن أي مسلم، فكل واحد منا يحفظ بعض الآيات الكريمة، على الاقل لاستخدامها اثناء اقامة فروض الصلاة، التي يجب ان يتلو فيها القرآن باللغة العربية التي نزل بها.

* من اختار لك اسم «خالد شهباز» بعد اعتناقك الاسلام؟ ـ انا اخترت اسم خالد شهباز بنفسي، لأنني اردت ان اكون نموذجا واضحا بعد الدخول في الدين الحنيف، وكنت اريد ايضا ان اكون اكثر وضوحا لمن هم حولي، ومعنى اسم خالد على حد علمي، لا يخرج عن نطاق تقديم يد النصح والمساعدة لمن حوله من الاقربين، او الخلود او الحي الذي لا يموت، اما شهباز، فهي تعني «القرابة الوثيقة».

* ما نصيحتك المباشرة لسجناء «القاعدة» وطالبان؟

ـ كلما سألوني عن المستقبل، تلوت عليهم ايات من السورة رقم «29» من كتابنا الكريم القرآن الكريم، وهي سورة العنكبوت ومنها: «أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا، وهم لا يفتنون»، «ولقد فتنا الذين من قبلهم، فليعلمن الله الذين صدقوا، وليعلمن الكاذبين». ومعنى الآيتين السابقتين: «هل يظن الرجل المؤمن ان يدعي الايمان، ولا يبتلى ويختبر في هذه الحياة، حتى يظهر معدنه، وقد تم اختبار الامم السابقة، فتبين معدنهم، أي ايمانهم من عدم ايمانهم، وهي آيات قوية مباشرة تنفذ الى القلب والعقل، وتوضح: «ان المؤمن عرضة للابتلاء في الحياة، وعليه اذا ابتلى ان يصبر وان يحتسب حتى يأتي الله عز وجل اليه بالفرج، وعليه ان يتيقن ان الله سيؤجره الاجر الاوفى في الآخرة».

* ماذا احدثت من تغييرات منذ وصولكم الى غوانتانامو، فيما يتعلق بإدارة المعسكر الذي يحتجز فيه سجناء «القاعدة» وطالبان، وهل هناك قيود فرضت عليكم بعد اعتقال سلفكم السابق الواعظ الكابتن جيمس يي «الإمام يوسف»؟

ـ لم تفرض عليّ أي قيود، ومهمة الوعظ والنصح والارشاد الديني تبقى كما هي في قاعدة غوانتانامو، ولي مطلق الحرية لاقوم بواجبي تجاه تقديم العون لما يحتاجه المعتقلون.

* هل تتخوف من أن ما حدث لسلفكم الكابتن جيمس يي «الإمام يوسف» قد يؤثر على طبيعة عملكم في القاعدة البحرية الاميركية (كوبا)؟ ـ «الله اعلم ورسوله».. هناك كثير من الجنود والضباط لم يروا من قبل واعظ دينيا مسلما، ولذا فان هناك بعض الناس في الخدمة العسكرية الاميركية، يتكيفون الآن على وجودنا في الجيش الاميركي. ولذا فعندما يتعرفون على طبيعة عملي داخل القاعدة البحرية الاميركية، فانني اكون متأكدا اكثر ان هناك فرصة افضل، لتعريفهم بالدين الاسلامي، وحاجات المسلمين الدينية.

* هل صليت «الجماعة» من قبل مع سجناء «القاعدة» المحتجزين؟

ـ لا لم اصل مع المعتقلين صلاة «الجماعة» ابدا، ولكنني بصفة اساسية مسؤول عن الجنود المسلمين في قاعدة غوانتانامو، وانا امامهم، ولكن يجب ان اقر ان بعض سجناء «القاعدة» اعلم مني في اصول الدين، ويستطيعون ان يدبروا امورهم وحياتهم الدينية بدون الحاجة لي.

* بالنسبة لما يمر به العالم من احداث سياسية ساخنة، هل اخبرت السجناء مثلا بالحرب الاميركية على العراق وسقوط الرئيس المخلوع صدام حسين؟ ـ بالطبع كل هذه الاحداث السياسية الساخنة من الحرب على العراق الى اللقاءات الدولية، هي خارج نطاق عملي ومهمتي التي ذهبت من اجلها.

* هل يمكن تصنيف جميع السجناء على انهم مسلمون ملتزمون يؤدون فروض الصلاة بصفة منتظمة؟

ـ هذا وحده علمه عنده الله عز وجل، هو الذي يقرر ذلك، ولكنني استطيع ان اتحدث عن نفسي فقط كمسلم يحاول ان يبذل قصارى جهده في عالم مليء بالاغراءات النفسية والاجتماعية، وهي مهمة شاقة وصعبة.