الساعدي القذافي: لم ألتق أي مسؤول إسرائيلي فلست مخولا لمثل هذه اللقاءات

قال لـ «الشرق الاوسط» : لدور الأمير عبد الله في حل لوكربي أثر كبير في نفوسنا.. ولولا جهوده ومانديلا لما رفع الحصار عن ليبيا

TT

بعد أكثر من ساعتين ونصف الساعة من الحوار والتصوير التلفزيوني المتواصل أمام كاميرات قناة «سي بي إس» الأميركية التي جاءت الى مدينة بيروجيا الايطالية حيث يقيم نجل الزعيم الليبي الساعدي معمر القذافي لاعب فريق بيروجا أحد فرق الدوري الايطالي الممتاز، استقبل الساعدي بابتسامته الودودة مندوب «الشرق الأوسط» موافقا على الادلاء بحديث لها هو ليس الأول. وعلى الرغم من إصرار الساعدي في كل مرة حاورته «الشرق الأوسط» أن يكون الحوار رياضياً قبل كل شيء اما في هذه المرة فلم يكن هناك بد من الحديث السياسي اولا ، خاصة بسبب ما تردد عن «لقاء سري» جرى في باريس بين أحد أبناء الزعيم الليبي ومساعد وزير الخارجية الاسرائيلي. وفي ما يلي ما قاله الساعدي القذافي عن ذلك اللقاء المزعوم وقضايا كثيرة اخرى:

* منذ وقت قصير سربت أطراف إسرائيلية نبأ لقاء سري جرى في العاصمة الفرنسية باريس بين أحد أبناء الزعيم الليبي معمر القذافي وأحد مستشاري وزير الخارجية الاسرائيلي فهل أنت المعني باللقاء..؟ ـ اسمح لي أن أقول لك في معرض هذا التساؤل انني لست المعني بذلك اللقاء، وأضيف لك انني لم ألتق في حياتي أي مسؤول إسرائيلي كان لا من بعيد ولا عن قريب، وأنا صريح جداً في ذلك، كوني لست مخولاً لإجراء مثل هذه اللقاءات إن كان لها أن تحدث.

* تعرف عنه إذاً..؟

ـ ليست لدي أي معلومات عن لقاء أحد أخوتي مع مسؤول إسرائيلي، وإن كان قد حصل من لقاء ما فهو قد يكون عن طريق المصادفة، في مؤتمر مثلاً، أو في حفل، لكن لقاء سري وجها لوجه.. ليست لدي أية معلومات من إخوتي عن ذلك.

* قبل ثلاثة أعوام من الآن وتحديداً في 13 يناير (كانون الثاني) 2001، أجريت معك حواراً اكدت فيه لزوم الانفتاح السياسي والاقتصادي مع الولايات المتحدة ، فهل كانت مجرد تنبؤات أم مخطوطة وضعت منذ ذلك الوقت؟ ـ نعم أذكر ذلك جيداً، ومن الطبيعي كانت الرؤية هي إصلاح الحال بعد فترة المقاطعة الصعبة التي عاشتها ليبيا طوال التسعينيات، وكان لازماً حل مشاكلنا مع محيطنا والعالم.. وفعلاً في ذلك الوقت جرى بيني وبين الوالد حديث مطول في هذا الشأن استخلصنا منه حل كل نزاعاتنا والعودة الى الاسرة الدولية .

* كيف تفسر قولك لي في ذلك الحوار أنك لا تريد عرباً في ليبيا، وبنفس الوقت كنت أنت الشخصية السياسية الليبية الوحيدة الذي تدخلت لتدفئة علاقات ليبيا السياسية مع السعودية؟ ـ قصدت وقتها الدول العربية التي لم تقف مع ليبيا في محنتها وليس لاخوة العرب الذين وقفوا معنا وعلى رأسهم السعودية.. فبفضل الله سبحانه وتعالى أولاً، وبفضل الامير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد السعودي تم حل قضية لوكربي وفك الحصار عن ليبيا، وكان لتدخل الامير عبد الله بن عبد العزيز وتبنيه للموضوع برمته أكبر الاثر في قلوبنا، لا سيما حرصه على أخذ الموضوع على عاتقه وقبوله أن يكون الوسيط بيننا وبين أميركا وبريطانيا نظراً لما تملكه السعودية من العلاقات الدولية المميزة، وكذلك نيلسون مانديلا، ولولاهما لما كانت لتلك الامور أن تصل الى فك الحصار وبتلك السرعة غير المسبوقة عن ليبيا وقتذاك.

* أعود من جديد الى سؤالي، فهل صحيح كما يشير البعض أنك الوحيد الذي لعب دور تدفئة العلاقات مع السعودية.. وقتذاك؟

ـ الحق يقال ان العلاقات الليبية ـ السعودية وقتذاك اعتلاها بعض الجفاء والتوتر، ولم يكن هناك مسؤولون ليبيون على مستوى عال لزيارة السعودية وبقي الحال على ما هو عليه.. حتى تلقيت دعوة الامير عبد الله بن عبد العزيز لزيارة مهرجان الجنادرية عام 1996 أو 1995 إن لم تخني الذاكرة، وفعلاً لبيت الدعوة والتقيت الامير عبد الله.. وقمت وقتها بنقل الآراء والمشاعر وكنت أتبنى كل هذه الامور حتى أن وصلت الى تبني السعودية حل قضية لوكربي. والآن ومن جديد عادت الامور للتوتر، الامر الذي أحزنني شخصياً بشكل كبير لكون الود والمحبة التي عرفتها على الدوام من الامير عبد الله بن عبد العزيز تجاه ليبيا والعروبة والاسلام، ولا أخفي بالمثل احترام القائد الوالد للأمير عبد الله، والذي يشكرعلى الدوام مواساته لليبيا في أزمتها ومحنتها ولا يتردد في ترديد مزاياه وغيرته على العروبة والاسلام التي يعرفها الجميع عنه، وأجدني حزيناً على معرفة هذا الود والنية الطيبة والصادقة بين الوالد والامير عبد الله في نفس الوقت الذي يعتري علاقاتنا الاخوية والشقيقة هذا التوتر، ومن هنا فإنني ومن جديد سأعمل ما يمكنني عمله لإزالة هذا التوتر بين البلدين الشقيقين.

* لكن كيف تفسر حادثة الاعتداء التي قاما بها ليبيان على الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي في القاهرة؟

ـ شخصياً، لا أفسرها، وإنما أسميها حركة جبانة وسخيفة بنفس الوقت .. الليبيان اللذان قاما بالاعتداء على الامير سعود الفيصل لا يزالان حتى الآن في مصر منذ وقت الحادثة، وإذا عادا الى ليبيا فإنني شخصياً سأطلبهما للتحقيق لمعرفة الدوافع والاسباب التي دعتهما للقيام بتلك الفعلة الدنيئة، وبالتالي فإن ارتكاب مثل هذه الافعال المشينة تواجه بعقوبات وقد تكون صارمة عند معرفة الاسباب التي قادت الى تخريب العلاقات بين دولتين شقيقتين وبين الاخوة. ولا أخفيك أولاً وعند اطلاعي على الامر حاولت تقصي الحقيقة، ونظراً لبعدهما لم أتمكن من الفهم الكامل، ثانياً أن الوالد ليس عنده أي خلاف مع الامير سعود فيصل، ولم يعرف عن الامر، أما إذا كانت هناك جهات خفية فيلزمنا معرفة من هي، أما لو كانا قد قاما بذلك تلقانياً عندها هناك عقوبات تستوجب هذه الفعلة المشينة المسيئة للاخلاق الاسلامية والرجولة، لانه إذا كان أي واحد محسوبا عليك ويقوم بعمل جبان فإنه يأتي في وجهك.

* هل تنوي زيارة السعوديةً؟

ـ عندما أريد الذهاب الى السعودية لا أقول إنني أنوي، لانني في أية لحظة يمكنني أن أذهب الى السعودية وكأنني في بلدي ليبيا، ونظراً لما يربطني بالأمير عبد الله والاخوة المسؤولين السعوديين.

* الانتقادات الموجهة لك في بعض الاحيان غير سهلة التقبل، خاصة عندما تظهر في مانشيتات الصحافة، واعذرني من توجيه هذا السؤال بطريقة مباشرة.. فهل سمعت بها أو في مضمون بعضها؟

ـ هناك انتقادات كثيرة مثلما هناك إشاعات أكثر أيضاً، لكن والحق يقال اعتدت على الجديد، فاذكر لي على سبيل المثال؟

* تلك التي تقول انك تركت ليبيا بسبب خلاف مع والدك الرئيس معمر القذافي، فهل هذا سليم؟

ـ لا بالعكس ليس هناك من هذا أبداً، وبالتالي حتى ولو كان هناك خلاف، فإن بر الوالدين لا يدعو حتى الى الجفاء في حال الزعل فما بالك بالرحيل، وهذا تعليم ديني الاسلام، ولطالما ذكرت لك فسأقول لك من الاول، إذ أنني بقيت وقتا طويلا أقنع القائد في إمكانية لعبي في نادي أجنبي حتى وافق، وبالتالي عندما أذهب في إجازة الى ليبيا ليومين مثلاً، فإنني أجد أنه يحاول برمجة لي بعض الاشياء للبقاء في ليبيا لوقت أطول. إذاً، ومن هنا فإنني عندما أنتهي من عقدي فسأعود الى ليبيا لمواصلة أي تكليف يوليني به.

* الكثير من المراقبين يرى في خطابات وجرأة شقيقتك عائشة وكأن هناك تطلع ما، وهل هذا يعني أنها ستلعب دوراً في المستقبل بالمقارنة مع سيف الاسلام؟ ـ والله أختي عائشة ذكية ما شاء الله عليها، ومثقفة تجيد الحديث بعدة لغات، وعندها بعد نظر، وعندها كذلك حب للجرأة والتحدي وأمثال ذلك، ويمكنها في المستقبل أن تحوز الخبرة وتتعلم من الحياة أكثر وتحوز ثقة القائد لطالما لا تزال في مقتبل العمر الآن، وأعتقد بأنه يمكنها أن تقوم في مهام يمكنها أن تساعد القائد في توجهاته السياسية.

* هل أنت سعيد في زواجك؟

ـ نعم والحمد لله الذي رزقني بإبني محمد وبعده طفلتي صفية، والوالد يحب محمد بشكل كبير، حتى أنه أخذ مكاني في قلبه.

* منذ أيام زار وفد الفيفا الاطلاعي طرابلس ، في زيارة مبرمجة للإطلاع عن قرب على المشروع الليبي لاستضافة كأس العالم لكرة القدم، فهل ما زلت مصراً على أن يكون الملف الليبي ـ التونسي محط الاهتمام في استضافة كأس العالم؟ ـ سأقول لك ان أقوى ملف بين الدول المرشحة هو الملف الليبي ـ التونسي، وبالتالي هناك قوة الاتحادات في جمع الاصوات الناخبة، وبالتالي فإن تونس ستدفع من عندها وليبيا ستدفع من عندها للحظي بالاستضافة.

* بالنسبة للمنشطات.. أنت صديق لماردونا المدمن وكذلك لبن جونسون الذي نزعت عنه ميداليته الاولمبية بسبب العقاقير المنشطة، وها أنت من جديد في دائرة الضوء على الرغم من أن العقوبة بحقك جاءت رحيمة، فقط ثلاثة أشهر..

ـ في بلادنا وكما تعرف عندما تعاني من ألم ويعطيك الدواء لا يقول لك الطبيب العام العادي ان في تركيبة الدواء مادة الناندرولون التي تعتبر مادة منشطة رياضياً.. وبالتالي فإنني كنت أعاني من ألم في ظهري إثر إصابتي رياضياً وعندما كنت في طرابلس في احدى إجازاتي، وإثر ألم لم أحتمله طلبت رؤية طبيب ووصف لي دواء. لكن لا أعتقد أن لمارادونا الذي كنت التقيته في آخر مرة منذ أن جاء الى طرابلس قبل عامين، أو بن جونسون الذي أشرف على تدريبي ثلاثة أشهر لاغير دورا في مثل هذه الحكايات.

* ما الذي جرى في كواليس ترشيحك لرئاسة الاتحاد الافريقي، وهل كنت الطعم السهل في أنياب مفترسي كرة القدم كما يقول الكثيرون؟

ـ نحن كليبيين كنا خائفين من الدفاع عن أنفسنا في ملف ترشيحنا لاستضافة كأس العالم، وصادف في نفس الوقت ان علاقاتنا مع اتحاد الكرة الافريقي لم تكن جيدة، ومن هنا نويت الترشيح رغبة بالسيطرة على اتحاد الكرة الافريقي، وبعد معرفة منافسينا بأننا نملك كل القوة لتلك السيطرة تغيرت المواقف، وكان الحديث بعد ذلك، أن هناك عرضا مقدم من بيروجيا.. يمكنني أن العب عاما واثنين وثلاثة وربما العودة والترشيح لرئاسة اتحاد الكرة الافريقي.. وفكرت بالأمر بعد ضمان دعم اتحاد الكرة الافريقي لملف الترشيح الليبي ـ التونسي المشترك لاستضافة كأس العالم لكرة القدم.