وزارة النفط العراقية تؤكد وجود وثائق لديها حول «المخصصات النفطية» وارتباك وتردد بين نفي لـ«حملة مغرضة» واقرار بـ«عمل تجاري» في القاهرة وعمان ودمشق

صحافي مصري: عرضوا علي فرفضت.. وهذا هو الدليل * رجل أعمال أردني: ما قمت به عمل تجاري بحت

TT

أكد مسؤول كبير في وزارة النفط العراقية امس ان لدى وزارته ملفات ووثائق تدل على تسلم العديد من المسؤولين والبرلمانيين والسياسيين والصحافيين والاحزاب في البلدان العربية وبلدان اخرى ملايين البراميل النفطية من نظام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين تثمينا لما قاموا به من دعاية من اجل النظام خلال السنوات الماضية .

وقال عبد الصاحب سلمان قطب الوكيل الأقدم لوزارة النفط ان هذه «الوثائق تعود لشركة تسويق النفط العراقية (سومو) التابعة لوزارة النفط والتي كان يديرها في ذلك الوقت صدام زبن رجل المخابرات وابن عم الرئيس المخلوع صدام حسين».

واضاف ان «الوثائق تفضح وبشكل دامغ كيف كان النظام السابق يبدد ثروات العراق النفطية على الشخصيات التي كانت تسانده في اخطائه وتزمر وتطبل له وتتغافل عن المقابر الجماعية والظلم الذي كان يتعرض له ابناء الشعب العراقي».

واشار الى ان «عددا كبيرا من هذه الوثائق تمت سرقتها في عمليات النهب والسلب التي تعرضت لها المؤسسات الرسمية العراقية بعد سقوط النظام في التاسع من أبريل (نيسان) الماضي وتسربت الى وسائل الاعلام».

واكد المسؤول العراقي ان «الوزارة ستقوم في الوقت المناسب بفضح كل هؤلاء الشخصيات والاسماء والسياسيين، وملاحقتهم قضائيا وعمل كل ما هو مستطاع من اجل استرداد اموال الشعب العراقي».

وقال ان «الوزارة تجمع كل المعلومات حول هذه المواضيع من اجل عرضها على الشرطة الدولية (الانتربول) من اجل ملاحقة تلك الشخصيات وكل من عمل على ايذاء الشعب العراقي طوال تلك السنين الماضية».

وكانت صحيفة «المدى» العراقية اليومية المستقلة قد نشرت امس قوائم بأسماء من وصفتهم بأنهم تسلموا البراميل النفطية واكدت حصولها على وثائق في هذا الشأن، وأوضحت ان «هذه المخصصات النفطية تعود الى المرحلة الثالثة من «اتفاق النفط مقابل الغذاء» الذي كانت تشرف عليه الأمم المتحدة لان التخصيص كان في المرحلتين الأولى والثانية لشركات تمتلك المصافي».

وبحسب الصحيفة التي نشرت القوائم فان هذه الشخصيات والمؤسسات يقدر عددها بأكثر من 270 من حوالي خمسين دولة عربية واجنبية منهم رؤساء احزاب وبرلمانيون وابناء رؤساء دول وحكومات عربية واجنبية.

ومن هذه الدول 16 دولة عربية و17 دولة أوروبية و9 دول اسيوية و4 دول أفريقية ومن أميركا الشمالية والجنوبية.

ونشرت الصحيفة صورا من احد العقود وقد ظهر عليه توقيع الرئيس السابق لشركة تسويق النفط (سومو) يعود تاريخه الى 31 ديسمبر (كانون الأول) عام 1999.

وفي القاهرة سادت حالة من الارتباك مجتمعي السياسة ورجال الأعمال عقب نشر الصحيفة العراقية القائمة التي ضمت أحد عشر مصريا بينهم سياسيون وصحافيون ورجال أعمال وشركات.

وفي أول رد فعل نفى مسؤولون في «مؤسسة الملتقى الدولي للصحافة والنشر» التي تصدر صحيفة باسم «الملتقى» حصولهم علي أية عقود نفطية من العراق، وقال مسؤول بالصحيفة طلب عدم ذكر اسمه ان كل علاقتهم بالعراق اقتصرت على توزيع صحيفة «الملتقى» عبر مؤسسة الظلال العراقية للتوزيع.

ومن ناحيته نفى الصحافي الناصري عبد العظيم مناف رئيس تحرير صحيفة «صوت العرب» حصوله على نفط عراقي، وقال ان لديه خطابات رسمية عراقية يعرضون فيها هذا الموضوع ولديه ايضاً وثائق رسمية تثبت رفضه الدخول في هذا الموضوع او تلقي النفط العراقي.

وقد ارسل مناف الى «الشرق الأوسط» فاكساً مؤرخاً بتاريخ 23 مارس (آذار) 2000 ارسله الى العراق يرفض فيه أي علاقة مع الجانب العراقي خاصة بالنفط او التجارة عموماً، وقال في الفاكس «نعتذر عن عدم القيام بهذا الدور التجاري لأننا لسنا متخصصين في التجارة (...) ولأننا، وهذا هو الاساس، نفضل دائماً أن بقى في السياسة فنبتعد عن التجارة تحديداً للهوية والمهمة والمهنة».

وأكد مناف انه سيقدم هذه الاوراق في حالة فتح أي تحقيق رسمي في هذا الخصوص.

واشار الى ان كل تعاملاته مع العراق انحصرت في توزيع صحيفة «صوت العرب» عبر الشركة الوطنية للتوزيع، مشيراً الى ان حصته في بيع الصحيفة لم تصل له الى الآن. وقال ان امواله لا تزال موجودة في العراق حتى الآن لدى الشركة.

وذكر مناف ان قصة البترول تنقسم الى ثلاث مراحل; تخصيص وتسلم وتسويق وهو لم يتسلم او يسوق اذا كانت خصصت له حصة من هذا البترول.

وقال مناف انه لا يرى عيباً ولا يدين الذين حصلوا على هذه الحصص «لأن هذا النفط كان بالتأكيد مقابل أعمال تجارية قاموا بها مع العراق». وجدد نفيه عدم حصوله على حصة من هذا النفط.

وأشار مناف الى ان هذا الامر لا يخفى على أحد وان الحكومات تعرف اسماء مواطنيها وشركاتها التي حصلت على هذه الحصص من النفط.

وفي العاصمة الأردنية، عمان، تباينت ردود الفعل لدى شخصيات سياسية واقتصادية ونقابية أردنية حول ما نشر عن حصولها على عقود نفط خام من شركة النفط العراقية خلال الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة على العراق بعد احتلاله للكويت، ففيما استنكرت بعض هذه الشخصيات ما نشر في صحيفة «المدى» واعتبرته في عداد الحملة التي تشنها الدوائر الأميركية ضد من وقف مع الشعب العراقي ورفض الحرب عليه، اعترفت شخصيات اخرى بحصولها على مثل هذه العقود واعتبرت ذلك عملا تجاريا..

وقال فخري قعوار النائب السابق والكاتب الصحافي ان ما نشر حول هذا الموضوع «لا اساس له من الصحة.. وانما عبارة عن اتهامات لا ندري ما هي مبرراتها»، موضحا ان هذه الاتهامات «تعتبر محاولة لمعاداة الذين يقفون ضد الاحتلال الأميركي للعراق ويقفون مع المقاومة العراقية والاشقاء العراقيين ويتعاونون ويتضامنون معهم».

واضاف قعوار الذي عمل رئيسا لتحرير صحيفة «الوحدة» وشغل منصب رئيس رابطة الكتاب الأردنيين اكثر من مرة «ان هذه القصة مختلقة تماما ولا يوجد لها أي تبرير مقنع».

وقال «أتحدى أي جهة يصدر عنها مثل هذا الكلام ان تثبت ان لي أية علاقة بهذا الدعم العراقي المزعوم، علما بأن أي تعاون مع أي دولة عربية شقيقة لا يعتبر أمرا معيبا ومع ذلك أصر على طرح هذا التحدي».

واضاف قعوار انه «لذا كان هناك من يدعي ان لديه مبررا او اثباتا وثائقيا صحيحا فانني سأكون مضطرا لأن اسكت... الا ان هذا الامر لن يحدث».

اما المحامي وميض حسين مجلي فقد اكد ان «ما نشر ليس صحيحا ولا يمت للحقيقة بصلة». وقال «لقد كنت عضوا في الهيئة الشعبية الأردنية لدعم العراق وتزويده بالأدوية اللازمة.. وكنت وأعضاء اللجنة ندفع من جيوبنا لدعم العراق.. ومثل هذا الاتهام لا يستحق الرد عليه». اما رجل الاعمال فواز زريقات فقال انه حصل على عقود لبيع النفط الخام العراقي، موضحا انه كان يتعامل مع 15 وزارة ومؤسسة عراقية حيث كانت شركته تزود هذه المؤسسات بمعدات لصناعة النفط ومواد اولية لمصافي البترول.

وأوضح ان العراق لجأ الى التجار الصغار لتسويق النفط عندما امتنعت الشركات العالمية الكبرى عن تسويقه «وكان بامكان أي تاجر يدفع 10 في المائة من قيمة المبالغ المرتجعة للحكومة العراقية توقيع عقود لتسويق النفط»، مشيرا الى ان الحكومة العراقية «كانت تعطي الأولوية في ابرام هذه العقود لتجار وشركات من دول شقيقة وصديقة لأن اثمان النفط كانت تذهب لحساب الأمم المتحدة.. وكان أي تاجر يتقاضى بين 5 و10 سنتات للبرميل ليس من عائدات الحكومة العراقية وانما من هامش ارباح الشركات المشترية لنفط العراق او المتاجرة به.. وكان العراق يخص اصدقاءه بمثل هذه العقود لأن العمولات التي يتقاضاها التجار ليست من اموال الدولة العراقية».

وفي دمشق ابلغ رجل الأعمال السوري فراس طلاس «الشرق الأوسط» امس انه سبق لشركته ان اشترت نفطا من العراق وفق اتفاقية «النفط مقابل الغذاء». ونفى طلاس ان يكون قد حصل على أية كمية من النفط العراقي خارج هذا الاطار.