البنتاغون ينال موافقة مشرف على شن هجمات ضد «القاعدة» على الأراضي الباكستانية

واشنطن تبحث إقناع إيران بالمساعدة وآلاف من القوات الخاصة الأميركية يشاركون في الحملة

TT

كشفت مصادر عسكرية اميركية مطلعة ان وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) تخطط لشن هجمات ضد فلول تنظيم «القاعدة» وحركة طالبان على الاراضي الباكستانية بمشاركة الاف من القوات الخاصة الاميركية. الوزارة التي لم تعلن عن موعد الهجمات اشارت الى ان الرئيس الباكستاني برويز مشرف اعطى بالفعل موافقته على شن الهجوم انطلاقا من الاراضي الباكستانية، بعد ان كان رفض مطالب اميركية سابقة بهذا الخصوص، واكدت المصادر ان «البنتاغون» تبحث كيفية اقناع الحكومة الايرانية التعاون معها خلال العملية بمنع العناصر الهاربة من الاختباء في ايران. من جهة ثانية ذكرت صحيفة «شيكاغو تريبيون» الاميركية نقلا عن مصادر عسكرية مطلعة ان «البنتاغون» اعدت بالفعل خطة الهجوم في الاراضي الباكستانية ضد تنظيم القاعدة الذي يتزعمه اسامة بن لادن. وقالت الصحيفة ان هذا الهجوم يمكن ان يشن هذا العام، لكن موعده «سيحدد بدقة تبعا لتطور الاوضاع في المنطقة»، مشيرة الى ان هدفه الاساسي هو اعتقال بن لادن وكبار المسؤولين بالقاعدة اذا كانوا مختبئين في المنطقة الحدودية. واوضحت المصادر العسكرية للصحيفة ان الخطط التي اعدتها الوزارة تتضمن الاستعانة بوحدات خاصة ومجموعات كوماندوز تابعة للجيش، بالاضافة الى حاملة طائرات في بحر العرب، الامر الذي يعني ان الهجوم المرتقب لن يكون جويا فقط، بل انه سيتضمن كذلك هجمات برية لتمشيط المناطق الحدودية بين افغانستان وباكستان، حيث يعتقد ان عددا كبيرا من عناصر القاعدة وطالبان يختبئون بحماية القبائل الباكستانية التي تؤيدهم. واضافت ان آلاف الجنود ومعظمهم من القوات المتمركزة حاليا في افغانستان سيشاركون في الهجوم الذي سيشن بالتعاون مع القوات الباكستانية. واوضحت المصادر ان اوامر بالتخطيط لهذه العملية صدرت خلال الاسابيع الاخيرة ووضعت اللمسات الاخيرة على الخطة في 21 الشهر الجاري. على صعيد اخر كشفت الصحيفة ايضا، ان المسؤولين العسكريين الاميركيين يفكرون في الطريقة التي يمكنهم بها اقناع ايران بالتعاون مع الولايات المتحدة وباكستان لمنع مقاتلي القاعدة وطالبان من اللجوء الى اراضيها خلال العملية العسكرية التي ستشن ضدهم وفي اعقابها. غير ان المسؤولين لم يكشفوا ما اذا كانت هناك اتصالات سرية جارية بين ايران من ناحية واميركا وباكستان من ناحية اخرى بهذا الصدد.

اما في ما يتعلق بتجاوب مشرف، فقد قال مصدر عسكري اميركي ـ طلب اغفال اسمه ـ ان الرئيس الباكستاني اعطى الضوء الاخضر لشن الهجوم، موضحا ان الرئيس الباكستاني تراجع عن موقفه الاول بعد تعرضه لعمليتي الاغتيال الاخيرتين اللتين نسبتا لتنظيم القاعدة، الا انه لم يذكر كم من الوقت ستبقى القوات الاميركية على الاراضي الباكستانية وبالفعل كان مشرف قد اكد مرات عدة ان القوات الاميركية لن يسمح لها بدخول الاراضي الباكستانية لمهاجمة انصار القاعدة. واكد مجددا موقفه هذا في منتدى دافوس في سويسرا الجمعة الماضي، عندما رد على سؤال للصحافيين بهذا الصدد بقوله «لا يا سيدي، ليست هناك امكانية على الاطلاق لوجود قوات اميركية على الاراضي الباكستانية، ان هذا موضوع حساس للغاية لدينا». واوضحت مصادر مطلعة ان موافقة مشرف على دخول القوات الاميركية الى المنطقة الحدودية مع افغانستان وشنها هجمات هناك جاءت من ناحية بسبب المحاولتين الفاشلتين لاغتياله الشهر الماضي التي تورطت فيها عناصر من القاعدة وطالبان، ومن ناحية ثانية اشتداد معارضة قادة القبائل لاقتراحات حكومية بالاشراف على تدريس المواد الدينية في هذه المناطق التي تؤيد الاغلبية الساحقة من سكانها تنظيم القاعدة وغيره من المنظمات المتطرفة.

وكشفت المصادر ان هناك تباينا في وجهات نظر المسؤولين الاميركيين حيال العملية المزمعة، فبينما تميل وزارة الدفاع الى الضغط على اسلام اباد للمضي قدما في استقبال قوات اميركية على اراضيها، حذرت الخارجية الاميركية ومجلس الامن القومي الاميركي من تأثير العملية في نظام مشرف الهش اصلا، خاصة في ضوء التحديات المتزايدة من التنظيمات الاسلامية الراديكالية. واشاروا الى انه في حالة اطاحة مشرف فان النظام الذي سيحل محله سيكون عدوانيا ازاء السياسات الاميركية. واضافوا ان هذا الامر سيكون بمثابة الكارثة بالنسبة للحرب الاميركية على الارهاب، اذ ان باكستان تحتل المرتبة الثامنة بين اهم عشر دول تتعاون مع واشنطن في اطار الحرب على الارهاب، كما اشارت المصادر الى ان حياة مشرف نفسها ستكون على المحك ما لم يأخذ موافقة بعض القبائل النافذة على الحدود على العملية الاميركية ـ الباكستانية المشتركة. غير انها ذكرت ان واشنطن قد تضطر برغم كل المحاذير الى المضي قدما في خططها، ليس فقط لتأمين الاوضاع في باكستان، بل لمنع الهجمات المتزايدة التي تقوم بها فلول القاعدة وطالبان داخل افغانستان انطلاقا من الاراضي الباكستانية.