حزب الله: «لن ننحني للعاصفة الأميركية» لكننا لا نسعى لإثارة أزمات في المنطقة

نائب أمينه العام قال لـ «الشرق الاوسط» إن الحزب يشتري سلاحه «بطريقة بسيطة جدا»

TT

اكد «حزب الله» اللبناني رفضه «الانحناء للعاصفة الاميركية لانها تهدف الى ابطال اصل وجود الحزب بالكامل». ودافع نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم عما وصفه بـ«السياسات الميدانية الحكيمة التي تعتمدها المقاومة والتي تثبت الحق ولا تتسبب بأزمات ومآزق». مشدداً على القول «اننا ندافع عن انفسنا ولسنا في وارد القيام بأعمال تقلب الموازين وتذهب بالمنطقة الى طريق اللاعودة».

ونفى قاسم في حديث لـ«الشرق الأوسط» ان يكون «حزب الله» يتلقى سلاحه من ايران عبر سورية، مؤكداً ان «سوق السلاح مفتوحة والحزب يشتري سلاحه منها بطريقة بسيطة جداً». وفي حين رفض قاسم الخوض في تفاصيل «قدرة الردع الصاروخية» لدى الحزب فانه «طمأن» الاسرائيليين ان «رد حزب الله على اي اعتداء واسع لن تكون كلفته قليلة ابداً».

وطالب الدولة اللبنانية بأن تفكر بـ«اجراء معين» حيال السفير الاميركي فنسنت باتل. واتهمه بـ«اهانة لبنان واللبنانيين» بعد تصريحاته الاخيرة التي اتهم فيها الحزب باستفزاز الاسرائيليين. وفي ما يلي نص الحديث:

* هل ستستمر الغارات الاسرائيلية الاخيرة بعد تدمير الجرافة عند الحدود من دون رد؟

ـ «حاول الاسرائيليون من خلال دخول الجرافة الى الاراضي اللبنانية ان يفرضوا معادلة جديدة تجعل هناك إلفة لتكرار دخولهم الاراضي اللبنانية تحت ذرائع مختلفة منها نزع الالغام او تفقد السياج الحدودي. وقد ارادت المقاومة بردها ارسال رسالة واضحة ترفض اي تعديل لمصلحة اسرائيل في المعادلة القائمة. نحن لسنا في وارد ان نحصي الخروق وان نحصي الردود عليها، ونحن نشدد على عدم تثبيت اي معادلة وفق المنطق الاسرائيلي والتأكيد على معادلة ان الاعتداء الاسرائيلي جواً او بحراً او براً يواجه بدفاع مناسب من قبل المقاومة. وتطبيق هذا الرد يدخل ضمن الجزئيات والتقدير. وما حصل من رد اسرائيلي على تدمير الجرافة، لا نعتبر ـ في هذه المرة ـ انه يستحق الرد، لكن هذا لا يعني انه يعبر عن معادلة جديدة».

* اذاً، تعتبرون الغارات محاولة حفظ ماء الوجه؟

ـ «لقد افتضح امر الاسرائيليين امام العالم، فقد قدموا تفسيرات مختلفة لما حصل تبين كذبها، واضطروا للاعتراف بهذا الامر، اذاً ليس لديهم مبرر للقيام باعتداء واسع لان ما قاموا به هو اعتداء بكل ما للكلمة من معنى، وما قامت به المقاومة دفاع. وبهذه الغارات كانوا يحاولون اثبات الوجود او القول إنهم ردوا على عملية المقاومة».

* وصف رئيس الجمهورية العماد اميل لحود تدمير الجرافة بأنه «ردع مناسب»، لكن بعد بضع ساعات اطل السفير الاميركي مطالباً بمنعكم من «استفزاز اسرائيل»؟

ـ موقف رئيس الجمهورية من المقاومة معروف وهو داعم ومؤيد ولا نعتبر ما قاله جديداً، بل هو جزء من مسار جيد وتعبير عن رؤية. وهذا الامر متبنى، ولو بتعابير مختلفة من حيث القوة او الضعف من كل المسؤولين اللبنانيين. ولا اعتقد ان احداً من المسؤولين في لبنان الا ويتبنى حق المقاومة. وفي المقابل، فإن تصريح السفير باتل يصلح ان يكون بياناً للحكومة الاسرائيلية. هو لم يرَ اختراق الاراضي اللبنانية، بل رأى الدفاع الذي قام به «حزب الله». الموقف الاميركي منحاز ومسبق، فنحن نستطيع ان نقرأ البيان الاميركي قبل وقوع الحدث وفق آلية واحدة ومنطق واحد، اي سيقولون ان اسرائيل تدافع عن نفسها والمقاومة ارهاب.

من المفروض ان تفكر الدولة اللبنانية بإجراء معين تجاه هذا السفير الذي يسيء الى الشعب اللبناني ومقاومته ويتصرف بطريقة فيها اهانة كبيرة لهذه الدولة. فلا بد ـ على الاقل ـ لاي سفير مراعاة الاعتبارات الدبلوماسية والسياسية، لكن يبدو ان الاميركي يتصرف بعنجهية. هذا الامر برسم الدولة اللبنانية، وعليها ان تقدم الاعتراض اللازم، وان تطالب السفير الاميركي بالتوقف عن اهانة لبنان واللبنانيين».

* الموقف الاميركي منكم واضح، وهو لا يقتصر على السفير، فهل تتخوفون من الضغوط التي تمارس حالياً على سورية ولبنان؟

ـ «يبدو اننا سنصبح على إلفة مع الضغوط الاميركية المتكررة منذ نحو 20 سنة. ولا ارى شيئاً جديداً سوى المزيد من الايغال في الضغط السياسي والاعلامي ومحاولة حشر لبنان وسورية في زاوية ضيقة كي يتنازلا عن بعض مواقع القوة التي يملكانها.

ولا ارى ان الامر سيتغير. نعم توجد ضغوط وهذا واضح، لكن لا اعتقد انه من الوارد التنازل لان هذه الضغوط تحاول ان تأخذ كل شيء، على قاعدة الخطوات المتوالية، من دون ان تعالج المشاكل الاساسية الموجودة في المنطقة. لذا الافضل الصمود والتصدي والمواجهة وعدم الاستسلام للمطالب، ليكتشفوا اننا قوم لا نقبل ان تؤخذ ارضنا ولا نقبل الخضوع للضغوط والتهويل، على الاقل المقاومة تفتح افاق حلول ايجابية محتملة لصالحنا، والتسليم والموافقة على ما تريده اسرائيل يؤدي الى زلل محتم ومعروف النتائج».

* هل انتم مع مبدأ «الانحناء للعاصفة»، وهل نضع الهدوء الذي شهدته الحدود في هذا الاطار؟

ـ «اذا كان الانحناء للعاصفة يعني التسليم بالمطالب الاميركية فهذا مرفوض. واذا كان المقصود ان تكون الاعمال فيها ابراز لحق واضح، فهذا ما تقوم به كل الاطراف. هم يريدون عدداً من المطالب لا تبقي شيئاً في منطقتنا، ومع اضافة الكثير من المطالب المشابهة، تكون النتيجة النهائية تعني ابطال قدرة لبنان على ان يقول لا لأي شيء وابطال قدرة سورية على ان تطالب بحقها وتعطيل قدرة الفلسطينيين على الاعتراض على المشروع الاسرائيلي حتى لو اكلهم بالكامل، هذا امر مستحيل وغير قابل للتطبيق.

كل من يراقب الاداء السياسي والميداني في المنطقة يرى انه توجد حكمة كبيرة في الاداء السوري واللبناني واداء المقاومة، بحيث يبرز هذا الاداء الحق والقدرة من دون ان يكون هناك اي عمل يسبب ازمات او مآزق. نحن في موقع رد الفعل، ولسنا في وارد القيام بأعمال تؤدي الى قلب الموازين واثاره المنطقة في طريق اللاعودة.

والعمليات في مزارع شبعا تأتي كجزء من هذا الخط الذي نتبعه والذي نرى فيه كفاية ما نقوم به للتعبير عن استمرار المقاومة وللتأسيس لتحرير مزارع شبعا والاراضي المحتلة. هذا امر يعود للتكتيك التنفيذي الذي نراه ملائماً ولا يدخل في دائرة الانحناء لعاصفة او تراجع عن مواقف».

* من جملة الاتهامات الاميركية لسورية، تسهيل مرور السلاح الايراني الى «حزب الله»، وآخرها طائرات المساعدات السورية بعد زلزال بام؟

ـ «تهمة ارسال السلاح عبر طائرة المساعدات سخيفة. لا تتوقف قدرة «حزب الله» وقوته على طائرة سلاح او طائرتين حتى تنقلب المعادلة وتنقلب الموازين. هي جزء من خطة اسرائيلية للبحث دائماً عن عنوان لاثارة قضية، علماً بان الطيران بين سورية وايران يومي، لكنهم يريدون اعطاء شكل بوليسي للفكرة. «حزب الله» لا يحتاج الى هذه الطريقة للحصول على السلاح المناسب. فالسوق الدولية والمحلية مليئة بالاسلحة التي تنتقل بالشراء وبوسائل بسيطة جداً في كل المنطقة. هذا الامر ليس محل حاجة و«حزب الله» عنده من الاكتفاء ما يجعله قادراً على مواجهة الاستحقاقات من دون هذه السبل والطرق».

* وهل هو قادر على اصابة العمق الاسرائيلي، كما تلمحون دائماً بالقول انكم قادرون على «رد مؤلم» على الاعتداءات الاسرائيلية؟

ـ «لن ندخل في تفاصيل الرد، لكن ما نقوله إن اسرائيل تعلم قبل غيرها ان «حزب الله» لا يمكن ان يسكت في مواجهة اعتداء اسرائيلي واسع او استثنائي على لبنان. وسيكون هناك رد قاس وموجع. اما التفسير لمعنى موجع وقاس فنتركه للايام ولمغامرات الاسرائيليين اذا كانوا قادرين على تحمل ثمن اي حماقة قد يقومون بها. فمن حقنا ان ندافع عن انفسنا وبلادنا بكل الوسائل. اما الحجم والتفاصيل فهي جزئيات، وهي جزئيات تهم الاسرائيلي ليرى ما اذا كانت الكلفة كبيرة او قليلة. ونحن نبشرهم ان الكلفة لن تكون قليلة».

* ما جديد موضوع تبادل الاسرى مع اسرائيل، لقد وصلت الامور الى «نهاياتها» قبل ان تتعقد ثانية؟

ـ «ليس عندي تعليق على موضوع الاسرى والمعتقلين، وعندما يكون هناك اي تطور سلبي او ايجابي يمكن الحديث عنه. والامين العام للحزب السيد حسن نصر الله سيتولى اطلاع الرأي العام على النتائج في وقتها المناسب والملائم. ما اقوله هو انه ملف مستمر. اما التفاصيل فهي شأن لا نتحدث عنه عادة لوسائل الاعلام».

* لقد حصر «حزب الله» هذا الملف تفاوضاً واعلاماً بأمينه العام، لماذا هذه الآلية؟

ـ «نحن نعتبر ان ملف الاسرى والمعتقلين من الملفات الحساسة والدقيقة جداً وهناك شوق دائم لدى المواطنين والصحافيين والدبلوماسيين لمتابعة تفاصيل وجزئيات هذا الملف الغامض والحساس. فإذا تحول الى ملف اعلامي وتحولت المفاوضات الى مفاوضات عبر وسائل الاعلام، فهذا يضر بالملف ويؤثر في النتائج المتوخاة ويفتح المجال للنقاشات والمعلومات والتفاصيل التي قد تكون في اغلبها غير صحيحة. بمعنى آخر سيدخل الملف في اطار «البازار» القصصي وتكثر المصادر الخفية والمعلنة والمسؤولة وغير ذلك، التي تريد ان تبرز نفسها بشكل او بآخر. هذا الملف خاص ويحتاج الى ادارة دقيقة وعندما تكون هناك نتيجة تفيد الرأي العام او تؤدي الى تسليط ضوء مطلوب من قبل الاطراف المعنية على هذا الملف يعلن عنها في حينها».