تحطم طائرة عسكرية في حادث بالسعودية يسفر عن مقتل ضابطين وطباخ مصري

TT

تحطمت طائرة عسكرية تابعة لسلاح الجو السعودي فوق أحد المباني الخاصة بقاعدة الملك عبد العزيز الجوية في الظهران صباح أمس. وذكر بيان صادر عن وزارة الدفاع والطيران، بثته وكالة الأنباء السعودية بعد 4 ساعات من الحادث، «أن حادثاً وقع لإحدى طائرات القوات الجوية الملكية السعودية من طراز «إف. 15» أثناء رحلة تدريبية».

وأوضح البيان المقتضب أن الحادث نتجت عنه «وفاة طاقم الطائرة المكون من مشغل الأسلحة الرائد طيران ناصر بن عبد الرحمن الرشيد وقائد الطائرة النقيب طيار سلطان بن تركي الفرم».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن الطائرة سقطت فوق مبنى تابع لمعسكر الأمير سلطان للشرطة الجوية، وان «شظايا نارية» تسببت في إلحاق الضرر بالمطعم الخاص بالمعسكر، مما أدى إلى وفاة شخص آخر من العاملين في المطعم يتبع للشركة المتعاقدة مع القاعدة لتشغيل المطاعم. وحسب معلومات أولية، فان الضحية المدني مصري الجنسية، ويعمل في وظيفة «طباخ». وافادت أنباء غير مؤكدة أن مستشفى القاعدة الجوية استقبل عدداً من المصابين لم يتم التأكد من عددهم أو حالاتهم. ولم يكشف بيان وزارة الدفاع والطيران عن أية تفاصيل إضافية حول ظروف وأسباب الحادث، سوى الإشارة إلى أن التحقيق ما يزال جارياً لمعرفة الأسباب الحقيقية للحادث. غير أن معلومات استقتها «الشرق الأوسط» من شهود عيان أشارت إلى أن الطائرة التي كان يقودها النقيب طيار سلطان الفرم قد سقطت بعد لحظات من إقلاعها. وذكر أحدهم أنه رأى منظراً غير مألوف، حين رأى الطائرة في حالة إقلاع شبه عمودي وبعد لحظات أخذت «تهوي باتجاه الخلف بصورة غير طبيعية إلى أن سقطت على المبنى التابع لمعسكر الشرطة». وذكر أحد الذين كانوا موجودين في الموقع ان الدقائق التي سبقت وقوع الحادث، شهدت وجود 500 طالب تابع لمعهد الدراسات الفنية للقوات الجوية كانوا في زيارة تدريبية للمعسكر، بصحبة مدربيهم من ضباط ورقباء. وأشار إلى أن الطلبة كانوا يستعدون لركوب الحافلات للمغادرة في الوقت الذي سقطت فيه الطائرة في المكان الذي كانوا يتجولون بجواره. ويعتبر المكان الذي سقط فيه الطائرة، القريب من بوابة القاعدة رقم 7، معسكراً خاصاً للشرطة الجوية، وهو الجهاز الذي يتولى الحراسة للقاعدة الجوية، وبقية المواقع الأخرى التي تتبع لها في المنطقة الشرقية، وتعرف آلياتهم باللون الأحمر، ينتصفه شريط أزرق.

وشيع عدد من منسوبي القاعدة الجوية الضابطين، بعد ساعات قليلة من وصول أقاربهما من الرياض، وتم دفنهما مساء في مقبرة الثقبة في الخبر، وهي المقبرة التي دفن فيها ضباط طيارون آخرون قبل سنوات قليلة.

وكانت السعودية شهدت في الأعوام الماضية تحطم عدد من الطائرات المقاتلة، ففي يناير (كانون الثاني) 2002 لقي ضابطان سعوديان برتبة رائد طيار ونقيب طيار مصرعيهما في حادثة تحطم طائرة عسكرية سعودية (اف. 15) نتيجة خلل فني أثناء عملية تدريب ليلي في المنطقة الشرقية. وبعدها بثلاثة اشهر أعلن مصدر مسؤول بوزارة الدفاع والطيران السعودية عن احتراق طائرة من طراز (اف. 15 سي) في شمال غربي السعودية ونجاة قائدها. كما تحطمت طائرتان عسكريتان من طراز (هوك) في المنطقة الشمالية الغربية مطلع فبراير (شباط) الماضي الا ان طاقميهما المكونين من ضابطين نجيا. فيما شهد عام 2001 خمسة حوادث أخرى متفرقة لطائرات عسكرية سعودية. وأسوأ تحطم طائرة عسكرية كان قد وقع عام 1991 وأدى إلى مقتل ستة وتسعين شخصاً.

وفي عام 2001 صدرت دراسة عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن اشارت الى قلق القادة الإسرائيليين من السعودية التي أصبح سلاحها الجوي موازياً من الناحية النوعية، للسلاح الجوي الإسرائيلي. وافادت ان طائرات الرصد والقيادة والسيطرة الجوية (اواكس) وقاذفات (اف 15) تمنح سلاح الجو السعودي القدرة على قصف أهداف بعيدة المدى. وأشارت الدراسة إلى قلق إسرائيلي من نية السعودية الحصول على غواصات حديثة.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تلقى عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي «رسالة خاصة» من رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكنيست يوفال شتينتز تتناول قضية مشتريات الأسلحة التي تحصل عليها السعودية من الولايات المتحدة وتصف هذه القضية بأنها تمثل تهديداً استراتيجياً لإسرائيل. وكان اللوبي اليهودي قد حاول إثارة لغط حول وجود طائرات عسكرية سعودية في قاعدة تبوك الجوية بدعوى أنها تهدد إسرائيل. إلا أن السعودية قالت انه ليس من حق أي جهة مجرد الحديث عن هذا الموضوع لان القاعدة السعودية تقع داخل أراض سعودية. وفي تعليق من الإعلامي خالد الفرم، ابن عم النقيب سلطان الفرم الذي توفي في حادث تحطم طائرة (إف 15) امس، أشار إلى أن الطيار، 32 عاماً، متزوج ولديه بنت وحيدة عمرها 5 أعوام تدعى دعد، وأنه تلقى جزءاً كبيراً من تعليمه الأولي في الولايات المتحدة الأميركية قبل أن يلتحق بكلية الملك فيصل الجوية.

وكان والد النقيب قد تقاعد من الحرس الوطني برتبة لواء، حيث تولى قيادة لواء بن سعود الآلي في المنطقة الشرقية التابع للحرس الوطني، الذي شارك في تحرير مدينة الخفجي أثناء حرب الخليج عام 1991 من القوات العراقية. وللفقيد شقيقان، هما عبد العزيز، ضابط في الأمن المرافق مع الأمير عبد الله بن عبد العزيز، وبندر، ضابط في وزارة الداخلية.

وقال خالد لـ«الشرق الأوسط» ان آخر اتصال لسلطان كان مع زوجته قبل ساعات من وفاته، أخبرها فيه أن لديه مهمة عاجلة وسيلحق بها في المناسبة الاجتماعية المتوجهة اليها.

ويشير مقربون منه إلى أنه كان يتوقع أن تكون وفاته بحادث تحطم طائرة، بعد أن فقد 4 من أصدقائه في حوادث طيران مشابهة خلال السنوات القليلة الماضية. وقال خالد: «أول من بلغ بالخبر كانت زوجته، حيث أخبرت في البداية بأن الطائرة الخاصة به وقعت، والبحث ما زال جار عنه، ثم أخبروها ووالده أنه تم العثور عليه وتم نقله إلى المستشفى، وعندما وصلوا إلى المنطقة الشرقية أخبروهم بأنه توفي في الحادث».

وتجدر الإشارة الى أن النقيب سلطان الفرم شارك في حرب الخليج الثانية ضمن قوات الاستطلاع، وحصل على العديد من الأوسمة والشهادات التقديرية طوال فترة عمله.