لبنان ينقل إلى الأمم المتحدة تفاصيل خرق حدوده و«حزب الله» يتوعد بالرد على إسرائيل «بتوقيته» الخاص

TT

ساد الهدوء الحذر امس على طول الحدود اللبنانية مع اسرائيل بعد يومين من تفجير «حزب الله» جرافة اسرائيلية دخلت الاراضي اللبنانية والرد الاسرائيلي بالاغارة ليل اول من امس على مناطق في الجنوب. وبدا ان الامور تتجه نحو مزيد من الهدوء في ظل اكتفاء اسرائيل بهذا القدر من الرد وتأجيل «حزب الله» الرد الى «الوقت المناسب»، فيما يحاول لبنان الاستفادة سياسياً ودبلوماسياً من تقرير الامم المتحدة الذي اثبت ان الجرافة الاسرائيلية استُهدفت عندما كانت داخل الاراضي اللبنانية. واعلنت وزارة الخارجية اللبنانية امس ان الوزير جان عبيد طلب من مندوب لبنان الدائم لدى الامم المتحدة السفير سامي قرنفل ابلاغ المنظمة الدولية ومجلس الأمن تفاصيل الحوادث التي وقعت في جنوب لبنان خلال اليومين الماضيين وخرق اسرائيل لـ«الخط الأزرق» ليصار في ضوء ذلك الى تحديد الخطوة التالية.

ورفض الناطق الاعلامي باسم «حزب الله» الشيخ حسن عز الدين اعتبار ان الامر انتهى بالرد الاسرائيلي على اماكن غير مأهولة مقابل تدمير الجرافة داخل الاراضي اللبنانية. ورأى، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، ان الغارات «عدوان جديد»، مشيراً الى ان «قيادة المقاومة التي تتابع التطورات عن كثب هي التي تحدد طريقة ومدى وكيفية وتوقيت ومكان الرد».

ولاحظ عز الدين «ان اسرائيل تحاول، كما حاولت من قبل، فرض معادلات جديدة على المقاومة». لكنه اكد ان المقاومة تعتبر نفسها «معنية برد اي عدوان». ونفى ان تكون المواقع التي قصفها الطيران الاسرائيلي مراكز للحزب. وافاد: «قصف الطيران الاسرائيلي اطراف قرى يعتقدون (الاسرائيليون) انها مراكز ومواقع للحزب. ففي علمان قصفت الطائرات موقعاً قديماً لقوات الطوارئ الدولية واطراف بلدة زبقين. ولذلك لم تقع خسائر بشرية». وحمّل عز الدين اسرائيل مسؤولية «العمل الذي قامت به المقاومة دفاعاً عن لبنان، خاصة ان تقرير بعثة الامم المتحدة التي حققت في الحادث اكد حصول الخرق الاسرائيلي للحدود». ولم يستغرب «الموقف المنحاز لوزير الخارجية الاميركي كولن باول الذي يحاول ان يغطي عمل اسرائيل العدواني»، معتبراً انه «كان الاجدى به ان يطلب من الاحتلال وقف عدوانه».

على الصعيد الميداني، سيرت القوة الدولية العاملة في جنوب لبنان امس دوريات على طول خط الحدود، فيما لوحظ غياب الدوريات الاسرائيلية المعتادة في الجهة المقابلة. وافادت «الوكالة الوطنية للاعلام» الرسمية اللبنانية ان القوات الاسرائيلية ادخلت جرافة كبيرة الى موقع رياق المشرف على مستوطنة المطلة وبلدة كفركلا الحدودية اللبنانية.

ولم يخرق الهدوء السائد سوى ثلاث قذائف اطلقتها المدفعية الاسرائيلية على مناطق لبنانية غير مأهولة قرب مواقعها في مزارع شبعا المحتلة، فيما سجل تحليق للطيران الاسرائيلي في اجواء المزارع.

وقد ادت الغارات الاسرائيلية ليل اول من امس الى تضرر مقام ديني وخزان للمياه في منطقة علمان (على مجرى الليطاني) وتضرر المدرسة الرسمية ومنازل في بلدة زبقين (القطاع الاوسط). وباشرت مؤسسة «جهاد البناء» التابعة لـ«حزب الله» معاينة الاضرار الناجمة عن الغارات في زبقين تمهيداً لترميمها، كما اجرت الفرق الفنية في مجلس الجنوب المعاينة الميدانية للاضرار التي لحقت بالمنازل السكنية والمدرسة الرسمية في البلدة. وشملت المعاينة عشرين منزلاً اصيبت بتصدعات وتحطيم زجاج النوافذ، والمدرسة الرسمية التي اصابت شظية مباشرة احد صفوفها.

وامس زار السفير الفرنسي في بيروت فيليب لوكورتييه مقر وزارة الخارجية ناقلاً رسالة من السلطات الفرنسية تتضمن «قلق فرنسا للحوادث التي وقعت في الجنوب». وقال انه ابلغ الخارجية اللبنانية «ان فرنسا تأمل من جميع الاطراف ممارسة اقصى درجات ضبط النفس، وان لا تتطور الامور باتجاه اعمال عنف واعتداءات جديدة». وقال: «نعتقد ان على الدولة اللبنانية ان تبسط سلطتها كاملة في جنوب لبنان وان يتم تجنب اعمال العنف التي يمكن ان تقود الى تصعيد. وفي الوقت عينه سجلنا انه على الطرفين تجنب ان تأخذ المسألة بعداً اقليمياً. كما سجلنا بروز اعمال عنف من جانب الجيش الاسرائيلي. ونحن نستنكرها». وشجب السفير الفرنسي «الانتهاكات» الاسرائيلية وأمل ان لا يتجه الوضع الى التدهور، مشدداً على ضرورة ان «لا نترك الامور تنزلق وتأخذ ابعاداً مقلقة وخطيرة».

وأدان الرئيس السابق للحكومة سليم الحص موقف وزير الخارجية الاميركي «الذي تضمن، من جهة، تحميل حزب الله مسؤولية تفجر الوضع على الحدود الجنوبية اللبنانية، ومن جهة ثانية، تحذير سورية من مواصلة دعم حزب الله». ورأى «ان قوة اميركا الفائقة لا تبيح لها ان تكون غير عادلة او متنكرة للحق»، مستغرباً ان «يدين وزير خارجية اميركا تدمير الجرافة ولا يدين خرق اسرائيل الحدود اللبنانية».