تقارير: «البنتاغون» يخطط لضرب سورية.. و«تغيير النظام» من بين أهداف الإدارة الأميركية

تكثيف الانتشار العسكري الأميركي على الحدود العراقية ـ السورية وعمليات تسلل واختراق للأجواء

TT

ذكرت تقاريرغربية نقلا عما وصفته بـ«مصادر استخباراتية اميركية» ان وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد يدرس توسيع نطاق ما تسميه الحرب الوقائية على الارهاب لتشمل ضربات ضد «حزب الله» وضربات في الصومال. ولم تنف وزارة الدفاع الاميركية «البنتاغون» في اتصال هاتفي أجرته معها «الشرق الاوسط» تلك التقارير.

وقال متحدث باسم «البنتاغون»: «ان اي قرار يتخذه بشأن اي عمليات مستقبلية سيتم بمشاركة الادارة كلها». وعند تكرار السؤال حول ما ورد في تقارير عن ان «البنتاغون» يكثف من عمليات جمع المعلومات عن سورية وقدراتها العسكرية وعن «حزب الله» ، رد المسؤول «ان مهمة البنتاغون هي السعي وراء المعلومات والاماكن التي قد تكون مسرحا للعمليات». وكانت دورية «جينس انتليجينس دايجست» المعنية بمتابعة الاخبار الاستخباراتية والعسكرية والمعروفة بقربها من دوائر الاستخبارات الغربية قد ذكرت في تقرير لها الاربعاء الماضي ان رامسفيلد ـ الذي يعتبر من صقور ادارة الرئيس جورج بوش ـ طلب النظر في امكانية توجيه ضربة لقواعد «حزب الله» في لبنان الأمر الذي سيجر سورية على الارجح الى النزاع. وذكرت الدورية التي مقرها الرئيسي في لندن ان من بين الأهداف الاستراتيجية المحتملة لواشنطن في سورية الضغط على دمشق لإنهاء دعمها للمجموعات الفلسطينية المقاومة للاحتلال الاسرائيلي والتخلي عن أسلحة الدمار الشامل المزعومة والانسحاب من لبنان و«اطاحة النظام» إضافة إلى تحطيم «حزب الله». وذكرت المجلة ان سورية هي احدى الدول التي ترشحها الادارة لعملية «تغيير نظام» مثلما حدث في افغانستان والعراق مثلها مثل ايران. وحسب المطبوعة فان القوات الأميركية كثفت انتشارها في العراق على الحدود مع سورية وانها تتسلل من حين الى آخر داخل الاراضي السورية كما ان الطائرات الاميركية تخترق الاجواء السورية. ويسرد التقرير تفاصيل اشتباكات بين انصار الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين وبين القوات الأميركية التي عبرت الحدود السورية مما تسبب في مقتل العشرات بمن فيهم سوريون. وبالنسبة للصومال يقول التقرير ان القوات الأميركية اخترقت مرارا وتكرارا الاراضي الصومالية في العامين الماضيين للقيام بعمليات رصد ومراقبة وربما اختطاف المشتبه فيهم المطلوبين في اطار التحقيقات في الهجمات الانتحارية في نوفمبر (تشرين الثاني) في مومباسا في كينيا.

وعلى الرغم من ان التقرير لم يلق صدى كبيرا في وسائل الاعلام ، قامت وزارة الدفاع بتوزيع الخبر ـ في ما بدا وكأنه عمل متعمد ـ في منشورة يومية توزعها بالاشتراك مع وزارة الخارجية الاميركية تحتوي على مقتطفات من اخبار الصحف اليومية اسمها «ايرلي بيرد» وهو ما لفت نظر انتباه بعض المحللين الى ان البنتاغون ربما أراد التنبيه للخبر والتأكيد على مضمونه بما يشكل تهديدا غير مباشر وضمني لـ«حزب الله» ولـ«سورية». وتم ايضا نشر الخبر حول خطط رامسفيلد في جريدة «جيروسليم بوست» الاسرائيلية الصادرة باللغة الانجليزية صباح اول من أمس ، وهو ما اكد تصور ان الهدف من النشر المزدوج في اسرائيل واميركا ومن قبل دورية جينيس هو لفت الانتباه للتقرير. وكانت مجموعة «نايت ريدر للنشر» والتي تنشر عددا كبيرا من الجرائد والمطبوعات في الولايات المتحدة قد نشرت مقالات تتحدث عن كيف ان الادارة الاميركية تبحث الان خطوات سيتم اتخاذها ضد سورية. وقالت في تقرير في 12 يناير (كانون الثاني) استنادا الى مصادر في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية «سي آي ايه» ان الادراة مستاءة من سورية التي قال التقرير عنها انها تزيد من دعمها لـ«حزب الله» وتسمح للمقاومة بعبور الحدود السورية الى العراق لمقاتلة قوات الاحتلال الاميركية.

وفي تحليله لرد فعل البنتاغون على التقارير قال جيمس لوب الكاتب في دورية «فورين بوليسي ان فوكس» والمتابع لشؤون المحافظين الجدد واليمين الاميركي: «هناك شخص ما يفكر ويقول اننا بحاجة لإفزاع سورية». واعتبر لوب ان الامر لا يعدو تسريبا متعمدا لنقل فكرة للسوريين مفادها انه يمكن ضرب «حزب الله» وضربهم أيضا. لكن لوب قلل من احتمال حدوث ذلك فعلا لاسباب سياسية وظروف الانتخابات الرئاسية الاميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) من هذا العام. وقال « لا يمكن للادارة ان تسوق لضربة عسكرية جديدة. لن يتقبل ذلك احد في اميركا وسيخرج بوش من البيت الابيض». لكن لوب قال ان الضربة واردة في حال بقاء بوش وديك تشيني (نائب الرئيس الاميركي) المعروف عنه ميله لفكرة القيام بعمل عسكري ضد سورية ـ لا يشمل غزوا كاملا - في البيت الابيض. واضاف «قد يفعلون ذلك في المستقبل. لكني حقيقة لا ارى ماذا سيجنون اذا فعلوا ذلك الآن».

ويرجح لوب فكرة ان الهدف وراء تسريب التقارير الاستخباراتية هو اشعار سورية وحزب الله بخطورة موقفهم وهو ما اكده موقف مسؤول «البنتاغون» الذي رفض ان ينفي الخبر بالكلية حين سؤاله مرة ثالثة من قبل «الشرق الاوسط» وقال: «اكتفي بما ذكرته سابقا».

وتأتي التقارير الاميركية بشأن احتمال القيام بضربة ـ مقرونة بعدم النفي المتعمد من البنتاغون ـ على خلفية تصاعد التوتر في جنوب لبنان الذي تعرض الثلاثاء الماضي لغارات إسرائيلية ردا على مقتل جندي إسرائيلي في هجوم نفذه مقاتلو «حزب الله» ضد جرافة عبرت الحدود اللبنانية. وكان الطيران الحربي الإسرائيلي قد أغار على قاعدتين سابقتين خاليتين لـ«حزب الله» قرب قريتي علمان وزبقين وألحقت الغارات أضرارا مادية بإحدى المدارس الابتدائية كما أدت إلى تحطم زجاج ثلاثة منازل. ويواجه «حزب الله» وسورية ضغوطا غربية متزايدة ـ خصوصا أميركية ـ لتجنب تصعيد الوضع. ويرفض لبنان الاستجابة لضغوط من واشنطن وباريس لنشر الجيش اللبناني على الحدود قبل أن تنسحب إسرائيل من مزارع شبعا اللبنانية المحتلة.