واشنطن ولندن تتقبلان استقالة كاي بشجاعة وتؤكدان إمكانية العثور على أسلحة دمار شامل

المتحدث باسم البيت الأبيض: ما زلنا واثقين من أن مجموعة مسح العراق ستكشف الحقيقة بشأن نظام صدام حسين

TT

سعى مسؤولون اميركيون وبريطانيون امس الى التقليل من شأن استقالة ديفيد كاي رئيس الفريق الاميركي للبحث عن اسلحة الدمار الشامل العراقية، بالتأكيد على ان برامج الاسلحة العراقية كانت تشكل خطراً حقيقياً، وان امكانية العثور على ادلة تثبت وجودها ما تزال قائمة.

وكان كاي قد قدم اول من امس استقالته من رئاسة فريق التفتيش الذي تشرف عليه وكالة المخابرات المركزية الاميركية (سي آي ايه) قائلا انه وفريقه لم يعثروا على مخزونات جديرة بالاعتبار تثبت وجود برامج لانتاج اسلحة كيماوية او بيولوجية في العراق.

واردف «لا اعتقد انها موجودة. ما كان يتحدث عنه الجميع هو مخزون انتج بعد انتهاء حرب الخليج (عام 1991) ولا اعتقد انه كان هناك برنامج انتاج كبير في التسعينات».

لكن سكوت ماكليلان المتحدث باسم البيت الابيض قال «ما زلنا واثقين بان مجموعة مسح العراق ستكشف الحقيقة بشأن نظام صدام حسين وبرامج اسلحة الدمار التي كانت لدى هذا النظام».

وقال السناتور جون روكفلر «يبدو بدرجة متزايدة ان مخابراتنا كانت مخطئة بشأن اسلحة العراق وضاعفت الادارة الاميركية من هذا الخطأ من خلال المبالغة في التهديد النووي وعلاقات العراق بتنظيم القاعدة». وأضاف «ونتيجة لذلك، فان الولايات المتحدة تدفع ثمنا فادحا للغاية».

وحتى قبل ساعات من الاعلان عن استقالة كاي، جدد ديك تشيني نائب الرئيس الاميركي تأكيدات تقول انه سيمكن العثور على وجود برامج لانتاج اسلحة دمار شامل، مضيفا ان المقطورتين اللتين عثر عليهما بعد الحرب، واللتين يعتقد انهما تمثلان مختبرا متنقلا، تقدمان دليلا على وجود ذلك البرنامج. وقال للاذاعة العامة ان.بي.آر «ان ذلك سيتطلب مزيدا من الوقت لرؤية جميع الحفر في العراق حيث يمكن توقع العثور فيها على شيء ما من هذا القبيل».

وقالت وكالة المخابرات المركزية ان مفتش الاسلحة السابق تشارلز دولفر الذي اعرب في السابق عن شكوكه في انه سيعثر على اسلحة غير تقليدية في العراق سيخلف كاي في منصبه.

وقال جورج تينيت مدير وكالة المخابرات المركزية «نظرا لخبرته في برامج الاسلحة العراقية وادراكه لطبيعة ومدى الجهود العراقية في اخفاء تلك البرامج، فلا اعتقد ان هناك افضل من تشارلز دولفر ليقوم بهذا العمل الهام».

واكد انه يعتمد على دولفر وفريق التفتيش في العراق «لمواصلة التقدم في الاشهر المقبلة من اجل تحديد وضع برامج اسلحة الدمار الشامل للنظام العراقي السابق».

وكان دولفر خبير الاسلحة شكك بدوره مؤخرا في وجود اسلحة دمار شامل في العراق، وقال لشبكة التلفزة العامة بي بي اس ان «امكانية العثور على اسلحة كيماوية وبيولوجية قريبة من الصفر في الوقت الراهن». ولكنه اكد الجمعة للصحافيين انه ينطلق بدون احكام مسبقة، وقال «لا اعرف ماذا سينجم عن ذلك، لا اريد ان اسبق الامور»، ووصف تصريحاته السابقة بانها «مشاعر شخص غير مشارك في الامر». وتابع ان هدفه «هو معرفة ما قد حصل على الارض وما كان عليه وضع برامج الاسلحة العراقية»، مؤكدا ان تينيت قال له انه لا يريد «سوى امر واحد، الحقيقة اياً كانت».

وكان كاي اكد في ديسمبر (كانون الاول) الماضي انه يرغب في التنحي عن مهامه التي يشغلها منذ مايو (ايار) لاسباب شخصية وعائلية.

ورغم جميع الشكوك التي اثارتها استقالة كاي، فقد أصر توني بلير رئيس وزراء بريطانيا على موقفه بانه سيتم العثور في نهاية الامر على اسلحة دمار شامل في العراق رغم اعلان اكبر المفتشين عنها انها غير موجودة.

وقال متحدث باسم بلير «من المهم ان يتحلى الناس بالصبر وندعو مجموعات البحث في العراق الى ان تؤدي عملها. ما زال هناك مزيد من العمل يتعين القيام به وسننتظر نتائج ذلك. ولكن موقفنا لم يتغير».

وكان بلير قال في مقابلة اجريت معه مؤخرا «ما عثروا عليه بالفعل كم كبير من الادلة عن عمليات سرية كان ينبغي كشفها للامم المتحدة. ما جدوى امتلاك كل آليات الاخفاء المحكمة تلك لو لم يكن لديهم شيء يخفونه».

ولكن دونالد اندرسون، وهو عضو في حزب العمال الحاكم بزعامة بلير ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان، قال لتلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) «يبدو ان الميؤوس منه على نحو متزايد وجود اي فرص الان للعثور على تلك المخزونات».

وقال حزب الاحرار الديمقراطيين البريطاني المعارض ان تصريحات كاي تثير شكوكا خطيرة بشأن حجج الحكومة للحرب العراقية.

وقال متحدث باسم الشؤون الخارجية للحزب «هذه ضربة قوية اخرى لمصداقية حجة الحكومة البريطانية بان العراق كان يمثل مثل هذا التهديد الخطير للمملكة المتحدة الذي لا يمكن التخلص منه الا بالعمل العسكري».

وقال محمد البرادعي رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية امس انه لم يندهش للنتيجة التي توصل اليها كاي. واضاف على هامش الاجتماع السنوي لمنتدى الاقتصاد العالمي في دافوس بسويسرا «لقد قلنا بالفعل قبل الحرب انه لا توجد ادلة على ذلك (وجود اسلحة دمار شامل)، وبالتالي لا يوجد ما يثير الدهشة في هذا».

لكن البرادعي الذي كان مسؤولا مع هانس بليكس كبير مفتشي الامم المتحدة عن البحث عن الاسلحة المحظورة في العراق امتنع عن التعقيب مباشرة على استقالة كاي.

ودأب المسؤولون الاميركيون والبريطانيون على القول ان خطر انتاج اسلحة دمار شامل في العراق كان خطرا حقيقيا، حتى وإن لم يستأنف العراق انتاج هذه الاسلحة بعد عام 1991، فالعراق كان يملك الخبرة العلمية والعملية الكافية لاعادة انتاجها، كما ان سياسات الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين كانت تقدم بحد ذاتها دليلا كافيا على انه يعتزم اعادة بناء برامجه لاسلحة الدمار الشامل بمجرد انتهاء نظام العقوبات الذي كان مفروضا على العراق.