مساعد الرئيس الإيراني لـ«الشرق الاوسط» : لا تنافس بين قم والنجف والبروتوكول سبب تأخير زيارة خاتمي للإمارات

أبطحي: السعودية نافذة العلاقات العربية ـ الإيرانية * العلاقات مع مصر لم تكن مشروطة لكننا ندرك ما تريده القاهرة

TT

قال مساعد الرئيس الايراني للشؤون القانونية، محمد علي ابطحي، ان التطور الذي شهدته العلاقات السعودية ـ الايرانية شكل نافذة لتطور العلاقات العربية ـ الايرانية. وقال ابطحي في حديث شامل لـ«الشرق الأوسط» ان زيارة الرئيس الايراني محمد خاتمي للامارات لا تزال قائمة، وان القضايا البروتوكولية هي التي اخرتها. وقال ان قضية الجزر الاماراتية الثلاث، التي تحتلها ايران لم تشكل عقبة في وجه التعاون بين البلدين. ونفى المسؤول الايراني وجود شروط متبادلة بين مصر وايران لاستئناف العلاقات بينهما، لكنه قال ان هناك تفهما من الجانبين لما يتعين على كل طرف ان يفعله من اجل تطبيع العلاقات.

وأكد ابطحي ان جميع القوى السياسية الكبرى والصغرى المهتمة بالشأن العراقي لا تسمح ولا تريد تقسيم العراق. وذكر ان بلاده لا تزال تبحث مع العراق مسألة التعويضات عن الخسائر التي لحقت بايران من جراء حربها مع العراق لكنه رفض تحديد حجم هذه التعويضات. وقال ان ايران تعد ملفا حول الجرائم التي ارتكبها صدام حسين بحق ايران وانها ستقدم هذا الملف في أي محاكمة للرئيس العراقي السابق سواء داخل او خارج العراق. وأدان ابطحي بشدة التطرف الديني واعتبر انه يخدم الدول والقوى الخارجية التي تسعى للتدخل في شؤون العالمين العربي والاسلامي. ونفى ان تكون ايران قد طرحت في أي مرحلة فكرة تصدير الثورة بالمعنى المادي المتمثل في المعدات والقوى البشرية، مشيرا الى ان فكر الثورة مثله مثل كل الافكار ينتقل في العالم وعبر الحدود التي لم يعد لأحد في عصر الاتصالات قدرة للسيطرة على حركتها.

* خلال مؤتمر الخليج وتحديات المستقبل الذي شاركتم فيه في ابوظبي طرح وزير الاعلام الاماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، فكرة اشراك ايران في منظومة التعاون الخليجي في مرحلة من المراحل وضمن شروط معينة. هل تعتقدون ان ايران يمكن ان تتوافق مع هذه المعادلة؟

ـ اعتقد ان ايران ليست بعيدة عن منظومة التعاون فهو قائم بالفعل، ولم يعد هدفا بعيدا نسعى اليه. ومنذ مجيء محمد خاتمي لرئاسة الجمهورية اصبح الخطاب هو تطوير علاقات التعاون مع الدول العربية وليس ازالة التوتر كما كان الحال قبل ذلك. نحن في ايران نعتقد انه ليس امامنا من سبيل الا التعاون مع اخواننا في الخليج وفي العالمين العربي والاسلامي.

* هناك من نظر الى طلبكم الانضمام الى جامعة الدول العربية بأنه محاولة للقفز خارج الاقليم بعد ان اغلقتم الابواب امام تعاونكم مع منظومة مجلس التعاون؟

ـ ايران لم تطلب الانضمام الى الجامعة العربية كعضو، وانما كمراقب ونحن بهذا الطلب نعبر عن حسن النية والرغبة للتعاون مع العالم العربي وتطوير العلاقات على كافة المستويات.

* البعض يرى ان قضية الجزر الثلاث المتنازع عليها بينكم وبين الامارات هي عنصر مانع لتطوير العلاقات؟

ـ اعتقد ان الاهم من هذه القضية هو ان العلاقات بين ايران والامارات علاقات جيدة، ولم نر انعكاسات سلبية مهمه في علاقات البلدين. وانا اعتقد ان البلدين يملكان من الحكمة وبعد النظر ما يمكنهما من حل قضاياهما فيما بينهما ومن دون تدخلات من الخارج.

* وجه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان دعوة للرئيس خاتمي لزيارة الامارات وقد قبل الرئيس خاتمي الدعوة التي مضى عليها الآن قرابة العامين، ما الذي يحول دون اتمام الزيارة حتى الآن؟

ـ نعم لدينا دعوة كريمة من الشيخ زايد، وقد قبلها الرئيس خاتمي بالفعل، ولكن تعلمون ان زيارات الرؤساء تقتضي تحضيرات بروتوكولية كثيرة وايجاد موعد يتناسب مع ظروف وانشغالات الرئيسين.

* معنى ذلك ان الزيارة لا تزال قائمة؟

ـ طبعا قائمة لكن لم يتفق بعد على الموعد.

* في اجابتكم نوعا من التهوين لقضية الجزر في حين انه ما من بيان سياسي ولا تجمع عربي أو خليجي الا ويأتي على ذكر الجزر، وانها حق عربي واماراتي فيما تصرون انتم على القول ان العلاقات جيدة؟

ـ نحن ايضا نرد على هذه البيانات ونقول انها غير صحيحة لكننا نقول ايضا ان هذه الامور لا تؤثر على العلاقات الاقتصادية والسياسية بين الجانبين؟

* اذن القضية تحولت الى نوع من المناورات السياسية بين البلدين؟

ـ لا، ليست مناورات ولكنها حوارات.

* الآن تتحدثون عن الانفتاح على العالم العربي، فكيف يمكن لكم التفاهم مع هذا العالم بالرغم من موقفكم المعروف من أميركا، وكيف بالتحديد تعيدون العلاقات مع مصر التي لها علاقات دبلوماسية مع اسرائيل، وكيف قبلتم اخيرا بازالة اسم خالد الاسلامبولي مع العلم انكم لا تزالون تتحدثون وفق ايديولوجية اسلامية لا تتغير؟

ـ انا اعتقد ان العلاقات السياسية بين الدول مختلفة عن القيم الدينية فقد تكون هناك علاقات سياسية رغم وجود اختلافات في بعض القيم. فالعلاقات لا تعني التوافق في كل الامور.

* لكن هل هناك معطيات جديدة دفعتكم لتغيير موقفكم أم ان الامر هو استجابة للضغوط التي تتعرض لها المنطقة من الولايات المتحدة؟

ـ الامر ليس تعبيرا عن ظرف سياسي فلا احد يستطيع ان ينكر دور مصر ولا اهميتها في المنطقة والعالم الاسلامي، كما ان احدا لا يستطيع ان ينكر دور ومكانة ايران. هذان البلدان من ساحات الحضارة ولهما علاقات تاريخية ممتدة واذا ما تعاون البلدان مع بعضهما البعض فإن هذا التعاون سيفيد العالم الاسلامي.

واذا جئنا للتطور الاخير في العلاقات فقد جاء بعد لقاء الرئيسين مبارك وخاتمي في جنيف، حيث كان لدى الزعيمين الارادة والتصميم لحل خلافاتهما واستعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة، ولم تكن هناك شروط مسبقة ولا مطالب للوصول الى هذا الهدف.

* قيل ان مصر كانت مترددة في اعادة العلاقات وانها وضعت بعض الشروط لذلك؟

ـ نحن لم نسمع بذلك ولم يكن هناك شروط مسبقة كما قلت لكم، وكل ما طلبوه بعض الوقت ولا تنسى ان هناك 25 عاما من الانقطاع، ولا بد من وقت لحل القضايا التقنية.

* هل صحيح ان مصر طلبت ازالة اسم خالد الاسلامبولي من شارع في طهران قابلها طلب ايراني بازالة قبر الشاة قبل اعادة العلاقات؟

ـ كما ذكرت لم يكن هناك شروط مسبقة، لكن الجانبين يدركان ما يريده كل بلد من البلد الآخر من دون ان يعني ذلك وضع شروط مسبقة وهذا دليل على وجود مساحة من التفاهم التي تتيح للطرفين ادراك احتياجات كل منهما. الامر لم يكن ابدا شيئا مقابل شيء آخر.

* الثورة الايرانية كانت مفصلا تاريخيا في المنطقة وقد رفعت شعار تصدير الثورة عند قيامها ووقف العالم ضد هذا الشعار مما دفع ايران الى اعادة حساباتها واصبح تصدير الثوره يتم بشكل غيرعلني وكانت تجربة حزب الله احد مظاهرها، فهل لدى ايران توجه الى العمل بشكل سري لتصدير الثورة كشكل من اشكال التصدي للوجود الأميركي في المنطقة؟

ـ اريد ان اشرح اولا مفهوم تصدير الثورة، فهذا المفهوم لم يعن ابدا تصدير الثوريين والسلاح بل كان المقصود تصدير الفكر والدين ومن يريد ان يقبل هذا الفكر وهذا الدين فهو حر في ذلك. وهذا الامر لم تنفرد به ايران، بل هناك الكثير من الافكار التي تتحرك عبر الحدود. اما موضوع المجموعات السرية فليس لايران أي دور من هذا القبيل وهذا الامر لا نقوله نحن فقط بل الآخرون ايضا.

* نريد ان نتحول للملف العراقي. هناك من يتخوف من تقسيم العراق هل لايران مثل هذه المخاوف؟

ـ انا لا اعتقد ان فكرة التقسيم مقبولة من الشعب العراقي أو من الدول الكبرى أو من الدول المحيطة بالعراق ولا أي جهه مؤثرة في الشأن العراقي. واستطيع ان اقول ان الامر الوحيد الذي يتفق حوله الجميع هو عدم تقسيم العراق.

* هناك من يرى ان هناك نوعا من المنافسة بين المرجعية الدينية في قم والمرجعية الدينية في النجف الى أي مدى توافقون على ذلك وهل يمكن ان يؤثر على العلاقات بين المراجع الدينية الشيعية؟

ـ انا ارفض فكرة التنافس بين الحوزة العلمية في قم والحوزة في النجف هذا التنافس لم يكن موجودا طوال التاريخ وكانت العلاقة بين الحوزتين هي علاقة تكامل وتعاون. وبافتتاح حوزة النجف من جديد اعتقد ان العلاقة ستقوى وتتطور.

* بعض النقاط الخلافية بين الحوزتين تتمثل في تأييد حوزة النجف لفكرة العلمانية فيما لا تزال الحوزة في قم ترفض هذا الاتجاه؟

ـ هذا الخلاف موجود حتى في ايران نفسها. ووجود مثل هذا الخلاف الفكري لا يعني ان نتدخل في الشؤون الداخلية للعراق وافضل ما يمكن عمله هو الرجوع لرأي الشعب العراقي الذي من حقه اختيار شكل الحكم الذي يريده.

* في حال محاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين هل سيكون لايران ملف تتقدم به الى مثل هذه المحاكمة؟

ـ نحن اقدم الذين لحقنا الضرر من صدام، وبلادنا خسرت كثيرا من الحرب التي شنها علينا، ومن الطبيعي ان يكون لنا ملف في أي محاكمة له.

* هل لديكم حجم تقديري للتعويضات التي تطالبون بها العراق وهل ناقشتم هذه المسألة؟

ـ قضية التعويضات ناقشناها من قبل حتى مع النظام السابق وهي حق لنا ولدينا رقم لهذه التعويضات لكن الرقم لا يحضرني الآن.

* كيف تقوم العلاقة بين السعودية وايران؟

ـ علاقاتنا بالسعودية كانت دائما نافذة للعلاقات العربية ـ الايرانية، وبفضل حكمة المسؤولين السعوديين وعلى رأسهم الامير عبد الله بن عبد العزيز تطورت هذه العلاقة في كافة المجالات.

* في ضوء الاوضاع التي تمر بها المنطقة والضغوط التي تتعرض لها ومسلسل التنازلات التي تشهدها القضية الفلسطينية. هل يمكن لايران ان تعيد حساباتها من القضية الفلسطينية بشكل يتوافق مع ما بات يعرف بالواقعية السياسية بمعنى ان تلغي ايران موقفها الايديولوجي الاسلامي كأساس في التعاطي مع المسأله الفلسطينية؟

ـ القضية ليست ايديولوجيا اسلامية، بل خلاف في المنظور القيمي. قوى الهيمنة تتحدث عن الديمقراطية وحقوق الانسان وحق تقرير المصير والمشاركة والعدالة، لكن كل هذه القيم والمفاهيم التي تشهر في وجه الدول الاخرى تقف عند اسرائيل ولا تناقش فيها ولا تسأل عن انتهاكاتها لحقوق الانسان وحق تقرير المصير. نحن في ايران لا نطالب للفلسطينيين الا بما تطالب به باقي الدول من التزامات.

* يعني اذا حصل الفلسطينيون على دولتهم توافقون على بقاء اسرائيل والاعتراف بها؟

ـ من حيث المبدأ نحن مع حل ديمقراطي يكون فيه المسلمون والمسيحيون الفلسطينيون داخل وخارج فلسطين واليهود ضمن دولة متعددة الاعراق والديانات وعلى اساس المساواة في الحقوق والواجبات وهذا الحل هو الذي يتفق مع المبادئ الديمقراطية ومبادئ حقوق الانسان.

* قيل ان ايران ردت اليد الأميركية التي مدت لها بعد كارثة الزلزال في بام؟

ـ لم يكن الامر سياسيا، ونحن قبلنا الامر على اساس انه مسألة انسانية وليس مسألة سياسية.