إسرائيل تشيد بجهود إيران وسورية في إقناع «حزب الله» اللبناني بإنجاح مفاوضات تبادل الأسرى

TT

عبرت صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني، أمس، بشكل سلس في جلسة الحكومة الإسرائيلية وخرج رئيس الوزراء الإسرائيلي، ارييل شارون، مسرورا لبروز أول موضوع يشغل بال المجتمع الإسرائيلي ووسائل الإعلام ويغطي على فضيحة الفساد المتورط فيها. وعملت الدوائر الرسمية ليلا ونهارا لإنجاز ترتيبات تنفيذ الصفقة وخصوصا إجراءات الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، إذ أن من المتوقع أن تعترض عائلات بعض ضحايا العمليات الفلسطينية على إطلاق سراحهم وتتوجه باعتراضات إلى المحاكم. ولهذا تقرر نشر الأسماء في أسرع وقت ممكن، وقد يتم ذلك مساء اليوم، كي يتاح لمن يريد الاعتراض، أن يفعل ذلك.

وكانت إسرائيل قد صادقت على المعلومات التي أدلى بها الوسيط الألماني، ارنست أورلاو، حول الصفقة بعد دقائق من إعلانه عنها مساء أول من أمس. ودخلت في مواجهة مع عائلات الجنود الثلاثة المخطوفين لدى «حزب الله» الذين يعتقد أنهم توفوا، فقد سمع أفراد هذه العائلات عن إتمام الصفقة من وسائل الإعلام. وأغضبهم ذلك وانتقدوا الحكومة التي تتعامل معهم بـ«قلب من حجر»، «فنحن ننتظر على جمر من نار أي بصيص من المعلومات، والحكومة لا تجد من المناسب أن تخبرنا شيئا».

وصباح أمس، أعلن شارون أمام جلسة الحكومة العادية، أن الصفقة أنجزت «تماما كما قررت الحكومة في جلستها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، باستثناء عنصر واحد. فبدلا من سمير قنطار، سنطلق سراح سجينين آخرين هما الألماني ستيفان مارك، الذي اعتنق الإسلام وكان قد اعترف بأنه انضم إلى «حزب الله» وجاء لينفذ عملية تفجيرية في إسرائيل، وسليم الفنتاري، وهو ملاح لبناني ضبط وهو على متن سفينة الأسلحة التابعة لحركة «فتح»، التي أرسلت من إيران وصادرتها إسرائيل في عرض البحر الأحمر. ومع أن التحقيقات الإسرائيلية أشارت إلى أن الفنتاري لم يكن شريكا في عملية تهريب الأسلحة، إلا أنها أبقته في السجن، عندما بدأت تتحرك المفاوضات مع «حزب الله» لكي تطلق سراحه ضمن الصفقة.

وأيد تعديل الصفقة 14 وزيرا وعارضها 3 والباقون امتنعوا عن التصويت. والمعارضون قالوا إنهم يتحفظون على الصفقة من أساسها، ولذلك لم يجدوا ضرورة في أن يؤيدوا إطلاق سراح الرجلين.

وخلال جلسة الحكومة، وبعد خروج الصحافيين، طلب شارون، من وزرائه أن يتواضعوا في التعامل مع هذه الصفقة «حتى لا تعطى أكبر من حجمها ولكي لا تساهم في رفع شأن «حزب الله» لدى الفلسطينيين وفي العالم العربي». وقال شارون إن هذه الصفقة تشكل مكسبا كبيرا لحكومته، إذ «أننا رفضنا بإصرار إطلاق سراح سمير قنطار، الذي قتل مدنيين إسرائيليين واضطر «حزب الله» إلى التنازل عنه أمام إصرارنا. واتفقنا على أن نطلق سراحه فقط في حالة الحصول على معلومات حول الطيار الإسرائيلي رون اراد ومصيره».

وكشف شارون لوزرائه أن سورية وإيران قامتا بدور بارز وجهود واضحة من أجل إقناع «حزب الله» بإتمام الصفقة. وأشاد بهذه الجهود، وقال إنه يأمل أن تكون تلك بادرة طيبة يكون لها ما بعدها.

ورحبت غالبية الإسرائيليين بهذه الصفقة، خصوصا بعد أن تضمنت ذلك البند عن رون أراد. إذ أن حديث الوسيط الألماني وكذلك تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، ورئيس «حزب الله» الشيخ حسن نصر الله تعتبر أولى الإشارات الإيجابية حول قضية أراد منذ سقوطه في الأسر قبل حوالي 15 عاما.

لكن أوساط اليمين المتطرف رفضت هذه الصفقة مجددا واعتبرتها «خنوعا للإرهاب». وقال رئيس حزب الاتحاد القومي، يوري شتيرن، إن حزبه (المشارك في الحكومة) يرى في هذه الصفقة «مغامرة جنونية من طرف إسرائيل، وخرقا فاضحا لمبادئ مكافحة الإرهاب، إذ أنها تقوي «حزب الله» في العالم العربي ولدى الفلسطينيين وتعزز ثقته بنفسه وبطريقته لخطف المزيد من الجنود الإسرائيليين». وقال النائب يولي أولشتاين من الليكود الحاكم ان «الثمن الباهظ الذي تدفعه إسرائيل في هذه الصفقة يفتح شهية الإرهابيين للمزيد من عمليات الخطف. وبما أننا لم نستطع ضم رون أراد إلى الصفقة، فإننا سنظل ندفع، وسيظل هناك سبب لابتزازنا».

أما في اليسار فقد ساد الإجماع على تأييد الصفقة، بوصفها عملية إنسانية من الدرجة الأولى هدفها تخفيف العبء النفسي على المواطنين. وكان هناك من انتقد التأخير في تنفيذها.

الأسرى الفلسطينيون يلاحظ أن هناك خلافا حول مكانة الأسرى الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم (وعددهم 400)، في إطار الصفقة. فقد قام حزب الله بطرح قوائم بأسماء بعضهم وقامت السلطة الفلسطينية بتقديم قائمة أخرى، لكن إسرائيل أبلغت الطرفين أنها تحتفظ بحقها في إقرار الأسماء بشكل مستقل، واعدة بأن تأخذ في الاعتبار تلك القوائم، وهي تشترط ألا يطلق سراح أسرى «ملطخة أيديهم بالدماء»، حسب تعبيرها (أي الذين اعتقلوا أو أدينوا بارتكاب عمليات أوقعت ضحايا من بين المدنيين الإسرائيليين). في المقابل اشترط «حزب الله» ألا يكون هؤلاء من السجناء الجنائيين.

وفي يوم أمس أعلنت إدارة السجون الإسرائيلية حالة الطوارئ، ووضعت قوائم القمع الخاصة على أهبة الاستعداد، لاحتمال تمرد الأسرى. فهي تخشى أن تسود حالة غليان في السجون نتيجة الاكتفاء بإطلاق سراح 400 أو نتيجة الاختيار الإسرائيلي لهؤلاء الأسرى أو حتى هناك احتمال للاحتفال بالصفقة. ففي كل الأحوال إدارة السجون قلقة، ولديها خوف من خطر خطف أحد المساجين رهينة، في هذا الوقت بالذات.