أول استفتاء شعبي حول الوضع الدستوري لكردستان العراق

TT

نظمت اللجنة العليا للاستفتاء في كردستان العراق امس استطلاعا شعبيا هو الاول من نوعه منذ سقوط نظام صدام حسين لتحديد الوضع القانوني والدستوري للمنطقة. ولكن فضلا عن المدن الكردية فقد شمل الاستفتاء مدينتي الموصل وكركوك المتنازع عليها.

واجري الاستفتاء لبيان رأي مختلف القطاعات والاوساط الرسمية والشعبية حول تحديد الوضع القانوني والدستوري لكردستان العراق بعد تزايد التكهنات والاتجاهات حول كيفية التعامل مع الوضع الراهن في الاقليم والمتمثل بوجود البرلمان المنتخب وحكومتين منفصلتين في اربيل والسليمانية تخضعان لادارة الحزبين الكرديين الرئيسيين، الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني، وسط مخاوف من جراء التناقضات التي تثيرها بعض الاطراف السياسية داخل مجلس الحكم الانتقالي وعدم وضوح الرؤية الاميركية لمستقبل كردستان السياسي وصيغة الفيدرالية على اساس جغرافي وقومي.

بدأ الاستفتاء الميداني في اروقة جامعة صلاح الدين وقد نال اقبالا شديدا من قبل الاساتذة والطلاب بعد توزيع آلاف الاستبيانات التي شملت بالاضافة الى اربيل والسليمانية ودهوك مدينتي الموصل وكركوك كنموذج للمدن العراقية الاخرى التي تعيش فيها اكثر من قومية.

وقال الدكتور عبد الله محمد لـ«الشرق الأوسط» ان التجربة تعتبر حالة ديمقراطية بحد ذاتها بعد زوال النظام السابق، وهي خطوة كبيرة لمشاركة مختلف المذاهب والقوميات في مسألة حساسة تتعلق بمستقبل اكثر من خمسة ملايين من الاكراد الذين يواجهون اليوم مخاوف حقيقية حول كيانهم المستقبلي وتتضاءل الآمال حول تمتعهم بمسألة الفيدرالية والتي اصبحت عقدة رئيسية تهدد طموحاتهم المتمثلة بالحصول على كيان كردي ضمن عراق فيدرالي متعدد من دون الدعوة للانفصال او التقسيم، كما تروج لها بعض الاوساط في دول الجوار التي تخطط لاجهاض تلك التجربة هروبا من الانصياع الى مطالب الاكراد.

وأشارت سوسن سعدون من كلية الطب في اربيل، الى ان عملية الاستفتاء تأتي في وقت يزداد فيه القلق الكردي حول مستقبله السياسي المتمثل بكيان يرسي الملامح الاساسية للقومية الكردية بعد ان مارس الحالة الديمقراطية منذ اكثر من 12 عاما من الحكم الذاتي من خلال البرلمان المنتخب واعلان الحكومة الكردية. وقالت «ان المواقف المتشددة لبعض الاوساط العربية والتركمانية داخل مجلس الحكم ليست لها مبررات موضوعية توقف تلك التجربة». واضافت انها تتوقع ان تسجل نتائج الاستفتاء رفضا شعبيا لمفهوم الفيدرالية على اساس اداري من دون مراعاة مطالب الشعب الكردي والذي يعتزم ادارة شؤون بلاده الامر الذي لا يتقاطع مع مصلحة أي طرف آخر.

وقال اسو كريم سكرتير اللجنة العليا للاستفتاء في كردستان إن اللجنة انشئت في اواخر 2003 ومؤلفة من 48 عضوا يمثلون كافة الاحزاب على الساحة السياسية والشخصيات البارزة الداعية الى الديمقراطية والحقوق المدنية. واضاف: «تهدف اللجنة الى احترام حقوق الانسان من خلال الاستفتاء العام لمجمل القضايا المصيرية المتعلقة بالشأن الكردي ومن ابرزها كيفية وضع الدستور والقوانين وصيغة الحكم القادم من الناحية القانونية وذلك من خلال احترام الآراء التي تظهر خلال الاستفتاءات الميدانية والتي من المتوقع ظهور نتائجها خلال اسابيع اخرى».

واشار كريم الى الاستجابة الواسعة من قبل سكان اربيل والسليمانية ودهوك للمشاركة في الاستفتاء، حيث كانت في الموصل وكركوك على ما يرام بسبب تحمس المدينتين النموذجيتين للاخاء في جزء كبير من العراق لممارسة الديمقراطية والمشاركة في حق تقرير مصير.