أونيل يرفض اتهامه بانتهاك سرية الوثائق ورامسفيلد يؤكد أنه اتصل به قبل نشر كتابه المثير للجدل

TT

قال وزير الخزانة الاميركي السابق بول اونيل انه لم يخرق القانون عندما قدم وثائق حكومية استخدمت في اعداد كتاب نشر اول من امس وتضمن انتقادات حادة لادارة الرئيس جورج بوش. وبدوره، قال وزير الدفاع دونالد رامسفيلد انه اتصل باونيل بعد سماعه ان اونيل يساهم في اعداد الكتاب المثير «لكنني لم اطلب منه التراجع عن ذلك».

وكانت وزارة الخزانة قد اعلنت يوم الاثنين الماضي فتح تحقيق لتحديد ما اذا كان اونيل انتهك سرية وثائق رسمية ونقل معلومات سرية الى الصحافي رون ساسكيند من اجل اعداد كتاب «ثمن الولاء». وقال اونيل ان «الحقيقة هي انني لم آخذ اي وثيقة، بل طلبت من المسؤول القانوني في الوزارة تسليمي الوثائق التي يحق لي حيازتها»، مشيراً الى انه في حال حدوث خطأ بشأن الوثائق السرية، فان ذلك يكون اصلا من جانب المسؤول القانوني في وزارة الخزانة. واوضح الوزير السابق ان «المسؤول القانوني ارسل لي بعد ثلاثة اسابيع (من الطلب) مجموعة من الاسطوانات المضغوطة التي لم افتحها ابدا بل سلمتها لرون ساسكيند»، مضيفاً ان «القانون ينص على الا يقوم المسؤول القانوني بتسليمي وثائق سرية، واذا كانت هناك معلومات سرية فهذا خطأ ارتكبه هذا المسؤول».

من جانبه، قال رامسفيلد في مؤتمر صحافي بوزارة الدفاع (البنتاغون) اول من امس انه اتصل باونيل بعد ان سمع انه يعد كتاباً يتضمن انتقادات، «لانني لم استطع ان اصدق ذلك. انني اعرفه منذ 30 سنة». واضاف رامسفيلد ان وزير الخزانة السابق اكد له ان الكتاب يدور حول «مواضيع سياسية».

وقد نشر اول من امس الكتاب الذي اعده ساسكيند واعتمد فيه على معلومات من وزير الخزانة السابق اونيل. ويصور اونيل الرئيس بوش بانه «سلبي وسطحي يحيط به يمينيون متشددون يفتقرون للزخم الفكري ولمعرفة النتائج المترتبة على سياساتهم».

وفي ذكرياته التفصيلية عن المشاحنات داخل الحكومة وعن اجتماعاته الثنائية مع الرئيس بوش، قدم اونيل معلومات نادرة عن الادارة التي تتوخى السرية بطريقة غير عادية ولمحات مثيرة عن الرئيس بوش. ويقول اونيل في الكتاب ان طبيعة علاقته مع بوش تحددت في أول اجتماع بينهما عرض عليه فيه تولي منصب وزير الخزانة. وبدلا من ان تجري محادثات تفصيلية كان بوش أكثر اهتماما بمعرفة سبب تأخر شطائر «التشيز برغر» التي طلبها. وقاطع بوش الحديث ليستدعي كبير موظفي البيت الابيض اندرو كارد. ونقل اونيل عن بوش قوله: «أنت كبير الموظفين. هل تعتقد ان بامكانك احضار بعض شطائر التشيز برغر لنا. فأومأ كارد بالموافقة. ولم يضحك أحد. كل ما فعله كان مغادرة الغرفة بأقصى سرعة».

وفي اول رد فعل من البيت الابيض بشأن تفاصيل ذلك الاجتماع، قال المتحدث باسم البيت الابيض سكوت مكليلان ان انتقاد اونيل «يتعلق بدرجة أكبر بمحاولة تبرير وجهات نظره الشخصية وآرائه أكثر منه بالنتائج التي نحققها».

وخلال اول لقاء بينهما بعد تولي بوش السلطة اطلق بوش على اونيل اسم «بابلو»، ثم بدأ يدعوه «بيغ او»، في اشارة الى الحرف الاول من اسمه. ويقول اونيل انه واجه «اسلوباً فجاً» من الرئيس عندما قال له هذا الاخير «سأمنحك اسماً يظل ملازماً لك».

وكتب ساسكند: «كان (بوش) ينظر الى اونيل من دون ان يغير تعبيرات وجهه او يبدي اي رد فعل سواء كان ايجابيا او سلبيا». واشار ساسكيند الى ان اونيل تساءل ما اذا كان بوش لا يعرف الاسئلة التي يتعين طرحها ام انه يعرف لكنه لم يكن يريد سماع اي اجابات. وحسب الكتاب فانه في اول اجتماع ترأسه لمجلس الامن القومي يوم 30 يناير (كانون الثاني) 2001 قرر بوش سريعا وضع السلام بين العرب واسرائيل جانباً والتركيز على العراق.

وتحدث بوش عن زيارة قام بها الى اسرائيل عام 1998 عندما كان حاكماً لتكساس، والتقى خلالها بارييل شارون الذي كان وقتها زعيماً للمعارضة. وحسب رواية اونيل، فان بوش قال «حلقنا فوق المخيمات الفلسطينية التي بدت في حال يرثى لها. لا ارى ان بوسعنا القيام بالكثير هناك في هذه المرحلة. اعتقد انه حان الوقت للانسحاب». ومن جانبه، حذر وزير الخارجية كولن باول من ان الانسحاب قد يتسبب في اراقة مزيد من الدماء، «فهز بوش كتفيه بلا مبالاة» وقال: «ربما يكون هذا افضل سبيل لاعادة الامور الى نصابها».

ويضيف الكتاب انه في نفس الاجتماع عرض مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي. آي. ايه) جورج تينيت صورة من الجو لمصنع في العراق قال انه ربما يستخدم لانتاح اسلحة بيولوجية او كيماوية. وقال اونيل انه اعترض قائلا: «لقد رأيت كثيرا من المصانع حول العالم تشبه الى حد كبير هذا المصنع. ما الذي يجعلنا نشك في ان هذا المصنع ينتج عناصر بيولوجية او كيماوية لصنع الاسلحة». وقدم تينيت ادلة ظرفية الا انه قال انه لا توجد «معلومات استخباراتية مؤكدة». واضاف اونيل ان دليلا من هذا القبيل لم يتوفر مطلقا حتى اتخاذ القرار بشن الحرب على العراق.

ويؤكد اونيل انه مع عدم قدرة او عدم رغبة بوش في قراءة بيانات مفصلة عن مجريات الامور، وضع نائب الرئيس ديك تشيني السياسات وادار دفة الامور، يدعمه في ذلك المستشاران السياسيان كارل روف وكارين هيوز ومستشارة الامن القومي كوندوليزا رايس.

ومن وجهة نظر اونيل فان افتقار بوش للرغبة في المعرفة ومتابعة مجريات الامور والصبر كان معناه انه لم يكن مهتما حقا بالمواقف الثابتة المعلنة للحكومة الاميركية وكان مستعدا للتخلي عنها من دون اي تردد او اسف. وقال اونيل «بدأ الرئيس من الصفر واعتمد على نصيحة منظرين من دون اي وسيط امين».

وخلال اجتماعات الادارة كان واضحاً ان بوش لم يقرأ المذكرات التي ارسلها اليه اونيل والتي تعمد ان تكون مقتضبة. ويقول اونيل ان مناقشات الادارة كانت تعد في العادة سلفا وكانت النتيجة تحدد مسبقا. ووفقا لرواية اونيل فان بوش خلال مناقشة حقيقية تتعلق بالسياسات الضريبية يفقد «تركيزه سريعا». وقال اونيل «اذا لم تستطع التواصل مع الرئيس خلال اول دقيقة او اثنتين، فان القضية ستكون خاسرة»