الانتخابات البلدية اللبنانية يتجاذبها خيارا الإجراء والتأجيل والمعارضون أعدوا العدة لمواجهة مرحلة ما بعد الخيارين

TT

يوماً بعد يوم يؤكد المسؤولون اللبنانيون بمواقفهم وممارساتهم مدى التزامهم الجدي بما سمي «الهدنة الرئاسية» التي كانت فرضتها قبل اشهر نصيحة سورية تلقاها هؤلاء المسؤولون تدعوهم الى الخروج من دوامة الخلافات التي بلغت في مرحلة من المراحل حدود إلحاق الأذى بالموقف اللبناني ـ السوري الموحد في مواجهة التطورات الاقليمية والدولية المتلاحقة.

وانسجاماً مع هذه النصيحة السورية توقف الكلام نهائياً على موضوع التغيير الحكومي، الذي غالباً ما كان يساهم في تأجيج الخلافات نتيجة اثارة حفيظة هذا الفريق السياسي او ذاك، وبخاصة ان كثيرين يعتبرون ان لا موجب لهذا التغيير، كما انه لن يحقق تغييرات تذكر سواء في التوازنات السياسية بل سيعيد غالبية الوزراء الحاليين الى الحكومة.

قطب نيابي قال أخيراً لـ«الشرق الأوسط» ان الواقع الذي يسود حالياً نتيجة الانشغال في درس مشروع موازنة السنة الجارية وإقراره في مجلس النواب الذي قد يتأخر حتى نهاية مارس (آذار) المقبل لأن لجنة المال والموازنة لم تنجز بعد درس موازنات الوزارات، وكذلك التحضير للانتخابات البلدية والاختيارية التي اعلن وزير الداخلية الياس المر انها ستجري بين 15 ابريل (نيسان) ومطلع مايو (ايار) المقبلين، فضلاً عن البحث في ما آل اليه موضوع تخصيص الهاتف الجوال وما ينبغي اتخاذه من خطوات في هذا الصدد بعد فشل المزايدة والمناقصة العالميتين. كل هذه التطورات تجعل من المستحيل فتح اي موضوع حكومي ولو من باب اجراء تعديل معين في الحكومة الحالية.

وأضاف المصدر نفسه ان مصير الانتخابات البلدية والاختيارية ما زال يكتنفه شيء من الغموض، لأن التحضير لها في المدن والبلدات اللبنانية في كل المناطق لم يسجل اي «حماوة» بعد، اذ يشعر الوزراء والنواب، وحتى المسؤولون الذين يجولون في المناطق كل اسبوع، ان الناخبين تساورهم شكوك في امكانية حصول هذه الانتخابات. وان شكوكهم تزداد عندما لا يلمسون اي تشجيع من هؤلاء النواب او الوزراء على التحضير لها. وتابع ان سبب عدم التشجيع النيابي والوزاري للقوى الناخبة على التحضير للانتخابات ليس وجود معطيات معينة لدى الوزراء والنواب حول احتمال عدم حصول الانتخابات، بل الى انهم لا يجدون فائدة انتخابية لهم في المشاركة بهذه الانتخابات التي تتداخل فيها العوامل العائلية بالسياسية. فالنائب يريد اجتذاب جميع الناخبين في دائرته اليه في الانتخابات النيابية. ولذا فهو يحاذر من ان يناصر لائحة او مرشحاً في الانتخابات البلدية، في هذه المدينة او البلدة ضد آخر لأنه اذا ربح فريقاً فإنه سيخسر الفريق الآخر، فيما هو يحتاج الى الفريقين في الانتخابات النيابية حيث لا مكان للعائلية او العشائرية فيها. ورأى المصدر ان من الخطأ اعتبار الانتخابات البلدية والاختيارية المقبلة بمثابة اختبار انتخابي للمرشحين للانتخابات النيابية المقررة ربيع عام 2005، لأن النواب الحاليين سيحاذرون من المشاركة فيها ولو بالايحاءات. غير ان المعارضين سيغتنمون هذه الانتخابات مناسبة لإثبات قوتهم الانتخابية على الارض، مستفيدين من تجربتهم في الانتخابات الفرعية التي جرت في دائرة عاليه- بعبدا العام الماضي وفاز فيها هنري حلو خلفاً لوالده النائب الراحل بيار حلو على مرشح «التيار العوني» حكمت ديب بفارق 3 آلاف صوت. ولوحظ ان التيار العوني وبقية القوى السياسية المعارضة بدأت التحضير لخوض الانتخابات البلدية، وكذلك التحضير لاحتمال عدم حصولها، حيث انه في حال تأجيلها سيشنون حملة على النظام بذريعة تعطيل الحياة الديمقراطية في البلد عبر تعطيل الارادة الشعبية التي تنتخب المجالس البلدية والاختيارية، وهي نفسها التي تنتخب مجلس النواب.

اما موضوع القانون الجديد للانتخابات البلدية الذي ما زال قيد الدرس في اللجان المختصة في البرلمان اللبناني، فإن امر اجراء الانتخابات البلدية على اساسه يبقى رهناً بصدوره قبل موعدها. ولكن صدر في الآونة الاخيرة عن بعض المراجع المعنية، مما يشير الى ان هذا القانون اذا لم يصدر في حينه فستجري الانتخابات على أساس القانون الحالي والذي كانت اجريت الانتخابات السابقة على اساسه في مايو (ايار) عام 1998 .